الدعاية الانتخابية في العراق بعين ثالثة
عبدالوهاب محمد الجبوري
بدأ 6172 مرشحا يمثلون 165 كيانا و12 ائتلافا سياسيا انتخابيا يوم الجمعة ( 12 / 2 / 2010 ) حملاتهم الدعائية للانتخابات التشريعية العامة التي ستجري في العراق في السابع من الشهر المقبل.
وأكد رئيس المفوضية العليا للانتخابات فرج الحيدري أن المشمولين بقرار هيئة المساءلة والعدالة لا يحق لهم البدء بالحملات الانتخابية ما لم تبت الهيئة التمييزية بقضاياهم ( التي يتت بأمرهم لاحقا وتم استبعاد الكثيرين ممن أطلق عليهم أنصار النظام السابق ) والغريب أن هؤلاء كانوا قد شاركوا في الانتخابات السابقة وفازوا وحكموا أربع سنوات فلماذا تتغير الأمور بهذا الشكل ولمصلحة من ومن الذي دفع الأمور في هذا الاتجاه ؟..
وحذر من أن المفوضية ستحظر مشاركة كل كيان سياسي في الانتخابات إذا ثبت تلقيه تمويلاً خارجياً لحملته الانتخابية !!!!!!!!. وأشار إلى أن قانون المفوضية يمنع أي تمويل خارجي خلال الدعاية الانتخابية ويعاقب عليه الكيان السياسي بالطرد من الانتخابات .، وردا على هذا نقول إن جميع الحملالت الانتخابية ممولة من الخارج ويكفي تلاعبا بالألفاظ والادعاءات الباطلة فكل الشعب العراقي يعرف هذا ..
ويبلغ عدد المرشحين المشمولين بإجراءات الهيئة نحو 510 مرشحاً فيما يبلغ عدد المتقدمين منهم بطعون بشأن تلك الإجراءات 177 بينما تم استبدال 262 مرشحاً منهم بمرشحين آخرين بعد رفض طعونهم..
وقال صالح المطلك ( المجتث والمبعد من الانتخابات بعد مصادقة المحكمة التمييزية على قرار الاستبعاد ) خلال مقابلة بمقر جبهة الحوار الوطني في بغداد (إذا مر هذا القرار علينا أن ننسى أن هناك مصالحة وطنية ستتم من خلال وجود هؤلاء الساسة على رأس العملية السياسية .. لا يمكن بوجود قرار مساءلة وعدالة ... وهو مساءلة وعداوة وليس مساءلة وعدالة لا يمكن أن نتخيل أن تكون هناك مصالحة وطنية).. وأضاف (أن ذلك القرار يتناقض مع العملية الديمقراطية في العراق) .. ونقول للأخ صالح المطلك أنت تعرف قبل غيرك .. ماهية العملية الديمقراطية في العراق وحقيقتها ومن يديرها وعلى أي الأسس ؟ .. أنت تعرف والشعب العراق يعرف أن المحاصصة والتمييز والاجتثاث والاستبعاد والطرد والتهجير والقتل على الهوية هي من ابرز سمات ديمقراطية العراق اليوم والتي أسس لها ويدعمها حاليا الاحتلال الأمريكي بالاستناد إلى مشروعه سيء الصيت ( الطرق على الجدران من أسفلها ) ومضى صالح يقول ( بالرغم من أننا لا نستغرب أن يصدر أي قرار سياسي مهما كان الجوهر الذي سيأتي من خلاله لكن سنكون محبطين... بشكل كبير جدا إذا صدر قرار ضدنا من محكمة التمييز (الاستئناف) أنا أقول لمحكمة التمييز وأقول للعراقيين كلهم إن أيادي جبهة الحوار الوطني وأفعال جبهة الحوار الوطني بريئة من كل ... الدم العراقي) ..
واستبدلت الأحزاب كثيرا من المرشحين المحظورين ورفع الحظر عن بعضهم ولم يتبق سوى 177 حالة في مرحلة الاستئناف. وأعرب المطلك وسياسيون آخرون عن شعورهم بالقلق بشان تزوير الانتخابات وهددوا بمقاطعتها إذا لم تضمن المراقبة الدولية نزاهتها..
من ناحية أخرى انتقد قيادي في الائتلاف الوطني العراقي عمل حكومة المالكي خلال السنوات الأربع الماضية، مؤكدا أن مؤسسات الدولة كانت تدار بنفس حزبي، ونقـــلت مصادر صحفية عن (حاكم الزاملي )المرشح عن الكتلة الصدرية في الانتخابات المقبلة أن السياسة التي كانت تدار بها مؤسسات الدولة -ومنها رئاسة الوزراء والوزارات- كانت بنفس حزبي، ولم يجر اعتماد الكفاءة والمهنية في اختيار الأشخاص الذين ينبغي أن يشغلوا هذه المناصب ، وأضاف أن أبناء الشعب العراقي غير راضين عن الأداء الحكومي؛ فهناك نقص في تقديم الخدمات وفساد إداري وعدم توفير فرص للعمل، الأمر الذي اوجد تذمرا لدى العراقيين من عمل هذه حكومة المالكي ..
يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي يتزعم حاليا حزب الدعوة الإسلامية، وقد رأس الحكومة بعد أن اختاره الائتلاف العراقي الموحد لهذا المنصب بعد انتخابات عام 2005 ، إلا أن حزب الدعوة لم ينضم إلى الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم اغلب الكتل التي أسست الائتلاف العراقي الموحد، وشكل بدلا من ذلك ائتلاف دولة القانون لخوض الانتخابات المقبلة..
ومع بدء الحملة الدعائية الانتخابية ، نجد في الساحة العراقية من يرفضها لأنها تجري في ظل الاحتلال ورعايته وتغطيته ويستند في قوله هذا على أن الأحزاب والكتل التي رشحت للانتخابات الجديدة هي نفسها التي حكمت العراق خلال السنوات الأربعة الماضية والتي لم تقدم حلولا للازمة في العراق ولم تحقق أي من أهدافها التي أعلنتها في برامجها السابقة ، ويرى أصحاب هذا الرأي أن الأمر سيزداد سوءا بعد الانتخابات القادمة ، وبالتالي سيبقى العراقيون من دون ضوء في نهاية النفق بل ويخشى هذا البعض أن تزداد الأوضاع سوءا ومأساوية لان نتائج الانتخابات ستكون قد أعدت سلفا لمن سيحكم العراق من جديد في ظل الاحتلال ..
فيما يرى المؤيدون للانتخابات وللأحزاب الحاكمة حاليا أن ما تحقق خلال السنوات الماضية شيء كبير في حياة العراقيين ويدعون ان الذين حكموا العراق قد استفادوا من تجربتهم في الحكم وسيقدمون المزيد من الانجازات لشعب العراق !!!!!!!
ومع بدء الحملة الدعائية للانتخابات وصف الدكتور علي التميمي هذه الحملة بأدق الوصف قائلا :
المنبوذ والموقوذ والنطيـحة والمتردية وما أكل السحت منها وثلة من المعروفين وقليل من المعتدلين ؟ تلك هي كانت كرنفالات الدعاية ألانتخابية صبيحة يوم الجمعة ( 12 / 2 / 2010 ).
ومما يستغرب له هذه الجدية غير المتوقعة ممن كانوا لا يحضرون جلسات مجلس النواب ؟؟ ... وممن كانوا يحبون السفر في بلاد ألاغتراب ؟ ولا زالت عوائل البعض منهم لا تعرف بغداد وتتأفف من حر ورمال العراق ولكنها في ألانتخابات تحب السباق ؟ وتشتهي البوسترات والصور التي تمتد بامتداد ألآفاق وتتدلى من أعلى البينايات وعلى مداخل ألأسواق ؟ كأنها لا تعرف كم من الفقراء في العراق ؟ وكم من مريض لا يجد من يمد له يد العون في معاناته مع المرض الذي لا يطاق؟ وكم من مهجر بات في الخيام يستحي من ألإملاق ؟ وكم من مواطن شريف لا يجد ما يستر به رمقه ورمق أطفاله الذين هم للشبع في غاية ألاشتياق ؟ وكم من يتيم يحزنه هذا التباهي بألا لوان الزاهية وهو يتحسرعلى قميص أبيض وحذاء مثل ما يلبـس بقية أقرانه لا مثل ما يلبس أبناء المسئولين في العراق ؟ ...
أيها الناثرون صوركم دون استئذان الشعب ويا أيها المبالغون في ألإعلانات الضوئية والخطوط الكوفية ووقفات الغنج ونظرات فيها لآشارات الجسد ألف رسالة غير مخفية ؟ ... ويا أيها الناسون حساب الرب ؟ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي ألأوتاد ودعايتكم ذات الورق الذي عن قريب يستحيل إلى الرماد ؟ هل تعتقدون أنكم تخدعون شعبكم بهذه ألأوراق وبالدفاتر الخضر من الدولار وبالابتسامات الصفراء التي لا تشفي صدور قوم زهدوا فيكم ونفروا منكم ويئسوا منكم كما المؤمن من الكافر وكما بعد الناسك من الفاجر ؟ فلماذا تشوهون الشوارع والجدران وتتجاوزون على القوانين وألانظمة وتريدون لأنفسكم أن تكونوا من المشرعين وأنتم ماهرون في التزوير وتغطية المفسدين والسكوت على المقصرين ؟.
في الدعاية ألانتخابية ... نفاق وكذب يملآ ألآفاق وتلون يسبق عهد العهود من تاريخ فرعون ونمرود وسنحاريب وسرجون وأصحاب ألأخدود ؟ وفيها من الرياء ما يعادل زيغ أصحاب موسى والذين عبدوا العجل من بعده بأربعين يوما ومن هؤلاء من يعبد العجل والجاموس بأربعين دقيقة بل وأقل من ذلك ؟ فمنهم من ناكثي المواثيق وخائني ألإخوة ومنهم من أصحاب الجفاء ؟ ومن في بطونهم نار الرياء ويحملون كل الدهاء والعنجهية وتصعير الخد ؟ ومط الشفتين ومن في شرم الشيخ يكثرون العدد ... ولا يتحرزون عن دفع الشيكات بالمدد وبالملايين وما وجد ؟ وشعبهم خاوي البطون ؟ وهم لا يحسنون الظن ومنهم من يجيدون المجون ؟ ولا يحبون السهر بالصفا والحجون ؟ وعندهم من ألاعيب السلطة كل الفنون ولكنهم ضعفاء مستضعفون أمام ريب المنون ؟ دعايتهم فيها من ألافك الشيء الكثير وبجنبهم أناس ينامون على الحصير ؟ في دعايتهم تناقض خطير فهي تجمع أضداد ألامس ومن هم لا يجيدون الترس ولكنهم أصحاب ألسنة حداد يسلقون بها خير العباد ويزوقون الحديث لمن هو من أصحاب عاد ؟ فهم لا يميزون بين ألأبيض والسواد ولا يعلمون ماذا تحت الرماد ؟ فقلوبهم هواء وصدورهم تغص بالكبرياء وهم يوم الجمع هباءا في هباء ؟ .
هؤلاء في دعايتهم يحيون سالف المبتدعين ويشابهون صورة المهزومين ويكتبون على أنفسهم عنوان الخائبين ؟ ...
في الدعايات ألانتخابية سوق للبضاعة الفاسدة وعلامات للتجارة الخاسرة ومعاني للترهل السياسي والرخص ألإعلامي ؟ وفي الدعايات ألانتخابية فرصة للتحليل النفسي ومناسبة لممارسة أشارات الجسد ولغته ذات المعاني المتصلة بالحركات وما في الوجه من تعبيرات وفي العينين وما لهما من بريق وما ينبعث حولهما من أشعاع الحريق ؟ في الدعاية ألانتخابية تتكشف أمور وتتعرى عورات ..... وتبتذل أستعراضات هي أقرب للسيرك ؟ .. فالبهلوانيات فيها غير خافية والفضائح فيها طافية ؟ ... ألاعتدال فيها قليل .. والصراحة فيها ما لها من بديل ؟ ولكنها في وسط الهرج والمرج تكاد لا تستبين للمراقبين ولا يعرفها ألا أهل اليقين الذين أكتفوا بالتواضع .. وحصول القناعة في القلب الخاشع ..... أؤلئك لهم قواعد شعبية تعرفهم بإخلاصهم للقضية .. وبحسن السلوك والابتعاد عن أبهة الملوك وحواشي النهم المملوك وشراهة الصعلوك ودهاء الذين لا يؤمنون بالفلك المملوك ؟ . في الدعاية ألانتخابية فضائح ... وفيها مبتذل المدائح ؟ وفيها من المغالات ما لم يكتب في البطائح ؟ .. وفيها ضحك على الذقون .. واحتقان المجون .. وازدحام المتون .. واستنهاض الفتنة بغباء واستبعاد الرحمة بانقطاع الرجاء ؟ وتلك نتيجة مخيفة تتجاوز كل أحابيل ألإرهاب واحتلال ألإغراب ؟