ثماني أسيرات أمهات في سجون الاحتلال يتركن خلفهن 32 من الأبناء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام
لم يكن اللقاء عاديًّا بعد 9 سنوات تركت خلالها الأسيرة الأوكرانية الأصل إيرينا سراحنة طفلتها ياسمين، وهى لم تبلغ الثالثة من العمر بعد، لتعود وتراها وقد أصبح عمرها 12 عامًا تغيرت خلالها ملامحها وشخصيتها، حتى إن الأسيرة للوهلة الأولى جلست تحدق في طفلتها الصغيرة التي أصبحت صبية وهى لم ترها.
منذ أن اعتقلت الأسيرة "سراحنه" في أيار (مايو) 2002 انتقلت طفلتها ياسمين لتقيم مع جدتها في أوكرانيا؛ حيث إن والدها معتقل أيضًا في سجون الاحتلال ومحكوم بالسجن المؤبد، وبقيت الطفلة الثانية "غزالة" مع عائلة زوجها في بيت لحم.
مشاعر مختلفة ومختلطة جاشت في صدر الأسيرة عند رؤية أبنائها للمرة الأولى، وعاد بها شريط الذكريات إلى الوراء سنوات، قبل أن يفرق الاحتلال هذه العائلة السعيدة، ويلقى بكل جزء منها في مكان بعيد عن الأخر، ولكن هذا هو قدر الفلسطيني الذي يقاوم من أجل استعادة حقوقة ومقدساته من بين أنياب الاحتلال.
وقال رياض الأشقر مدير الإعلام بوزارة الأسرى والمحررين إن حال الأسيرة "سراحنة" يتكرر مع 7 أسيرات أخريات، هن أمهات، ولديهن أبناء ينتظرون بشوق ولهفة أن يقبلوا أيدى أمهاتهم في مثل هذا اليوم من العام الذي يصادف عيد الأم، ويقدمون الهدايا التي تعبر عن الحب والمودة على تضحياتهم الجسيمة من أجل أبنائهن، ولكن حواجز وقضبان الاحتلال حالت دون ذلك، حتى إنها حرمتهم من رؤية أمهاتهم في هذا اليوم الذي تكرم فيه الأمهات في كل بقاع الأرض.
8 أسيرات أمهات
وأشار الأشقر إلى أن الاحتلال يختطف في سجونه 36 أسيرة، بينهن 8 أمهات ولديهن 32 من الأبناء والبنات يعشن بين مرارة السجن وظروفه القاسية من جهة، وبين حرمانهن من الأبناء من جهة أخرى، وخاصة في ظل وجود 4 منهن يعتقل أزواجهن كذلك، والأسيرات الأمهات هن الأسيرة قاهرة سعيد على السعدي، من جنين ومحكومة بالسجن المؤبد 3 مرات، ومعتقلة منذ (7-5-2002)، ولها أربعة أبناء، والأسيرة إيمان محمد حسن غزاوى، من طولكرم ومحكومة بالسجن لمدة 13 عامًا، ومعتقلة منذ (8-3-2001)، وهى أم لطفلين، وزوجها معتقل أيضًا، والأسيرة إيرينا بولى شوك سراحنة، من بيت لحم، ومحكومة بالسجن لمدة 20 عامًا، ومعتقلة منذ (23-5-2008)، وزوجها معتقل أيضًا ومحكوم بالسجن المؤبد، وهى أم لطفلتين إحداهما تعيش مع جدتها فى مسقط رأسها في روسيا، والأسيرة لطيفة محمد محمود أبوذراع، من طولكرم وتقضى حكمًا بالسجن لمدة 25 عامًا، ومعتقلة منذ (10-12-2003)، ولها سبعة أبناء، وهى مطلقة وزوجها يعيش في الأردن، والأسيرة ابتسام عبد الحافظ فايز عيساوى، من القدس، ومحكومة بالسجن لمدة 14 عامًا، وهى معتقلة منذ (4-11-2001)، ولها 6 أولاد يعيشون مع والدهم، والأسيرة كفاح عوني جبريل، من رام الله، ومعتقلة منذ (1-8-2010)، وتخضع للاعتقال الإدارى لمدة 4 شهور، ولها اثنان من الأبناء، والأسيرة حنان أحمد علي الحموز، من بيت لحم ومعتقلة منذ (11-10-2010)، وهي أم لثلاثة أبناء، والأسيرة سمحة عبد القادر إبراهيم حجاز، من رام الله ومعتقلة منذ (6-2-2011)، وهى أم لستة أبناء.
أمهات مرضى
وبين الأشقر أن عددًا من الأسيرات الأمهات يعانين من أمراض مختلفة ولا تتوفر لهن الرعاية الطبية الكافية؛ حيث تتعمد إدارة السجن ممارسه سياسة الإهمال الطبي للأسيرات ومن بين الأسيرات الأمهات المريضات الأسيرة إيمان غزاوي، تعاني من ضيق في التنفس وأوجاع وآلام في الرأس والمعدة ووجع في المفاصل نتيجة ظروف السجن القاسية والإهمال الطبي المتعمد، ونتيجة التحقيق الذي تعرضت له عند اعتقالها لمدة شهرين كاملين في عزل الرملة والأسيرة لطيفة أبو ذراع (47 عامًا)، وهى أم لسبعة أطفال وموجودة في سجن تلموند وتعاني من وجود ألياف في الرحم وتخثر في الدم، وتحتاج لعملية في الرحم، وطالبت أكثر من مرة إدارة السجن بعرضها على طبيب مختص للاطلاع على حالتها وعمل الفحوصات اللازمة لها إلا أن إدارة السجن كانت تقابل دعوتها بالرفض، مما يعرض حياة الأسيرة للخطر.
وكذلك الأسيرة، قاهرة السعدي، من مخيم جنين، والمحكومة بالمؤبد و30 عامًا، تعاني من مرضٍ بالعينين و الأسنان و ديسك بالظهر، وهي أم لأربعة أطفال.
معاناة مضاعفة
وفى الوقت الذي تحتفل فيه أمهات العالم بعيد الأم، ويتقبلن التهاني والهدايا من أبنائهن، تعيش الأم الفلسطينية الأسيرة مع الحزن والألم والدموع وتحلم بيوم تتحرر فيه وتحتفل بهذا اليوم مع أبنائها وهي تحتضنهم وتتقبل منهم الورود في هذه المناسبة، وتعاني الأسيرات الأمهات حالة نفسية صعبة نتيجة القلق الشديد والتوتر والتفكير المستمر بأحوال أبنائهن وكيفية سير حياتهم بدون أمهاتهم، والأكثر قسوة بالنسبة للأسيرة الأم عندما يكون زوجها أسيرًا أيضًا؛ حيث يعيش أطفالهما دون رعاية، حيث هناك أسيرتان أمهات وزوجاهما معتقلان لدى الاحتلال، وهن الأسيرة إيرينا سراحنة، والأسيرة إيمان غزاوي.
كذلك تعانى الأسيرات الأمهات فى سجون الاحتلال من مشكلة صعبة عندما يبلغ أبنائها سن الـ١٦، حيث فى هذا السن يعتبرهم قانون الاحتلال بالغين ويجب عليهم الحصول على تصريح خاص لزيارة السجن.
وفي حالات كثيرة لا يحصلون على التصريح المطلوب وهكذا ينقطع الاتصال بين الأم وأولادها، كما في حالة قاهرة سعدي، حيث منع اثنان من أولادها من زيارتها منذ أن بلغوا ١٦ سنة. وإيمان غزاوي؛ حيث منع ابنها من زيارتها.
حتى في حالة حصول الزيارة فإنها تكون قاسية وصعبة لأن الزجاج يفصل بينهم وبين الأمهات ويجري الحديث بواسطة هاتف خاص بين الطرفين.
فالأم الأسيرة تعاني أقسى أنواع الحياة، ومحرومة من أبسط الحقوق التي نصت عليها الشرائع السماوية والأرضية، وكفلتها حتى الاتفاقيات الجائرة، وهي تعيش مرارة السجن ومرارة الحرمان من الأبناء والأهل، فحياة الأسيرات داخل السجون والمعتقلات الصهيونية مليئة بالمضايقات والاستفزازات، والحرمان حتى من الزيارة والعلاج و التعليم؛ حيث ما زالت إدارة السجون مستمرة في المماطلة بالسماح للأسيرات بالدراسة داخل السجن، وتحرم المريضات منهن من العلاج والرعاية، ويعاقبن بالعزل الانفرادي.
مناشدة
وناشدت وزارة الأسرى والمحررين المؤسسات الحقوقية والإنسانية، وخاصة المعنية بشؤون المرأة التدخل والضغط على الاحتلال، لإطلاق سراح الأسيرات الأمهات، حتى يعدن الى رعاية أبنائهن، وخاصة الأسيرات اللواتي يعتقل أزواجهن فى سجون الاحتلال، وكذلك العمل الجاد من أجل تحسين شروط حياه الأسيرات، وعلاج المرضى منهن، والسماح لهن بإكمال دراستهن وزيارة أبنائهن.