تربية الطفل الموهوب

عن :

ماريو أنور

المقدمة:
ذرية الموهوبين, الرعاية الأجتماعية عبر التاريخ, ضرورة الاهتمام بالموهوبين.
الموضوع:
1. الرعاية الأسرية.
2. الرعاية المدرسية.
3. الرعاية النفسية.
4. نظرة الناس إلى الموهوبين.
5. مشاكل الموهوبين.
الخاتمة: - ماذا نفعل إزاء الطفل الموهوب؟
- ضرورة وجود مرشد أو موجه نفسي في المدارس.
ذرية الموهوبين:
هل الموهبة وراثية؟
أكد العالم (ترمان) أن هذه المسألة (وراثة الموهبة) أمر يتعذر حسمه, لأن من الصعوبة دراسة الوراثة لسمات الشخصية لدى الأفراد.وعلى العموم فالموهبة شأنها شأن جميع الخصائص الجسمية أو السيكولوجية, مرتبطة بالتأثير المتبادل بين النموذج الوراثي والوسط البيئي ولم ينف شخص أن بإمكان البيئة أن تساعد على نمو الموهبة, كما أنها تسهم بإنطفائها.ونصل إلى نتيجة هي: بأن عاملا الوراثة والبيئة يلعبان دوماً جنباً إلى جنب, فالوراثة هي التي تخلق الأستعدادات, والبيئة إما أن تفجر هذه الأستعدادات وتنميها إذا توفرت فيها السبل والإمكانات اللازمة, إما أن تطفؤها إذا كانت بيئة جاهلة فقيرة الإمكانات والخدمات الإرشادية والإجتماعية.
فالرعاية الإجتماعية عبر التاريخ كانت مثلاً لدى أفلاطون باهتمامه بالأطفال الموهوبين, ففي الجمهورية كان يقوم باختيار الأطفال الموهوبين حتى من الأسر المتدنية ( الفلاحين والصناع ) ويزودهم بالمعارف والأهتمام الخاص لاعتقاده بأن الاستعدادات موجودة لكن البيئة هي التي إما أن تنميها أو تطفؤها.
وكذلك قد عبر الكونغرس الأميركي عن أهتمامه بالطفل الموهوب بمشروع رقم (806) كانون الأول عام ( 1969 م), وتم عندئذ ٍ تكليف وزير التربية بمهمات كثيرة تتلخص بالأهتمام بالمناهج التعليمية التي تتلاءم مع الأطفال الموهوبين وتتناسب مع حاجاتهم.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا هناك ضرورة ملحة للأهتمام بالموهوبين؟...
يؤكد العلماء على أن الجنس البشري دون استثناء سوف يحقق مكاسب لايمكن تصورها إذا أحسن استغلال القوى المميزة التي منحها الله لبعض عباده, إذا ما تم تطوير الطاقات المبدعة الخلاقة التي يتحلى بها الموهوبون, وذلك مرهون بتهيئة الجو الذي يساعد على تفجير تلك الطاقات, لتعبر عما هو دفين بها من مواهب واستعدادات خاصة, ويجب التأكيد على ضرورة تهيئة مجالات العمل المناسبة لهذه الفئة المميزةبعد الانتهاء من مرحلة التعليم والتدريب والإعداد, حتى يمكن استغلال مواهبهم وقدراتهم, وإبعادهم عن الأعمال الروتينية التي تخنق الإبداع.
1. الرعاية الأسرية:
من الحقائق العلمية المتداولة أن التربية المبكرة للطفل خلال السنوات الأولى من عمره, تترك بصماتها على شخصيته, وعلى بعض أنماط سلوكه, وهذا ما جعل العلماء وخبراء التربية يولون الرعاية الأسرية أهمية خاصة فالأسرة هي البيئة الأولى التي يمارس فيها الفرد حياته, ولايمكن إنكار من دور هام في اكتشاف الموهوبين من أبنائها والأخذ بينهم من خلال تقديم وسائل الرعاية اللازمةلتنمية قدراتهم وامكاناتهم ومواهبهم, وتلبية حاجاتهم ومطالبهم. ومن واجب الآباء عدم السخرية من أفكار الطفل وأسئلته, وذلك حتى لا يخاف من التعبير عن أفكاره, أو يتردد في الإعلان عنها,
ويجب التأكيد على أهمية حب الاستطلاع لدى الطفل وتعويده على التعامل مع المحيط الذي يعيش فيه, فهذا يشعره بالرضى والاطمئنان.
وهناك بعض الملاحظات والتوجيهات والتوصيات التي تساعد الأسرة في القيام بدورها:
1. من المهم أن تعمل الأسرة على ملاحظة الطفل بشكل منتظم, وأن تقوم بتقيمه بطريقة موضوعية وغير متحيزة حتى يمكن اكتشاف مواهبه الحقيقية والتعرف عليها في سن مبكرة, والإلمام بما لديه من استعدادات وامكانات وقدرات, لأن الفشل في التقييم يؤدي إلى خطئين:
a) إما أن يبالغ الآباء في تقدير مواهب أبنائهم بدافع التباهي والتفاخر, مما يوقع الأبناء في مشاكل متعددة, بسبب إلحاح الآباء على ضرورة الحصول على مستويات مرتفعة من التحصيل أعلى مما يقدر عليه البقية, ونظراً لأن مستويات الأبناء متدنية, قد يفشلون في تحقيق طموحات الآباء, مما يؤدي بهم إلى اختلال مستوى الإتزان الانفعالي والاحباط والشعور بالذنب.
b) أحياناً ما يحدث العكس, حيث يشعر الموهوب في قرارة نفسه بعدم اكتراث آبائهم وتجاهلهم لمواهبهم وقدراتهم, بسبب سوء التقدير, وانعدام الفهم, أو الانشغال بالمصالح الخاصة, أو بسبب الجهل, مما يؤدي بالموهوب إلى المعاناة والكبت والحرمان.
2. من الضروري التعرف على المواهب في سن مبكرة, وذلك يضع على عاتق الأسرة مسؤولية كبيرة ,مما يساعد على ملاحظة الأبناء لفترة طويلة خلال مراحل نموهم المتعددة.
3. يحتاج الطفل الموهوب من أسرته على وجه الخصوص إلى توفير الامكانيات المناسبة, وتهيئة الظروف الملائمة, وتوفير الوسائل الكفيلة بتنمية قدراته العقلية ومواهبه الكامنة, ويمكن توفير ذلك بأساليب بسيطة ومحدودة. مثال: اللعب, الرسم, الكتابة,... .......
4. يمكن للآباء المساهمة في تنمية الوعي الجمالي والقدرات الإبداعية والإبتكارية من خلال الأحداث اليومية التي تمر بهم. مثال: رؤية منظر طبيعي كشروق الشمس, زيارة حديقة وملاحظة النباتات والزهور , وكل ماله علاقة بالطبيعة الحسية.
5. يجب أن تنظر الأسرة إلى الطفل الموهوب نظرة شاملة, أي لايتم التركيز على القدرات العقلية أو المواهب الإبتكارية والإبداعية فقط,, وإنما يجب الأخذ بعين الأعتبار حقوقهم التي يجب أن يمارسوها كغيرهم من الأطفال العاديين.
ويمكن في مجتمعنا المسيحي الأستعانة بكاهن مرشد إذا وجد الأهل صعوبة القيام بدورهم كاملاً كما ذكرنا آنفاً بسبب عوامل الجهل,أو نقص الخبرة, أو قلة التدريب, أو الافتقار إلى المعلومات السليمة, أو تعرض الطفل لعوامل الحرمان المتنوعة. بالإضافة لمساعدة جمعيات التعليم المسيحي التي لابد من وجود مشؤولون قادرون على ملاحظة وإرشاد الطفل لتنمية مواهبه وتطويرها بطريقة سليمة بالوسائل المتاحة.
كما يلعب الأهل دور هاماً في رقابة وسائل الاعلام لما يتلقاه الطفل من مبادئ تساعده على التكيف مع حياة الجماعة, والاندماج في معطياتها الثقافية,ولقد أخذ التلفزيون أهمية خاصة في مجال التنشئة الاجتماعية, فما كان يكتسب سابقاً بتوسط العائلة أو المدرسة يتم اكتسابه اليوم وتلقيه عن طريق الشاشة الصغيرة.
كما أن الأفلام التي يراها الطفل عبر الشاشة الصغيرة يمكن أن تساعده وتوصله لحل مشاكله, فعندما يواجه الطفل مشاكل حياتية صعبة, فإنه يستطيع أن يجد عبر الشاشة ما يجعله قادراً على حلها, وخصوصاً بعد تنوع القنوات وانفتاحها على العالم. فوجود أحد الراشدين لمشاهدة البرامج المفيدة للطفل أمر هام جداً, الأم أو المعلمة تدفع الطفل وتشجعه لمتابعة هذه الأنواع من البرامج. ولمجلات الأطفال الدور الهام في تنمية قدراتهم العقلية والذهنية, من خلال حل الألغاز أو قراءة القصص التي تحتويها, وغالباً ما يرغب في اقتناء
هذه المجلات منذ صغر أعمارهم لما بها من عوامل الإثارة والجذب.
هناك دور أساسي يجب إعطاءه لأهمية اللعب للطفل الموهوب فألعاب الأطفال تساعده على الحركة وتنمي ملكة الأهتمام لديه, وتنشط نموه, والأم الواعية تختار لطفلها من الألعاب ما يتناسب مع عمره ووعيه, ثم تدعه يحل اشكالاته بنفسه, لتنمي لديه روح الاستقلالية والاعتماد على النفس, وبعد نمو الطفل العقلي ووصوله إلى عمر معين تسمح له باختيار لعبه بنفسه, وتبقى مهمة الأم مهمة اشرافية فقط.كما أن اللعب الحديثة مصممة بطرق فنية تساعد على تدريب الطفل وتعليمه وتوسيع مداركه.كما أن للمدرسة دورها الفعال في هذا المجال فالمدرسة تتابع الطفل في المدرسة وتوجه لعبه توجيهاً دقيقاً بما يتفق ومواهبه.
و بالإضافة للألعاب العادية هناك الألعاب التلفزيونية, إن النشاط الذي يقوم به الأطفال عند لعبهم ينمي قدراتهم ومواهبهم الجديدة التي لم تستثمر بعد, فهم يكتسبون سرعة كبيرة في مجال المعرفة العلمية, كما أن الطفل أثناء لعبه بالألعاب التلفزيونية يشعر بشخصيته واعتزاز ثقته بنفسه فهو يحرك الأبطال بيديه ويتفوق ويكسب اللعبة.
2. الرعاية المدرسية ( التعليمية):
إن لدور المدرسة أهمية بالغة في الكشف عن المواهب والقدرات الإبتكارية والإبداعية, وتنميتها وتطويرها, فالمدرسة هي البيئة الاجتماعية التعليمية التي يمضي فيها الأطفال جزء غير بسيط من أعمارهم من أجل التزود بالخبرات الاجتماعية, والتدرب على صقل مهاراتهم, ويمكن للمدرسة أن تقدم الكثير في مجال اكتشاف الموهوبين عن طريق مساعدة التلاميذ على التعامل مع المواهب التي يتميزون بها, وإن لم يتم ذلك, فإن القدرات والمواهب التي يتم كبتها بالنظم التعليمية التقليدية, وعدم السماح بفرص التعريف بها, يؤدي إلى عدم الوعي بها, والخوف دون الكشف عنها, ثم إهمالها.
هناك أسباب تعيق هذا الدور أهمها:
1. ازدحام الفصول بالتلاميذ مما يجعل من الصعوبة على المدرس مهما كانت مهارته, التعرف على التلاميذ بشكل جيد, وتصنيفهم تبعاً لمواهبهم وقدراتهم وهواياتهم.
2. اعتماد الحكم على نجاح التلميذ وتفوقه من مستواه في العلوم المدرسية والتحصيل العلمي وحده, وعلى الاختبارات الشهرية, والامتحانات الدورية, حتى في حال عدم موافقة تلك العلوم لميول التلميذ واتجاهاته.
