يقول شاعر تونس الخالد/ابو القاسم الشابى
ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ**** حَبيبُ الظَّلامِ، عَدوُّ الحياهْ
سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ **** وكفُّكَ مخضوبة ُ من دِماهُ
وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجودِ **** وتبدرُ شوكَ الأسى في رُباهُ
رُوَيدَكَ! لا يخدعنْك الربيعُ **** وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباحْ
ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام **** وقصفُ الرُّعودِ، وعَصْفُ الرِّياحْ
حذارِ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ **** ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ
تأملْ! هنالِكَ.. أنّى حَصَدْتَ **** رؤوسَ الورى ، وزهورَ الأمَلْ
ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ **** وأشْربتَه الدَّمعَ، حتَّى ثَمِلْ
سيجرفُكَ السيلُ، سيلُ الدماء**** ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ
انالحريه شىء جميل جدا والحصول عليها شىء صعب جدا وغالبا ما تكون الحريه محفوفه بالمخاطر لاننا منذ فجر التاريخ نبحث عنها فى اوطاننا ولا نجدها وحينما يعلو سوط الظلم والقهر فوق الرؤوس وتنسحب المعانى الراقيه من الحياه كالحريه والديمقراطيه وحريه الراى والابداع وغيرها من المعانى الراقيه ويجد الانسان نفسه مكبل بالغلال والقيود ومحارب حتى فى فكره وقوت يومه يفيض به الكيل ويتمنى الخلاص لما هو فيه ويتحول الكبت والاسى الى انفجار داخلى كبركان ويعلو صوت الغضب ومن هنا تنتج الثورات والثوره لا تكون ساعتها بلا هدف وانما تكون من اجل اهداف عده كمحاربه الفقر والفساد والطمع ومحاربه فئه غنيه تسلقت على اكتاف الشعوب المعدمه الفقيره
والحقيقه ان الثورات التى وقعت عبر التاريخ ما هى الا نتاج حالات عده من الغليان وكلها تتلخص فى محاربه الاستبداد باشكاله وانواعه المتكرره عبر التاريخ وهذا مما جعل المصلحين والمفكرين بل والشعراء فى العالم وعلى مدار التاريخ ينددون بالاستبداد والطغيان والاستبداد بالسلطه هو الذى ينتج الفساد وانعدام العداله ويعلى من شان الظلم وشعور الشعوب بالمهانه وانهم لا يمثلون الا حشرات عند حكوماتهم وهذا ما حدث ابان ثوره تونس ومصر والخلل فى كفقتى الميزان ياتى من هنا من اتساع الفجوه بين الحكام والمحكومين بين حكاما يعتقدون انفسهم لا يحاسبون وانهم صفوه الناس ومحكومين ضعفاء ليس بيدهم فعل شىء سوى الطاعه العمياء سواء برضا او بدون رضا
وحينما نبحث عن اسباب الثورات فى العالم سواء القديم او الحديث نجد اسبابا محدده ومكرره وعادله فالشعب لا يريد غير العداله والكرامه والحريه ولا يهمه الحديث فى امور السياسه والحكم بقدر ما يهمه تحقيق الكرامه والحريه والرفاهيه له وتلك حقائق هامه وقف عندها الباحثين والمفكرين قديما وحديثا مع التنبيه الى ان تلك المطالب الشعبيه التى تفجر مثل تلك الثورات هى من صميم التشريع الاسلامى بل ومن اولوياته اذ كيف تطلب منى ان اؤدى واجباتى الدينيه وانا لا اعبر عن راىى او انا طريدا مشردا