يا فرحتنا، فلسطين دولة مراقب!
د. فايز أبو شمالة
اليوم الخميس يلقي محمود عباس كلمته في الأمم المتحدة، ليصفق له العالم، وهو يتقدم بطلب للحصول على دولة في الأمم المتحدة لا صفة لها إلا مراقب، اليوم تنتصر فلسطين إعلامياً، فقد تصير مراقباً في الأمم المتحدة، ولكن لن يسمح لهذا المراقب أن يراقب مستوطناً يهودياً واحداً؛ ما انفك يستولي على أرض الضفة الغربية!.
اليوم يلبس الفلسطينيون أبهى حلل النصر، فقد تحدت قيادتهم الأزلية أمريكا، ولم ترتعب للغضب الإسرائيلي، ولعمري، إن هذا التحدي لأمريكا لهو نصر تاريخي للقيادة، وما على الشعب الفلسطيني إلا الخروج إلى لشوارع فرحاً وابتهاجاً للشجاعة الفائقة، وللقيادة الملهمة التي نجحت بعد أربعة وأربعين عاماً من قيادة العمل السياسي الفلسطيني، نجحت بالتقدم إلى الأمم المتحدة بطلب الحصول على دولة بصفة مراقب!.
ويا فرحتنا، إذا كان التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة للحصول على دولة لا صفة لها إلا مراقب، يستوجب كل هذه البطولة، فكم هي التضحيات التي تحتاجها القيادة الأزلية للحصول إلى دولة كاملة السيادة؟ علماً بأن 62% من الأرض التي ستقام عليها الدولة المراقبة قد صارت مستوطنات، ومحيط أمني للمستوطنات، وطرق التفافية تسهل وصول المستوطنين الذين تضاعف عددهم عدة مرات، حتى صارت لهم الأرض، ليصير للفلسطينيين دولة مراقب، دولة سخر من مستقبلها البائس"يوسي بيلن" أحد اليهود المهندسين لاتفاقية "أوسلو، فطالب القيادة الأزلية بالتحلل منها، لأنها صارت وباءً دمر أي احتمال لإقامة دولة حقيقية على الأرض.
ابتهجوا يا أيها الفلسطينيون، واهتفوا اليوم مثلما هتفنا لقيادة المنظمة سنة 1974، حين نجحت في دخول الأمم المتحدة بصفة مراقب، واهتفوا مثلما هتفنا في سنة 1988، حين تم الإعلان عن الدولة الفلسطينية في الجزائر، وقالوا: من يتواجد في التاريخ سيتواجد على الجغرافيا، فصارت الجغرافيا تاريخاً سنة 1993، حين هتفنا لاتفاقية أوسلو، وهتفنا للاعتراف بدولة إسرائيل مقابل الاعتراف الإسرائيلي بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، على أن تكون سنة 1999 هي الموعد النهائي للتفاوض على الدولة الفلسطينية، ولما صارت المواعيد عند "إسحق رابين" غير مقدسة، هتفنا لمؤتمر "أنابولس"سنة 2007، الذي حدد سنة 2009، موعداً نهائياً لقيام الدولة الفلسطينية، ولما لم تقم الدولة في الموعد المحدد، نسق سلام فياض مع الأوروبيين وأمريكا، وحدد سنة2011، موعداً نهائياً لقيام الدولة الموعودة، فابتهجنا، وهتفنا لذلك، ولما لم تقم الدولة حسب الوعد سنة 2011، هتفنا للتوجه إلى الأمم المتحدة لطلب دولة، ولما فشلنا، صار غاية منى القيادة سنة 2012، دولة بصفة مراقب!.
فاهتفوا يا أيها الفلسطينيون حتى تبح حناجركم، ولا تيأسوا، فطالما صار لليهود دولة على معظم الأرض الفلسطينية، فلم يبق لكم إلا السماء، هنالك تقيمون دولتكم، حيث لا قيادة أزلية لكم، ولا زعماء متفردين بينكم، ولا مسئولين يستمدون قوتهم من الدعم الخارجي، بلا رؤية إستراتيجية، وبلا تمسك بالثوابت الوطنية، وبلا إدراك للواقع، وبلا دربة سياسية.