3. طبيعة المناهج التقليدية التي تؤدي بالموهوب أحياناً إلى النفور والملل من الحياة الدراسية, لأنها لا تلبي فضوله, ولا تشبع رغباته واطلاعاته, وانعدام التعليم الذاتي ( وهو التعلم القائم على بحث وكشف التلميذ بنفسه عن أجوبة الأسئلة دون الاعتماد على المدرس وبذلك تتركز وتثبت المعلومات بذهنه بشكل أفضل من الاستعانة بالمدرس)
كما يمكن للمؤسسات التعليمية القيام بالعديد من الأدوار التي من شأنها اكتشاف المواهب وتنميتها مثل:
1. ضرورة الاعتماد على ما ينتجه كأحد العوامل الأساسية التي تساعدنا في التعرف على الموهوبين, ويمكن تسجيل هذا الانتاج في معارض أو صحف تشمل الجوانب المتعددة للإنتاج الإبداعي.
2. توفر الأخصائيين المدربين على النظر إلى التنائج وتحليلها, واستخلاص المؤشرات اللازمة منها, ولديهم الخبرة العالية في العمل في هذا المجال للقيام بالاختبارات الموضوعية لتقيم التلاميذ, ولاسيما في مرحلة المراهقة, ومن بين هذه الاختبارات ( اختبار الذكاء- القدرة على التفكير الإبداعي- اختبارات الميول والاستعدادات- اختبارات القدرة العقلية- اختبارات الشخصية).
تكوين المعلم:
لا يكفي تجميع الطلاب الموهوبين في صف واحد مع معلم عادي, لأنه سيواجه صعوبات المناهج البيداغوجية المتخصصة, فلابد من معلم معد إعدادا خاصاً, فالطفل الموهوب على درجة عالية من الفضول والمخيلة, فسوف يقرأ كل ماله علاقة بموضوع من الموضوعات, ويصبح على وجه السرعة أكثر ثقافة من المعلم, كما يجب أن تكون المناهج مرنة, ففضول الموهوب متعدد الأشكال, وبحث بعضهم تقييم صفات المعلم الجيد للأطفال الموهوبين مثل ( الجنس, الوضع العائلي, المؤسسة التي أنجز فيها دراسته, والشهادات التي نالها, والعمل الذي يبذله في تحضير الدروس ) لكن الرأي العام يقول بأن المعلم الذي يحتل موضع تقدير هو الذي يكون على درجة كبيرة من النضج والخبرة.
3. الرعاية النفسية:
إن من الأهمية الكبيرة الأهتمام بجانب الصحة النفسية للموهوبين, وضرورة تدريبهم على استخدام قدراتهم العقلية إلى أقصى حد يمكن الوصول إليه, ومساعدتهم على تطوير مواهبهم وعوامل ابداعهم وتفوقهم حتى تساهم الأجيال الشابةبشكل منتج وفعال ومبدع في إثراء المجتمع,
فما دور التوجيه والإرشاد النفسي في تحقيق ذلك؟ ومالدور الذي يقدمه المرشد النفسي؟ يجيب العالم ( تورانس) عن هذه التساؤلات, فيشير إلى وجود ستة أدوار يمكن للموجه النفسي القيام بها لمساعدة الموهوبين على استمرار تفوقهم ونمو عوامل إبداعهم:
1. توفير الحماية والأمان:
يستطيع الموجه أو المرشد النفسي تأسيس علاقة صادقة مع التلميذ تمثل ملاذاً له, ويشعر في ظلها بالأمان والإطمئنان.
2. مساندة الموهوب ودعمه:
من المفروض أن يقوم بالمساندة شخص خارج نطاق الأصدقاء, ومن يتمتعون بالاحترام والقوة, ويقوم هذا الشخص بعدة أمور من أهمها تشجيع ومساندة الموهوب في التعبير عن أفكاره بحرية, وإجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من صحة فروضه.