فقيرا معدما لا ماوى لى ولا عمل ولا لا احترام لادميتى والانسان مكرم فى الاسلام اجل تكريم والحقيقه ايضا ان تلك الثورات تاتى غالبا بسبب الاستبداد السياسى وانعدام التوافق واتاحه الفرص واهمها ما ينتج عن ذلك من فساد واستحواز بصنع القرار وتحكم مجموعه من اللصوص فى امور الحكم والسلطه والعبث بالناس ومصالحهم وما نراه من بيع اراضى الدوله وانعدام العداله والقهر والبوليسيه واتهام الناس بالباطل والتزوير واشاعه الفساد اشياء تدعوا للغضب والثوره ناهيك عن استئثار جماعه بعينها بالمال والسلطه
والثورات تقوم دوما لخلخله تلك المفاهيم واعظمها التى تقوم باسلوب سلمى وحضارى كما حدث فى تونس ومصر وما يحدث فى مصر دليل على ان النظام كان فعلا فاسدا ظالما غاشما وتلك حقيقه لانها كانت دوله بوليسيه من الدرجه الاولى لا عداله ولا حريه ولا كرامه لاهلها ومن حرق نفسه من اجل التخلص من الحياه لانه لا يعرف كيف يعيش هو واهله فى ظل فقر دائم ومن يتظاهر من اجل العيش بكرامه مبررات واسباب صنعتها الحاجه
والثوره التى تقوم بتلك الطريقه المثلى هى ثوره ناجحه وتستحق التقدير والاحترام والاهتمام لانها ثوره تلبيه لشعور الشعب بالقيد والظلم وانعدام الكرامه والحريه
ان الشعب الحر هو الذى يثور على الاطماع والطغيان والفساد ولا يخاف واعظم شىء حققته الثوره المصريه الى الان هى كسر حاجز الخوف والصمت نعم هى ثوره فاجئت العالم ان الشعب الحر هو الذى يثور على الاطماع والطغيان والفساد ولا يخاف واعظم شىء حققته الثوره المصريه الى الان هى كسر حاجز الخوف والصمت نعم هى ثوره فاجئت العالم الحر لانها لم تاتى من رجال دين كنا نعتقد انهم المحرك لها ولم تاتى من رجال فكر او احزاب معارضه وانما خرجت من قلب الشعب ذاته بلا اجنده او حسابات ونتيجه لان الشعب مقهور وينتظر من يحركه خرج الشعب كله منددا بالفساد والطغيان معلنا نهايه الظلم والجبروت وزوال عهد المليونيرات الذين عبثوا بمقدرات الشعب والحقيقه ايضا ان تلك الثورات تعيش طوبلا ولا ينساها التاريخ بل وتحترمها جميع القوى العالميه بخلاف الثورات العسكريه التى فشلت فى تحقيق اى نجاح يذكر بل ادت الى اتنقسام وخراب كنا نعانى منه حتى الان ان الثوره الحقه هى التى تهدف الى الاصلاح واصلاح شامل ولا يهم ان يتولى قيادتها اى اشخاص الاهم ان تحقق الاصلاح المطلوب وقد حققت الثوره التونسيه والمصريه اصلاحات هامه لم تكن تتحقق ابدا فى ظل الطغيان الذى حاصرها ان محاربه الفقر والبطاله والظلم والفساد وانعدام العداله هى اولويات الاسلام العظيم ونبعت تلك الثوره المصريه والتونسيه من تلك التعاليم والافكار بطرق عفويه للغايه ولانها جاءت ببرامج ومطالب عادله كان لها بالغ الاثر فى نفوس الشعوب المقهوره والجديد ان تلك الثورات الهائله والعظيمه لم يكن لها قائد الا الشعوب نفسها بكافه اطيافها وذلك نجحت فو ان لها اجنده ما او نظمها جماعه ما لفشلت لكنها عندما توحدت وشملت مطالب عادله ولم تعرف الحزبيه نجحت واثرت فى العالم فرضخ لها الجميع فى انسجام وتالف مستمر ونزل الطغاه عن افكارهم بل واجبرتهم على تغيير الفكر والجوهر تبعا لمطالب الشعوب العادله اننا نفخر تماما بما احدثته الثوره التونسيه والمصريه من انجازات هى فى الاصل معجزات لانها انتصرت وغيرت الواقع اعظم تغيير ونفخر بما نسعى له دوما من اصلاح بالطرق السلميه الرائعه المتحضره نعم للثورات احيانا اخفاقات لكن انجازتها اعظم ومهمه ناهيك عن عدم احتماليه العوده لما كان قبل الثورات وتلك اهم حدث يذكر يا ساده اننا حينما نطلب الحقيقه لا نجدها لكن فى ظل التغيير والانجازات الى تحققها الثورات نجد المصداقيه والشفافيه واحترام الذات وتتضح معالم الصوره التى كانت مهزوزه بخلاف ما قبل الثوره ان المطالب الرئيسيه لاى ثوره هى القضاء على الفساد والاطماع والعداله فى توزيع الثروات والحريه والعيش بكرامه وتلك امنيات مشروعه انسانيا وحينما تاتى الثورات فى العالم تخرج لتلك الاسباب وانظر الى مصر بلد قوى غنى وشعبه لا يجد رغيف الخبز انها لكارثه وسلطه
ايها الساده/ان الحريه مطلب اساسى لاستمرار الحياه فمن دونها لا تستمر الحياه ومن المؤلم جدا على الانسان ان يعيش مقيد وقد خلقه الله حر طليق وتلك طبيعه البشريه ان تكون حره مختاره
ان تلك الحريه المرجوه والتى دعا لها غالبيه رجال الفكر والادب حينما تصطدم بالانكسار والمهانه تتلاشى بطبيعه الحال كما ان الحريه مطلب اساسى لاستمراريه الحياه لاننا بطبيعه الحال لم نخلق مجبورين فكيف تفرض علينا قوانين الاجبار وكيف نعامل كاننا خلقنا للطاعه العمياء دون مبرر
من الطبيعى ان يكون هناك حدود لتلك الحريه وبعض التنازلات حين نصطدم بالواقع العملى وتلك ايضا ليست فى الغالب تنازلات مجبره او مفروضه وانما تاتى من الطبيعه وايضا تفرضها الاديان وقبلها قوانين الاخلاق
وحينما يتحدث الفلاسفه عن حدود لتلك الحريه فهى حدود فى الاصل يفرضها العرف كما تتحكم فيها الحاجه قبل التشريع وانما التشريع او ما يعرف بالقانون ليس غالبا ملزما لاحد الا ان كان تشريعا صادرا من الله تعالى وحده حيث لا راد لقضاءه
والحريه حينما تصطدم بالطغيان وهذا معرض البحث تتعرض لاخفاقات وينتج عن ذلك الاصطدام الظلم والجبروت بل واختراع القوانين التى تدعم موقف الطغيان فى مواجه الحريه وانصارها
ان القارىء للتاريخ الاسلامى وهذا ما غالبا يعنينا لكوننا مسلمين يجد ان الحريه والديمقراطيه بل وحكم الشعب ليس لهم وجود الا فى عصور قليله ربطها البعض بعصر الرساله والخلفاء الراشدين
اما ما عداها من عصور فهى عصور طغيان واستبداد تنتابها احيانا ازمنه من الحريه والديمقراطيه لكنها ليست المثال المطلوب
ان علاقه الحاكم بشعبه ربطها الباحثين والمفكرين بالضروره ان تكون علاقه تسودها الحريه والديمقراطيه والشورى والعداله وذلك ما كان واقعا فى عهد النبوه والخلفاء الراشدين على قدم وساق وهو المثال والواقع وبعد تلك العصور الرائعه والتى تجلت فيها العداله واسس الحكم السليم رغم انه ليس هناك نظام حكم موحد فى الاسلام لكن اى نظام ياتى لا مانع منه انما الاصل فيها العداله والشورى ولا توجدد الحريه وحكم الشعب الا فى جو من العداله والشورى بطبيعه الحال
