السلام عليكم
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في توضيح المكان الصحيح لمنطقة الأخدعين
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ،
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله، و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.
أما بعد ،
فهذه رسالة قصيرة نحاول من خلالها دفع عدوان نزل علينا مثل الصاعقة ، و هو يختلف عن العدوان و الأذى الذي نتلقاه كل يوم من طرف الجهلاء و المستهزئين و المتهكمين ، و من بعض الأطباء الذين لا يلتفتون إلى سنة و هدي رسول الله عليه الصلاة و السلام ، كل شيء عندهم من الطب أخذوه من الغرب الكافر ، و لا تجدهم يذكرون طب رسول الله عليه الصلاة و السلام الذي لا ينطق عن الهوى ، و ذلك لجهلهم به و لاحتقارهم له ، و من المؤسف أن هذا العدوان جاءنا من رجل متكلم في الطب النبوي و في إعجازه العلمي ، و ينافح عنه و يدعو إلى الرجوع إليه لأنه أفضل من الطب الكيماوي ، و غير ذلك من الكلام الذي هو صحيح بطبيعة الحال ، إلا أننا فوجئنا عندما نصحنا بمسألة قد جانب فيها الصواب ، و قال لنا بأن نتقي الله ، و كأننا واقعون فيما يغضب عنا ربنا عز و جل ، و إن كان في هذه المسألة هو من يجب عليه أن يتقي الله لأنه يقول عليه بغير علم.
المسألة هي أن أحد الشباب الذين أجرينا لهم الحجامة و تحسن حالهم و الحمد لله ذهب ليستشير هذا الدكتور ، فلما رأى على جانبي عنقه آثار الحجامة قال له : قل لمن أجرى لك الحجامة أن يتقي الله ، الأخدعان في الرأس و تلك المنطقة خطيرة بها عروق ، و ما إلى ذلك من أمور تخوف منها ، و هذا ما دفعني لكتابة هذه الأسطر القليلة لدفع و صد هذا العدوان و توضيح المكان الصحيح للأخدعين ، و لو أن الأمر كما ذكرنا صدر من أطباء جاهلين بالطب النبوي لما التفتنا إليهم ، أما و الأمر متعلق برجل يدعو إلى الرجوع إلى الطب النبوي و يبين فصله و مزاياه من خلال المحاضرات و الندوات ، لكنه للأسف بعد تكلمه بهذا الأسلوب فقد تبين أنه بعيد كل البعد عن الهدي النبوي في الحجامة ، نعم نقول فقط في الحجامة و التي سنبين بفضل الله مدى مجانبته للصواب فيها ، و حتى لا نهضم جهده الواضح و الجلي في محاولة نشره للطب النبوي ، لذا آثرنا الرد عليه .
مما لا يخفى على العديد من الناس أن النبي عليه الصلاة و السلام قد حث على الحجامة و أوصى بها و احتجم في مواضع مختلفة من جسده الشريف ، و من أشهر المواضع : الكاهل و الأخدعان ، و نريد أن نحصر الحديث عن المنطقة التي أسيء إلينا من أجلها ، و هي منطقة الأخدعين .
نقول و بالله التوفيق : أولا هذه كلمة عربية ، لا بد و أن يكون لها مكان في القواميس و المعاجم ، جاء في المنجد و هو من أشهر المعاجم المتداولة بين الناس عامتهم و خاصتهم أن الأخدعين هما عرقين في صفحتي العنق قد خفيا و بطنا .
و في لسان العرب الجزء 8 الصفحة 66 : الأخدعان : عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق .
و جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود : " قال أهل اللغة : الأخدعان : عرقان جانبي العنق يحجم منه ، و الكاهل : ما بين الكتفين و هو مقدم الظهر "
و قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة الجزء 2 الصفحة 577 : الأخدعان : عرقان في جانبي العنق .
و قال الزجاج : الأخدعان عرقان في العنق
و جاء في كتاب الحجامة مفتاح العلاج في الكب البديل : الأخدعان جانبا العنق
و أختم الأدلة على المكان الصحيح للأخدعين بما كتبه عميد طب الأعشاب و عميد المعهد العربي للطب النبوي و علوم الأعشاب أبو الفداء محمد عزت محمد عارف في كتابه أسرار العلاج بالحجامة و الفصد : الأخدعان عرقان خلف العنق من يمينه و شماله.
أعتقد أن هذه أدلة قوية و واضحة و جلية في تحديد منطقة الأخدعين التي كان يحتجم عليها رسول الله عليه الصلاة و السلام ، و من باب الأمانة أريد أن أشير إلى أن هذين العرقين المارين جانبي العنق فإنهما متصلين بأسفل الرأس من اليمين و اليسار ، فسواء أن المرء احتجم عليهما من جهة رأسه أو من جهة عنقه فلا حرج عليه ، إلا أنه في العديد من الحالات يفضل إجراؤها من جهة العنق خصوصا بالنسبة للنساء ، فعوض أن تحلق المرأة جزءا من رأسها ( و الجميع يعلم مدى أهمية الشعر بالنسبة للمرأة ) إذا كانت تعاني من الشقيقة أو من أي مرض يستلزم الحجامة على الأخدعين فإنها تحتجم على عنقها ، و أيضا من الرجال من لا يرغب في حلق شعر رأسه لظروف خاصة به ، فعوض حلق بعض الرأس و ترك الآخر و هو ما سمى بالقزع ( و هو منهي عنه شرعا إلا لضرورة) فإنه يلجأ إلى الحجامة من جهة العنق .
أما بالنسبة للشطر الآخر من الرد، و هو أن المنطقة خطيرة و بها عروق و أوداج ..، نعم أتفق معك هناك عروق ، و كما هو معلوم فإن الحجامة لا تلمس العروق لا من قريب و لا من بعيد ، سواء كان ذلك في العنق أو في غيره من مناطق الجسم ، و للإشارة فإن الفصد هو الذي يعنى بالعروق ، و الأوردة التي أشرت إليها و التي إذا أصيبت لا يتوقف النزيف هي أوردة باطنة لا يمكن الوصول إليها إلا بالجرح العميق ، و المعلوم أن الجروح التي تحدثها الحجامة هي خدوش بسيطة على سطح الجلد ، و أيضا ثبت أن رسول الله عليه الصلاة و السلام احتجم هناك و الأدوات المستعملة آنذاك تقليدية و تفتقد إلى الدقة و الحدة المتوفرة في الأدوات المجودة بين أيدينا في هذا الزمان .
أتمنى أن يكون ما سطرت في هذه الرسالة قد وصل إلى من كانت له أدنى شبهة حول الحجامة على الأخدعين ، و أن لا يرجع الدكتور إلى الإساءة إلى الإخوة الذين يمارسون الحجامة النبوية ، و إن كنا غير معصومين من الخطأ و الزلل ، أما استعمال عبارة "أن يتق الله" في غير محلها فلا يجوز شرعا و لا عقلا ، و إن كنا نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من المتقين ، لكن السؤال المطروح هو : هل تقال لمن قام بسنة رسول الله عليه الصلاة و السلام أم لمن خالفها ؟
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلني و إياكم هداة مهتدين من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
عن
أخوكم أبو عبد الله عماد