3. مساعدة الموهوب في فهم اختلافه:
تتميز شخصية الموهوب بدرجة عالية من الحساسية, ومن القدرة على التفكير التباعدي ( التفكير بأكثر من حل لمسألة ما بشكل ابداعي مجرد أو محسوس, التفكير التقاربي: التفكير بحل واحد فقط). وعادة ما يؤدي سلوك التلاميذ الموهوبين إلى شعورهم بالدهشة والحيرة من ردود الأفعال التي يقوم بها الآخرين اتجاههم, مما يجعلهم في أشد الحاجة إلى فهم أنفسهم, وطبيعة اختلافهم.
وهنا يظهر دور الخدمات الإرشادية التي تقدم إليهم المساعدة في فهم أنفسهم, وطبيعة اختلافهم عن الآخرين, ومواصلة مسيرتهم في طريق الموهبة.
4. مساعدة الموهوب في التعبير عن أفكاره :
عادة مايشعر الموهوب برغبة شديدة في الاستكشاف, وعندماتتبلور أفكاره, يشعر بحاجة ماسة إلى محادثة غيره ومناقشة تلك الأفكاروالنتائج, ولهذا يحتاج إلى من يحترم أفكاره ويقدرها, ولا يهزأ بها حتى يمكنه لاستمرار في عمليات التفكير المبدع, وإذا لم يتوفر ذلك, فإنه يشعر باليأس من عدم فهم الناس له, ويتجه للعزلة والانطواء.
5. الاعتراف بالموهبة:
يشير كثير من العلماء أن كثيراً من المواهب قد تمر دون ملاحظة من أحد, ويمكن للموجه أو المرشد النفسي استخدام ما لديه من أدوات مساعدة مثل: اختبارات الشخصية والإبداع والذكاء, للتعرف على الموهوبين ومن ثم التوصية بما يضمن تعهدهم بالساليب المناسبة التي تتيح لهم تنمية ما لديهم من قدرات وتطويرها.
6. مساعدة الآباء والآخرين على فهم الموهوب:
من الأمور المؤسف ذكرها والتي تواجه الموهوبين, هو فشل الآباء وأولياء الأمور والمحيطين بهم أحياناً فهمهم, وعادة ما يعمل المرشد النفسي على مساعدة كل من الآباء والمدرسين على ملاحظة أن كل شخص لديه القدرة إلى حد معين, ومن مهام البيت والمدرسة معاً تقديم الخبرات النافعة والتوجيه السليم لتحرير تلك القدرات ومساعدتها على النمو والإزدهار
4. نظرة الناس للموهوبين:
تجمع بعض الآراء أحياناً إلى تصوير الطفل الموهوب على أنه طفل غير سوي, ويتصف بضعف النظر, واعتلال الصخة النفسية, والعزوف عن الآخرين, والميل إلى الإطلاع على الكتب, وقلة العلاقات الاجتماعية, وهذا التصوير خاطئ وبعيد عن الواقع, وقد عمل بعض العلماء من أمثال ( ترمان ) على تصحيح هذه الصورة حيث أشارت نتائج الأبحاث المطولة التي أجراها إلى ارتباط حدة الذكاء باعتدال الجسم, وسلامة الحواس وتمتع الشخص بالصحة والعافية, وأكدت النتائج على تفوق الموهوبين والأذكياء في مجالات النمو اللغوي وإدراك العلاقات, والقدرة على إجراء التعميمات والتفكير المجرد منذ حداثة أعمارهم, كما لوحظ تمتع الموهوبين بالقدرة على مواصلة العمل وتعدد ميولهم وشغفهم بحب الاستطلاع.ورغم معرفة الناس للموهوبين, غير أن الأطفال الأكثر موهبةً لايقبلهم رفاقهم إلا بصعوبة, غير أن (هولانغوث) أفاد بأن ذلك غير صحيح إلا بالنسبة للموهوب جداً الذي يتجاوز خاصل ذكاؤه (180 ), والموهوب جداً لاتفهمه بالفعل فئة عمره, لأنه أعلى منها بكثير , وعدم الفهم يولد العداوة بسهولة.
5. مشاكل الموهوبين:
سوف نستعرض أهم مشاكل الطلبة الموهوبين وأسبابها, وذلك حسب ما أوضحته النتائج والدراسات العديدة التي أجريت في هذا المجال:
1. غالباً ما لا يرتاح المدرسون للموهوبين, لأنهم لا يحبون الانقياد والتبعية كما أنهم مندفعون ومن ذوي الأفكار الخاصة, وغير تقليدين, ويبحثون عن التغيير في المجالات التي تتطلب إظهار روح المغامرة, ويميلون إلى الفوضى وعدم النظام.وهذه المشكلة في الحقيقة لا تكمن في الموهوب نفسه, بقدر ما تشير إلى نقص إعداد أولئك المدرسين, بشكل يجعلهم قاصرين وعاجزين عن التعامل مع ظاهرة الإبداع ويستطيع المدرس الكفء المدرب التعامل مع الأفكار الجديدة دون خوف,كما يستطيع البعد عن التقليدية دون أن تؤثر على دوره المهني, أما قضية الفوضى وعدم النظام, فهي تابعة لأساليب التدريس الروتينية التي تبعث الملل في النفوس, وتدفعهم إلى محاولة تغيير الوتيرة عن طريق إثارة الفوضى, كدليل ومؤشر على عدم رضاهم لما يحدث في الفصل.
2. عدم اهتمام الموهوبين بالحصول على درجات عالية, وانعدام الرغبة لديهم في تكملة الواجبات المدرسية, ويدعونا ذلك لتفحص برامجنا وإعادة تقييمها, فهي خالية من مراعاة الفروق بين التلاميذ, كما أنها تعاني من إنعدام وسائل الاستثارة مما يجعلها غارقة في تيار التقليدية, مما يؤدي إلى نفور الموهوبين منها.
3. صعوبة تعامل المدرسين مع الموهوبين, نظراً لأن المجتمع لايثق بمن يقوم بالأعمال الغريبة, كما يرفض قبول السلوك الذي يخرج عن الإجماع, ونظراً لأن المدرس يلعب ويمثل دور السلطة فإن ذلك يدفع الموهوب إلى تحاشيه, مالم يقوم المدرس بإقامة صلات تجعله جديراً بالثقة.
4. ارتفاع عامل السيطرة لدى الموهوب تجعله يفضل العمل منفرداً في كثير من الأحيان, وممارسة التفكير المستقل إذا لم يتوفر له التشجيع من المحيط, وهذه الرغبة ناجمة أيضاً لطرق التربية التقليدية التي يرفضها الموهوبين مما يؤدي بهم إلى الأعمال المنفردة.ويرى كثير من المهتمين بأمور التربية والتعليم بأن أساليب التربية والتعليم الحاليين يؤديان إلى كف مظاهر الإبداع لدى الفرد, وعدم السماح لها بالافصاح عن وجودها, مما يؤدي بدوره إلى عدم معرفة الطفل وإلمامه بحدود قدراته واستعدادته.
ماذا نفعل إزاء الطفل الموهوب ؟
الكشف المبكر, وإدراك مواهبه إدراكاً جيداً, وتحديد الفئة التي ينتمي إليها ويكون الكشف المبكر في أولى مراحل حياة الطفل, والكشف ليس سهلاً أبداً, وإنما يحتاج إلى التعاون بين الأسرة نفسها وبينها وبين المدرسين والمختصين بالإضافة إلى إعدادهم إعداداً جيداً,لكشف هذه المواهب, وتنميتها التنمية السليمة والفاعلة ومحاولة حل كافة المشكلات التي يتعرض لها الموهوب سواء في الأسرة أو في المدرسة أو في المجتمع..... .. .. .
حلب 04/آذار/2004 ماتيا كاليدس
المراجع:
1. د. دجاني سعيد: رعاية الطفل وتحصينه, مطبعة دار الأندلس (1989م).
2. د. عاقل فاخر: علم النفس.
3. د. شوفان رومي. ت.وجيه أسعد: الموهبون (1996م).
4. د. بيير كوربيه. ت.حنا فاضل: الطفل والتلفزيون (1996م).