وحيث ان الطغبان الحاله المنعكسه للعداله وحكم الشعب فلم نجد تلك الحكومه العادله كما يراها الواقع الا قلبلا لانها كانت المثال وتم الخروج عنه حينما اصبحت انظمه الحكم تاتى بالتوريث والاحقيه بالخلافه مما قراناه عبر التاريخ من جرائم فى حق الشعوب بسبب الصراع على السلطه والناظر للتاريخ الاسلامى يجد ان اول من بذر عمليه التوريث والخروج عن المثال كان معاويه بن ابى سفيان رضى الله عنه حينما جعل الخلافه فى بنى اميه اذن من هنا تحولت انظمه الحكم من خلافه قوامها الشورى والحريه والعداله الى ملكيه مستبده وتذكر لنا كتب التاريخ المعتمده صورا من ذلك الطغيان الذى تشيب له الرؤوس والصراع المستميت من اجل السلطه والمال ومتاع الدنيا حتى نظن ان تلك الحقبات لم تعرف الاسلام اصلا لكن نعود ونقول ان المساله تتعلق بتفسيرات وتاويلات لنظم الحكم لاننا قلنا من قبل ان الاسلام لم ينص على نظام معين للحكم فجاءت الاجتهادات لكنها كرست لمبدا القهر والظلم والطغيان والاستبداد وذلك من الناحيه المدنيه طبعا لا الدينيه فالفرق كبير بين الطغيان المدنى الذى تعتريه الاجتهادات والتاويلات كل بحسب ما يراه وبين الطغيان الدينى وهذا ليس معرض البحث
والشعوب حينما تبحث لها عن مخرج للتنفس تجد الطغيان يحاصرها ولم تكن الوسائل المتاحه حاليا كالعصيان المدنى او غيرها من وسائل الثورات متاحه او معروفه قديما وكان النزاع المسلح هو الاساس ومن هنا ترسخت فكره الطغيان فى اول خروج عن الديمقراطيه وحكم الشعب التى فرضها النبى والخلفاء الراشدين من بعده فقد اعتلى معاويه المنبر ليقول(اما بعد فانى والله ما وليتها منكم بمحبه علمتها منكم ولا مسره بولايتى ولكنى جالدتكم بسيفى هذا مجالده)(العقد الفريد لابن عبد ربه)
وقال ايضا(ايها الناس اعقلوا قولى فلن تجدوا احدا اعلم بامور الدنيا والاخره منى))(البدايه والنهايه لابن كثيرج8ص134
ولو نظرنا فيما قاله امير المؤمنين معاويه لكشفنا عده حقائق انه يصرح علنا بانه تولى الحكم رغما عن الشعب بل يجاهر بانه حارب من اجل الحكم وليس بالشورى وصرح ايضا بكرهه العميق لشعبه وانه اعلم منهم جميعا بامور الدنيا والاخره وانه ايضا اشهر سيفه فى وجوههم متحديا اياهم وتلك قمه من قمم الطغيان عرفها التاريخ وبدا عصر الاستبداد علنا وظل الناس وهم الشعب يحكم بلا راى لهم ولا حريه ولا عداله واختلف المثال الذى عهدناه فى الخلفاء الراشدين وحكمهم الرشيد العادل الديمقراطى تماما وانقلب الحال وبطبيعه الحال تتدخل النغمه الدعائيه من البهرجه والتدليل الاعلامى على ان الامويون احق بالخلافه بل ووضعت الاحاديث الكاذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لتدعم ملكهم من قبيل انهم احق بالخلافه وغيرهاوتبارى الشعراء فى مدحهم وتكاتفت كل اجهزه الاعلام الحكوميه لدعم وتدعيم هذا الملك الجديد كما نرى فى العصر الحاضر من اعلام الدوله الرسمى حينما يفخم ويضخم من الحاكم واعوانه
