حتى متى
ماذا تقولُ
لروحِكَ الحيرى
على غُصَصِ العذابِ ؟!
أين تولِّي
من صهيلِ الدمِّ
وجهَكْ ؟!
حتى متى
تسعى إلى اللغو
وتُطعمُهُ أساكَ ؟!
حتى إذا
ما اشتدَّ ساعدُهُ
رماكَ
دمُّ الذين تُحبهم
يَدمىْ
وما ناعٍ نَعاكَ ؟!
***
ها أنتَ تُذبحُ
في فراشكَ
كلَّ يومٍ
ألفَ مرَّه
لا قرَّ للجبناءِ عينٌ
كلَّ يومٍ
ألفَ مرَّه
وِسادةُ الرَّدمِ
على جُرحيكُ
أحنى من وسادِكْ
نصلُ الشظيةِ
مُوغِلاً في القلبِ
أرحمُ من مهادِكْ
***
لو ذُقتَ طعمَ
الراحةِ الكبرى
على تلٍّ من
الأشلاءِ .. لو
لو ذُقتَ
طعمَ النومِ
تحت الردمِ
في أضلاعِ محرابٍ
تُروِّيهِ دماكَ
***
حتى متى
تحيا ولا تحيا
تموتُ ولا تموتُ ؟!
وتظلُّ تمشي
في منامكْ
في قبضةِ الكابوسِ
تصرخُ دونَ صوتِ
نَزِقاً تهِمُّ ولا تطيرُ
وتمدُّ كفَّكَ
لا تَطولُ ولا تُطالُ
وتُستجارُ ولا تُجيرُ
***
أوَ كلَّما زُفَّ
شهيدٌ تُحتضرْ
تتشهَّدُ ؟!
في نوحِ ثاكلةٍ
تمورُ ؟!
ها أنتَ تُقصفُ
في شمالِ الروحِ
في كبدٍ تهتَّكَ
من جَنوبكْ
كيف توحدَّتَ
بأرضكَ والسما ؟!
في هذه الأطلالِ
قلبُكَ ثاوياً
يطوي أنينَهْ
لو أنَّها
لَبِستْكَ دِرْعاً
وانطوتْ
هذى المدينهْ !!
مقطَّعُ الأوصالِ
ترمُقُها
بعينٍ من ضِمادِكْ
تبكي ويجلدكَ الضميرُ
***
مُحَلَّلٌ دمُنا
على كلِّ الشرائعْ
من الخفيفِ
من الثقيلِ
مُوزَّعٌ بين القبائلْ
تُسقى بِهِ الأنخابُ
دفَّاقٌ وسائغْ
أسخى من النفطِ
وأبخسْ
يراهنُ الأعرابُ
والأغرابُ
في نَهَمٍ إليهِ
يُراقُ من شَغْبٍ
ومن سَغَبٍ
ومن خوفٍ عليهِ
تحلو به الأعيادُ
تخضرُّ المواسمْ
يُباعُ يُشرى
علناً بأسواقِ المزادِ
سراً بردْهاتِ القصورِ
يُكرعُ دافئاً
وقبلَ الأكلِ
بعدَ الأكلِ
في كلِّ الفصولِ
والأماكنْ
تثغو له الأغنامُ
ترثيهِ الدواجنْ
ثمَّة قِطُّ يتمطَّى
فوقَ راحاتِ الضميرِ
متحضِّرٌ متبطِّرٌ
وسنانُ يرفِلِ
في مُلاءاتِ الحريرِ
جَروٌ فرنسيٌّ
تأنَّقَ كالجُمانِ
لو نالهُ وغْدٌ بضيقِ
لو مسَّهُ طفلٌ
بقارعةِ الطريقِ
***
أتُراكَ تأسفُ
لو تردَّى
كونُكَ المأفونُ
في شِدقٍ
لتنِّينٍ رجيمِ
أودتْ به ريحٌ
لعادٍ وثمودِ
من ذا يلومُكَ
في غدٍ
إذ ما عصفتَ
بقلبِ روما
وقذفتَ ماءَ النارِ
في الوجهِ الدميمِ
كم مرةً سقطَ القناعُ
رضيعةُ الذئبِ المخادعْ
ما زالتِ الأفعى تتابعْ
وتغضُّ طرفاً آثماً
تخشى على جزارِنا
من تخمةِ الإفراطِ
في أشلائنا
وتفضِّلُ الوجباتِ
طازجةً سريعهْ
وفق الظروفِ الممكنهْ
***
من ذا يلومُكَ
في غدٍ إذ تنثني
رأساً برأسٍ تجتني
تقتصُّ من دمٍّ بدمْ ؟!
***
أأنتَ أنتَ
قبل غزةَ
بعد غزه ؟!
إني أرى
في كُرةِ الدمِّ
رؤوساً أينعتْ
ودنتْ قطوفُ
هيهاتَ يخذلكَ الدمُ
هيهاتَ تكذبُكَ النعوشُ
للأمرِ تاليهِ فأقصرْ
هيئْ لمجزرةٍ كفنْ
أبعدَ يومِكْ
يُعبدُ في أرضٍ وَثَنْ ؟!
(نائلة الإمام – دمشق)