رِدِينِي ..
..
أقدم لها - القصيدة - عذري , على أنني أسأت إليها يومًا .
فهي التي كانت حبيبتي - بل حبيباتي -و نبضات وريدي .
و أنا الذي أهنتها عندما تركت الجهلة يبخسونها قدرها , و الفجرة يتلمسون أنوثتها فيمتصون رحيقها ثم يلقون بها إلى بؤر العذاب , فأقول :
..
رِدِينِي أَشتَهِي مِنكِ الوُرُودا=وَ كُونِي - يا جَنى - عُمرِي وُرُودا
وَ جُرِّينِي عَلَى شَفَتَيكِ لَحنًا=شَجِيًّا ؛ ثُمَّ غَنِّينِي نَشِيدا
أَنا وَ اللَّهِ - لَو تَدرِينَ - حالِي=حُطامٌ ؛ وَ المُنَى نَزَّتْ صَدِيدا
أَخُطُّ إِلَيكِ مَكتُوبِي أَنِينًا=عَلَى الأَضلاعِ أَنشُرُهُ بَرِيدا
وَ مِنْ عَينَيَّ هَلَّ الدَّمعُ نارًا=فَأَحرَقَ مَعْ أَمانِيَّ الخُدُودا
أَنا فَوقَ التِياثِ الصَّبرِ أَذوِي=وَ أَذرِفُ ساخِناتِ الدَّمعِ سُودا
وَ عَنْ جَنبَيَّ أَنزِعُ مُرهَفاتٍ=وَ عَنْ أَضلاعِيَ البِيضَ الهِنُودا
يَجِنُّ اللَّيلُ مِنْ ظُلماتِ صَدرِي=وَ يَنظِمُ مِنْ شَظايايَ القَصِيدا
وَ يَرتَعُ فِي خَرابِي , وَي كَأَنِّي=جَنائِنُهُ التِي تَهَبُ الخُلُودا
أَلَا يا أَيُّها اللَّيلُ ؛ اتِّقادِي=تَمادَى عِندَما بِتَّ الوَقُودا
أُصارِعُ فِيكَ أَطيافًا تَبَدَّتْ=فَراشًا فِي دُجاكَ غَدَتْ أُسُودا
وَ أَجتَنِبُ الرَّزايا ؛ وَ هْيَ غَضبَى=تَكُرُّ فَلا أَرَى عَنها مَحِيدا
وَ تَرتَطِمُ الصُّرُوفُ عَلَى فُؤادِي=وَ تَقضَمُ مُهجَتِي حَتَّى أَبِيدا
أَنا , وَ الآهُ تَفتَرِسُ احتِمالِي=عَقارِبُها ؛ فَتَختَرِقُ الجُلُودا
كَأَنَّا واقِفانِ عَلَى شَفِيرٍ=يُحَرِّقُنا فَلا نَجِدُ البُرُودا
وَ لَكِنِّا نَهُزُّ بِجِذعِ صَبرٍ=إِلَيهِ , وَ الشَّفِيرُ يَصِيحُ : ( زِيدا )
رِدِينِي ؛ قَدْ هَلَكتُ بَنابِ يَأسِي=وَ هَدَّ الدَّهرُ مِنْ جَلَدِي الصُّمُودا
لَوَ انِّي أَلفُ قَلبٍ خارَ نَبضِي=وَ ذَوَّبَتِ التَّصارِيفُ الكُبُودا
وَ رَدَّتنِي - رِدِينِي - نَحوَ قاعٍ=عَمِيقٍ صَفصَفٍ لَو كُنتُ رِيدا
لَوَ انِّي ما ذَبَحتُ لَدَيكِ حُلمِي=قَرابِينًا , وَ قَطَّعتُ الوَرِيدا
لَما أَجحَفتِ فِي حَقِّي مِرارًا=وَ لا أَمعَنتِ - فِي جُودِي - جُحُودا
وَ لا يَومًا طَغَيتِ عَلَى حُرُوفِي=وَ لا فِي ثَورَتِي كُنتِ الجَلِيدا
رِدِينِي ؛ وَ اردُدِي لِي أُمنِياتِي=وَ رُدِّي لِي حَياتِي ؛ كَي أَعُودا