وينحصر الناس مابين تلك الوسائل من القمع والارهاب والطغيان وتتوالى المصائب ويتولى يزيد وغيره من بنى اميه والواقع لا يتغير رغم الثورات التى حدثت فى ذلك العصر من ثوره الامام الحسين وغيره الا ان الواقع لم يتغير وظل الطغيان على ما هو عليه لقد حدثت الفتن فى ذلك العصر وانتشر الفساد والظلم وتوالت الانهزامات للحريه والديمقراطيه على ما تؤكد كتب التناريخ والحقيقه اننا لا نؤرخ لبنى اميه او غيرهم ولكن نذكر فقط صورا من ذلك الطغيان السياسى الذى يتطلبه البحث
وليس العصر الاموى فقط بل والعباسى ملىء جدا بنظم الطغيان والاستبداد وحكم الفرد واهمال حكم الشعب والخروج على المثال وعصور اخرى تتوالى من الفساد والاستحواز بالسلطه والجبروت
وتلك الاصول للحكم من الطغيان تجعل هناك اصواتا تدعوا للثوره والانقلاب على الوضع القائم وتلك طبيعه فطريه تفرضها الحاجه كما حدث فى عهود الامويون والعباسيون وغيرهم
لكن السؤال الهام لماذا ذلك الطغيان وما تنتجه من ثورات تهزه وتسقطه الحقيقه ان طبيعه العالم لا تعرف شكلا واحدا من الحكم بل وترفض ذلك فنجد ان الثورات فى عالمنا الاسلامى بل والغربى خرجت غالبا من الشعب ومن اجل اهداف محدده وواضحه لا غنى عنها كالثوره الفرنسيه وغيرها وتبارى الفلاسفه من انشاء مصطلحات للاحلال وتجديد الخطاب الثورى والاجابه المقنعه الى حد ما ان الاستبداد حينما يطول يجب له من وقفه ورادع ويكون غالبا بعنايه من الله سبحانه وتعالى
لكن الاجابه الاكثر اقناعا انه طالما هناك اتفاق غير مكتوب بين الحاكم والشعب على الاخذ بعين الاعتبار فى تحقيق مطالب الشعب ومشاركته الحكم عن طريق نوابه مشاركه حقيقه وليست مزوره ومن خلال تلك المشاركه الفعليه التى تليها محاسبه الحاكم او نواب الشعب عن اى تقصير يقومون به امام هيئه رقابيه مستقله تدعم حق الشعب وكذا تتيح الفرصه للحاكم بالدفاع هنا تتوحد وتصطف المطالب بل وتتحد فى تناغم مدهش
فلابد من ان يختار الشعب من يحكمه بمنتى الشفافيه وان يختار نوابه ايضا بنفس الطريقه وتدعم اساليب الحريه والحوار والتعدديه وتفرض العداله والشورى بل وتقنن القوانين للمحاسبه
لا فرق هنا بين حاكم ومحكوم وتلك الاشياء خرج بها المفكرون بعد بحث مضنى وطويل وكلها تنصب فى النهايه على ان يحكم الشعب وما الحاكم الا منفذا لمطالب الشعب بشفافيه وبمنتى العداله وقد بلور البعض تلك البنود من حكم الشعب فى قوانين كمن راها كعقد اجتماعى بين الشعب وحاكمه ومنهم من راها فى الديمقراطيه ومنهم من راها فى تنظيمات ومؤسسات تتبادل فيها الاراء حول كيفيه تنظيم حكم الشعب والهدف الحقيقى وراء ذلك تحقيق المصلحه للشعب فى ظل حكم ديمقراطى عادل يراعى فيه الحريه والعداله والمساواه على اساس من الشورى
ان حكم الشعب هو الاصل وغير ذلك اشكال لنظم الحكم ففى النهايه يكون القرار للشعب وصناعه القرار بيده وتلك هى الحريه والديمقراطيه المنشوده
يقول الفيلسوف جون لوك(يبدا الطغيان حينما تنتهى سلطه القانون)(فى الحكم المدنى فقره 202
