بسم الله الرحمن الرحيم
التخابر مع الأعداء ضد المسلمين كفر صريح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
إن التخابر والتعاون ومظاهرة الأعداء على المسلمين من عظائم الأمور في الشريعة الإسلامية، بل هي من صور موالاة الكافرين التي تنقل صاحبها من مربع الإيمان إلى دائرة الكفر البواح لقوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ"، فهذا النص الشرعي يدل دلالة قاطعة على حرمة التعاون مع الأعداء ضد المسلمين، أضف إلى ذلك العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي نهت عن التجسس على المسلمين، ومنها قوله تعالى:"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"، وكذلك قول الرسول الكريم: "ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً".
والتخابر كفر لأنه خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، والله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، كما أنه يؤدي إلى كشف أسرار الجهاد والمقاومة وبالتالي إلى إفشالها بما يقوي شوكة الأعداء، إضافة إلى أنه يكشف عن عورات المسلمين وسوءاتهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتَبّع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته". كذلك، فإن التخابر مع الاحتلال يؤدي إلى قتل الأنفس البريئة، والله سبحانه وتعالى حرم ذلك بقوله: "وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ".
وتؤكد رابطة علماء فلسطين على أن من يموت على التخابر مع الاحتلال يموت كافراً؛ لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، كما تؤكد على وجوب محاربة العملاء والمتعاونين مع الأعداء لتنقية صف المسلمين منهم وحماية المجتمع الإسلامي من شرهم وغدرهم، وهذا لا يتأتى إلا بتضافر كل الجهود المخلصة، والتي تبدأ بالتوعية والتبصير والتحذير والزجر وإقامة الحدود فيمن أبى إلا المضي في غيه وموالاته لأعداء الدين مظاهراً إياهم على المؤمنين.
إن رابطة علماء فلسطين، إذ تبارك جهود وزارة الداخلية والأمن الوطني التي بادرت مشكورة بإطلاق حملة وطنية لمحاربة التخابر وفتح باب التوبة لمن تورط في ذلك عملاً بقوله تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، لتؤكد على ضرورة الاستمرار في صيانة الجبهة الداخلية وتحصينها من الاختراق بما يعزز مناعة المجتمع الفلسطيني المسلم ويحول دون كسر شوكة المجاهدين والمرابطين على الثغور، المدافعين عن ثرى فلسطين الطهور. كما تحث من ضل الطريق وضعف أمام ابتزاز الاحتلال وممارساته على المبادرة إلى التوبة النصوح، فالله تعالى يقول: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ"، ويقول أيضا: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً".
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون