( إخلاص زوج )
كان يبذلُ قُُصارى جهده حتى لا ترى امرأته ملامحَ الحُزنِ والألمِ باديةً على وجهه المُشفق من سوء
حالها إذ ابتلاها الرحمنُ بمرضِ عُضال قد ذهب بطلعةِ جمالها و أبقاها كالتمثال لا تقدرُ على الحركةِ
لوحدها وانصرف إلى تربيةِ طفلتهما الوحيدة غير عابىءٍ بدعواتٍ أتته من كل حدبٍ وصوب من أجل ٍ
أن يتزوج امرأة أخرى تُعينه على تنشئتها و تُقدم له ما باتت زوجته عاجزةً عن تقديمه من حاجاتٍ
تُعنى بزهرة شبابه وما دفعه إلى ذلك إلا حُسن خلقه وقوة إيمانه وعُرفاناً منه بالجميل لامرأةٍ وقفت
إلى جانبه في أيام المحن و البدايات الصعبة و منحته من الحب نفسها وكانت له خير جليس و أنيس
يُفضي عندها أكدار الدنيا وهمومها ومتاعب النفس و أشجانها فآثر الصبر على البلوى شاكياً إلى الله
أمره و كان يجد لذلك الصبر حلاوةً يجدُ لذتها كلما وقف أمام الملك عند الفجر وشفتاه ترتلُ آية الصبر
ِوالصابرين إنما يُوفى الصابرون أجرهم بغير..... حساب
( الحب أم الزواج )
كان يتحتمُ عليها أن تتخذ أهم قرارٍِ في حياتها بعد أن فقدتِ الأمل بنهايةٍ سعيدة تجمعها مع فارسها
المُتعب من قسوةِ الحياة عليه بعد أن اشترط أهلها عليه أشياء كثيرة لم يكن بمقدوره تأمينها فإما ثبات
ٌعلى طريق الحُب الوعر و المحفوف بالمخاطر والذي قد تكون نهايته إقامةٌ جبرية ودائمة في جزيرة
العانسات و إما أن تلحق بقطار الزواج قبل أن يغادر محطات عمرها تاركاً إياها في حسرةٍ وندامة كان
عليها أن تُفكر جيداً هل تحسبُ نفسها شهيدة الحب بامتياز فتصبر على مصاب قلبها وتقرر مواجهة
مصيرها المجهول لعل الدنيا تبتسم لها فتزفها إلى الحبيب في قادم السنين والأيام أم تغتالُ قضية حُبها
الكبير ثم تسارع إلى دفنها في مقبرة النسيان فيُكتب لها النجاة من حُكم النفي إلى تلك الجزيرة التعيسة
و دار الصراعُ المؤلم بين نفسها الراغبةِ بالنجاة و قلبها المُلتاع من لوعة الفراق فكانت الغلبةُ
للنفسِ المجبولة على إيثار الذات و عندما تقدم لخطبتها أحد شُبان حارتها الميسورين وافقت على
الفور و أرسلت لحبيبها رسالةً حاولت أن تُفهمه من خلالها بأن لقرارها حُكم الإلجاء والإكراه وما أن
اطلع على فحواها حتى بادر إلى تمزيقها بحسرةٍ وحرقة وعيناه الدامعتان نعتا وفاة امرأةٍ جديدة في
فضاء قلبه ثم أخرج من درج مكتبه دفتر مذكراته الصغير وكتب على رأسِِ الصفحة و أما الثالثةُ فقد
كانت خائنةً و ......؟؟؟!!!
( إحراج )
كان كثير التذمرُ والسخطِ من غيابِ فضيلةِ العدلِ في حياةِ الناس إذ يُعطى من يستحقُ الحرمان ويُحرم
من يستحقُ العطاءوكان يحسبُ نفسه من هؤلاء التعساء المحرومين من حقهم في الإنصافِ والمساواةِ
مع غيرهم في البذلِ والمنع وذات يومٍ أعُطي منحةً قد أيقنت نفسه بعدم جدارته بها و بأن هناك آخرون
كُثر يستحقونها أكثر منه وعندما سُئِل عن العدلِ في ذلك أخفض رأسه إلى الأرض بارتباكٍ واضحٍ قد
فضحته عيناه و ......سكت ؟؟ !!
هذا وما الفضل إلا من الرحمن
بقلم.........ياسر ميمو