والطغيان نابع من الاتفرد بالسلطه وعدم مشاركه الشعب فيها والحقيقه ان الانظمه الفاسده او المستبده تفصل القوانين على مزاجها وبما يتناسب معها ومع مصالحها بحيث لا تصطدم بالشعب ولا تهتم كثيرا بالمعارضه او القوى المناوئه لها وتلك حقيقه اثبتها الواقع وتاتى مقوله جون لوك السابقه صادقه الى حد ما فحينما تنتهى سلطه القانون يبدا الطغيان فما بالك من طغيان اصلا موجود وقائم بوجود القانون تكون الكارثه اكبر وقعا على النفس وعلى الشعب وهزيمه لكل القيم النبيله كالحريه والعداله والمساواه وغيرها من داعئم الحكم الحر العادل الذى من المفترض ان يشارك فيه الشعب دون هواده
والثوره تاتى من هنا حين يستغل او يساء استغلال القنون لصالح فئه ما بعينها ويتلاعب به اشد التلاعب هنا فقط تتراجع وسائل الاعتراف ويبدا عهد من السخط والرفض التام لنظام الحكم
وليس فقط القانون والعبث به من يدعوا لاحداث الثورات وانما عمليه الكذب والنفاق المحلى فى وسائل الاعلام وتلميع صوره الحاكم لمصلحه فئه ما تريد بل تسيطر وتهيمن وتلك ما يخلق الغضب والاشمئزاز عند الشعب
والغريب ان النظام الفاشل هو من يسعى لذلك وليس الديمقراطى
فنحن لم نشاهد ذلك الطغيان فى الدول الغربيه مثلا فانت هناك تستطيع ان تحاسب رئيس الدوله وتقاضيه اما فى الشرق فما زالت الموروثات الشعبيه تسيطر على العقول رغم دخول الاسلام وانتشاره وهو الدين الوحيد الذى من اصوله الديمقراطيه والعداله والحريه والمساواه حتى بين المسلم والكافر(وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مامنه)ان تلك الايه العظيمه ترسخ لما نقوله وتؤكد ان الاسلام جاء داعيا للحريه والكرامه والعداله والشورى واحترام الاخر ولقد فهم الغرب الاسلام على حقيقته وطبقوه ونحن لم نفهممه وما زلنا متمسكين بموروثات شعبيه باليه من زمن الفراعنه والحاكم الاله
والحقيقه ان حكم الشعب هو الاساس بل ومصدر السلطات لان الطبيعى ان الحاكم ينتخب من قبل الشعب فيجب ان يلبى الحاكم مطالب من انتخبوه والا شرع الخروج عليه وعزله وتلك نظريه ماخوزه فى الاعتبار فى الفقه الاسلامى وليس كما قال البعض من المفسرين كابن كثير وغيره انه لا مانع من حكم فاسق كيزيد بن معاويه ولا يحق الخروج عليه ويتذرعون بالقول من ان الخروج عليه يعنى خلق فتنه تلك اوهام وكلمات ليس لها اساس من الصحه وليس من الاسلام فى شىء
وحينما نتكلم عن الثوره وحكم الشعب فهذا بالضروره ياخذنا لطبيعه تلك العلاقه التى تحدث الثوره وهدفها تصحيح الاوضاع والاعاده بها الى مسارها الطبيعى وهو حكم الشعب لا الفرد العداله لا الظلم الشورى لا العبثيه المساواه والحريه لا الاسئثار بالمال والسلطه والقرار وحول تلك الطبيعه واساليبها والعلاقه المفروضه اسباب الثوره عليها
قلنا اكرمك الله واسعدك فى الدنيا والاخره ان الثوره لا يكون لها مبررات واهداف الا اذا اصطدمت بالسلطه وتلك حقائق تاريخيه واثبتتها الثورات العديده على مر التاريخ كالثوره الفرنسيه قديما والثوره التونسيه والمصريه حديثا والحقيقه ان الثورات عموما لا تاتى الا لاهداف وغالبا ما يكن لها مبررات نبيله وعظيمه وعادله
ولو بحثنا فى الجذور لتلك الثورات لوجدنا ان السلطه دوما هى التى تجعل من الشعوب تصنع الثورات فكان فعل السلطه هو المبرر الاساسى لحدوث مثل تلك التغيرات ومن هنا يحدث الصدام المتوقع وذلك نتيجه لسوء استخدام السلطه او تفردها بصنع القرار وعدم احترامها لشعوبها المطحونه عاده
يقول الشاعر الاسبانى لوركا(ما الانسان دون حريه يا ماريانا قولى لى كيف احبك اذا لم اكن حرا كيف اهبك قلبى اذا لم يكن ملكى)تلك هى احلام الشعوب التى يعبر عنها لوركا ويعبر عنها غيره ولو لم تكن الحريه هى الغايه لم تكن الثورات
لقد حاول المفكرين من ايجاد حل لمساله السلطه وحب الكرسى فلم يجدوا وبدا انها عبوديه تتوارث
لكن السؤال الملح لماذا دوما السلطه تصطدم بالشعب الحقيقه ان الاجابه تبدوا سهله لكنها فى غايه التعقيد عند البحث والتانى بمعنى ان الواضح ان للشعب مطالب والسلطه لا تسعى لتلبيتها على النحو المرضى لذلك فالشعب يثور ناقما على السلطه وقد يتحول الاضراب الى ثوره مسلحه كما حدث فى عده دول كالجزائر مثلا لكن الواقع يقرروالقارىء للتاريخ يقرر ان الصدام السلمى افضل وانجح والعلاقه لابد ان تكون على درجه من الوعى فالمساله او الحرب العسكريه اثبت التاريخ انها لا تحقق النتائج المطلوبه فما حدث فى الجزائر او افغانستان او غيرها من البلاد عبر التاريخ والعصر الحديث يؤكد انه الصراع المسلح اثبت فشله فشلا ذريعا اذن جاء الحل السلمى والمتطور الذى رايناه فى ثوره تونس ومصرمن ان الشعب الذى اختار حاكمه بات رافضا له ناقما عليه ويريد له الرحيل وذلك مطلب ضرورى
الحقيقه انه فى ظل النظم الديمقراطيه يجب توافر عده شروط
اولها الاختيار /اى ان الشعب هو الذى يختار رئيسه دون تدخل او تزوير او فرض الامر الواقع
ثانيا/ان يكون الشعب هو مصدر السلطات بالاضافه الى تحكيم التشريع الاسلامى وتلك حقائق لكن لا يكون الحاكم رجل دين بل مدنى له خبره بشؤن الحكم والسياسه
ثالثا/ان تكون فتره الحكم مرتين لا ثانى لهم
رابعا/ان تعمل سلطه القانون وتدعم مبادىء المواطنه والحريه والمساواه والعداله والشورى كما يفرض مجلس للاصلاحات السياسيه والقانونيه
خامسا/استقلال السلطه القضائيه عن الدوله مع تكوين سلطه عليا منها لمحاسبه اعمال السلطه التنفيذيه ومراقبه اعمال وسياسات الحكومه والرئيس اول باول
ساادسا/الامن الداخلى او الشرطه لا تتدخل فى عمل المواطن ولا تفرض عليه معوقات بل هى خادمه للقانون وللشعب
سابعا/انشاء مجلس يتكلم باسم الشعب كالبرلمان وتكون العضويه فيه بالانتخاب ويتم تعيين الوزراء لاى حكومه من قبل مجلس الشعب المنتخب والبرلمان يراقب اعمال الوزاره ولا يصنع القوانين وليس هناك حصانه لاعضاء البرلمان ولا للوزراء وكل يقدم للعداله ان اخطا عن طريق مجلس مراقبه القوانين وتنفيذها
ثلمنا/الشورى مبدا عام فى الدوله فيجب وضع علماء دين وغيرهم من ذوات الفكر والعلم فى المؤسسه التنفيذيه وباتوا بالانتخاب لا التعيين لتحقيق اكبر قدر من التوازن ولتحقيق العداله فى جميع القطاعات
تاسعا/امن الدوله جهاز مستقل وخاص بقوانينه مراقب من السلطه التنفيذيه لا يتعدى الى المواطنين كما ان الجيش مستقل لا يتخل الا لصد العدوان الخارجى والحفاظ على امن الوطن من العدو الخارجى ولا يجوز مشاركته فى الحكم فله الاستقلال التام
عاشرا/تتاح فى الدوله الجديده الديمقراطيه حريه الفكر والراى والابداع وانشاء التعدديه السياسه والحزبيه وتشارك الاحزاب فى صنع القرار كغيرها من المؤسسات كما ان ينشا مجلس لمحاسبه عمل الاحزاب والوقوف على اخطائها وانجازاتها فى تنميه المجتمع فكريا وسياسيا
الحقيقه ان الاهداف السابقه يليها اخرى لكنها الاهم
والحقيقه ان الحكم ليس للحاكم وانما لابد ان يكون باسم الشعب والشعب اى الامه والامه لا تجتمع على ضلاله ابدا ثم ان الاسلام وهو الدين الرسمى لاى دوله اسلاميه يجب ان تؤخذ القوانين منه وتفرض على الاقليات الاخرى بحكم ان الاسلام هو اصل جميع الاديان وهو مفروض من الله تعالى وهو اخر الرسالات فلا اعتبار لاى اعراق او ديانات اخرى وتعامل من منطلق مبدا المواطنه والحقيقه ان تلك المساله معقده عند الباحثين فهل يعتبروا قله ام اهل ذمه الواقع يفرض ان تلغى حكايه اهل ذمه لان زمن تلك العبارات انتهى والافضل عباره اقليه سواء كانوا نصارى او يهود لكن لابد ان يتحاكموا الى قانون الاسلام
اننا دخلنا فى امور سنفسح لها مجالا اخر والاهم هنا توضيح حقيقه هامه تطلبها البحث هى ان الشعوب المقهوره يجب ان تجدالها مبرر لثوراتها ومبرر عادل وغالبا ما يكون بسبب الطغيان الذى يؤدى الى صدام واقع لا محاله مع الشعب
والشعب حاليا سواء المصرى او التونسى او غيره بدو على الساحه اكدوا جميعا بما لا يدع مجالا للشك انهم شعوبا واعيه مثقفه وانه ليس بحاجه لحملات توعيه دينيه من نوع افعل ولا تفعل وهذا حلال واخر حرام لانهم ادركوا اللعبه فالكل يبحث عن مصلحته حتى لو كانت على حساب الدين لانه ببساطه حينما ينتهى الظلم وترسخ للعداله سوف ينصلح حال الشعوب دينيا بلا حملات توعيه تتسلق لكسب المال والشهره
ان الطغيان بانواعه يؤدى الى الثوره والثوره دوما تحقق اهدافها وغالبا ما لا يفطن الطغاه لحقيقه هامه وهى تحقيق المطالب والمطالب غالبا ما تكون توفير جو من العمل والكسب والحريه والعداله وتلك مطالب قلنا انها عادله لكن الحكام لا ينظرون الا لخزائنهم ومصالحهم والحقيقه ان الطغاه لا يفكرون فى عمليه الموت والحساب التى يفكر فيها الرجل العادى الفقير المتواضع وانما لا يعملون لاخرتهم بل لا يهتمون بمثل تلك التفاصيل الصغيره وانما الاهم عندهم هى الدنيا وتحقيق اكبر قدر من الثراء ولا يهم ان تكون الثروات لهم ام لغيرهم المهم تحقيق تلك الاطماع ومص دم الشعوب باى شكل وتاليههم الم يقل فرعون(ما علمت لكم من اله غيرى)تلك حقائق لكن الرجل العادى يفكر جيدا فى الحساب والموت ويوم القيامه لان الله تعالى ما زال فى حساباته واولوياته ام الحكام فليس عندهم شىء اسمه الله تعالى وليس يهمهم الا انفسهم فحسب وتلك هى المشكله بل الادهى من ذلك انهم يشترون كل الافواه والعقول التى تؤكد للشعب ان الحاكم ظل الله فى ارضه وانه يحكم بامر الله وان حكمه عادل لا محاله ونجد ذلك من رجال دين وفكر وسياسه ويسخر الاعلام من اجله ومن اجل انجازاته وحكمه الرشيد وان الشعب لابد ان يموت ويباد لانه لم يعرف قيمه حاكمه العادل العظيم الذى يوفر له كل شىء والشعب متمردوساخط من اجل لاشىء
ان الثورات تاتى من ذلك السخط العادل لكن الطغاه لا يفقهون
:b11:
__________________