سوق نخاسة طرفيها خليجي مكتنز و فتاة ترى في جسدها مشروع استثماري تحقيقات
محامي: هناك نساء تزوجن ثلاث مرات خلال شهرين
دلاّلة: أمير خليجي يدفع 5 ملايين مقابل الزواج لمدة أسبوع
"أن تبيعي جسدك كل مرة لرجال يدفعون لك بالدولار –الخليجيين تحديداً – وتجني أرباحاً من هذا البيع ،أفضل من بيع جسدك للزوج على اعتبار أنه ملك له أصلاً..
فالخيار الأول استثمار رابح يفتح لك أبواب النعيم و الدلال بمكاسب مادية تتضاعف مع ازدياد عدد زبائنك المترفين"
ما سبق اعتراف لاحدى النساء العشر اللواتي رصدتهن دراسة أجريت عام 2007 لنيل درجة الدبلوم في الارشاد الاجتماعي بجامعة دمشق، أظهرت أنهن امتهن الزواج من خليجيين بموجب عقود واهية وغير شرعية مقابل أجر مادي مرتفع ، وينتمين لبيئات مهمشة و فقيرة ومتصدعة يغيب عنها الأب أو الأم ،تزوجن للمرة الأولى من خليجيين وأعمارهن لم تتجاوز الرابعة عشر عاماً،أفرطن بعدها بتكرار حالات الزواج المماثلة و بموافقة الأهل الذين ينعمون بدورهم بمكاسب طائلة.
إذاً واقع الحال عائلات تبيع بناتها(من مختلف المحافظات) لخليجيين ضمن مزاد مفتوح بين البائع و الشاري،ومن يدفع أكثر يفوز بجسد المرأة التي تمت المزاودة عليها، سيريانيوز حاولت الحصول على الوقائع و التفاصيل التي تحدث بسرية تامة في سوق للنخاسة طرفيها خليجي مكتنز و فتاة سورية ترى في جسدها مشروع استثماري رابح.
الدلالات وطرف الخيط
تبدأ تفاصيل الحكاية من الدلاّلة التي تمتلك قائمة طويلة بأسماء فتيات ترغب عائلاتهن بتزويجهن زواج مؤقت من خليجي مقابل نقد و مؤخر و مستحقات مالية أخرى، ولا بد أن تتمتع هذه الفتاة بمواصفات تؤهلها لنيل إعجاب الدلاّلة أولاً ، كالبياض والطول والأهم ألا يتجاوز عمرها الخمسة عشر عاماً.
"ف.س" تعمل كدلاّلة منذ أربع سنوات و تؤكد أن عدد الحالات يتضاعف سنوياً، إذ يطرق بابها يومياً مايقارب العشر فتيات لتقوم بمعاينتهن وبحسب خبرتها بالمواصفات المرغوبة تنتقي بعضهن لتبدأ بعدها عملية المقايضة بعرض الفتاة على أحد الزبائن ، تقول: في حال نالت الفتاة اعجاب الزبون يتم الاتفاق بين الطرفين على مدة الزواج و يبرم عقد زواج مؤقت لدى الشيخ، يدفع الزبون خلالها المبلغ المتفق عليه لأهل الفتاة أو للفتاة ذاتها ، وهناك نصيحة أقدمها دائماً للفتيات بمحاولة سحب مبالغ إضافية من الزبون وكل فتاة وشطارتها.
ولكل دلاّلة نصيب من الصفقة المعقودة بنسبة 10 -15 % من النقد المدفوع للفتاة يضاف إليها 100000 من جهة الزبون ، وهذا ما يفسر رفاهية معظم الدلالات و الدلالين ، فالدلال "أ.ط" و بعد تزويجه لبناته لمرات عدة من خليجيين طلب من الدلاّلة التي أتمت زيجات بناته تعليمه مفاتيح المهنة التي أتقنها لاحقاً لتفتح له أبواب النعيم على حد قوله ، أما بناته فيحرص على أن يكون لهن الأولوية في الزبون الدسم (و الأقربون أولى بالمعروف)
أمير وجواري عذارى
الزبون الدسم وفقاً للدلاّلة "ف.س" هو أحد الأمراء الخليجيين أو رجال الأعمال المترفين ، و الدلاّلة المحظوظة هي من تنجح باصطياد زبون دسم و عرض فتياتها أمامه "أتعامل مع أمير سعودي يمتلك فيلا في يعفور و الصيف الفائت عرضت عليه 25 فتاة عذراء وفقاً لرغبته، عمر أكبرهن لم يتخطى السابعة عشر ، طلب منهن أن يجرين أمامه عرضاً بملابس مثيرة ، و اختياره لإحداهن فرصة العمر التي لطالما بحثت عنها الفتاة و الدلاّلة" وتتابع "يدفع للفتاة خمسة ملايين ليرة سورية مقابل زواج يدوم لأسبوع فقط و مثل هذا الزبون يغني عن زبائن كثر، فالعمولة التي يدفعها للدلاّلة أيضا تعادل ما يدفعه عشرة زبائن تقريبا"
يحدث كل هذا دون أن تتعرض الدلاّلة للمساءلة علماً أن عمليات البيع هذه وبحسب المحامي "محمد شاكر رومية" تعرض كلاً من الدلاّلة ورجل الدين لغرامة مالية تتراوح من 100000 إلى 200000 ل.س وفقا للمادة 470 من قانون العقوبات السوري (نادراً مايتم التبليغ عن هذه الحالات لأنها تحدث في الخفاء و يتم التستر عليها )
زوج يتاجر بزوجته
"المال يعمي البصائر" هكذا تبرر "ل.ع" حال زوجها الذي أغراه المال وبدأ يتاجر بجسدها بعقود زواج مؤقتة من خليجيين مقابل 300000 عن كل عقد ، تقول:في أحد الأيام طلب مني ارتداء ملابس مثيرة قائلاً سنودع الفقر و ماهي إلا ساعات حتى وجدت أمامي رجلاً غريباً عرفت لاحقاً أن زوجي قرر تزويجي منه لمدة أسبوع ، وتكررت عملية بيعي لمرات متعددة نجحت فعلاً في انتشال زوجي من الفقر المدقع، أما أنا فكل ماجنيته من هذه الصفقات شعور مقزز لاأستطيع وصفه أفقدني كل المشاعر الجميلة بداخلي
الفقر ذاته دفع والدة "ب.م" لعرض ابنتها على معظم الدلالات (بعد طلاق كل من الأم و الإبنة) مع التأكيد أن ماتريده لابنتها هو عقد زواج مؤقت ، تقول الدلاّلة "أ.م" :هذه المرأة من حمص كانت لاتملك ثمن رغيف الخبز و بعد تزويجها لابنتها لمرات عدة امتلكت بيت في دمشق وسيارة حديثة ، عموماً تقصدنا نساء من مختلف المحافظات ، أحياناً يكن برفقة أحد افراد العائلة أو بمفردهن ، فمعظم الفتيات وبعد خوضهن لهذه التجربة يحاولن جني المكاسب لأنفسهن و يتمردن حتى على الدلاّلة
عقد اتفاق بمثابة عقد بيع
منذ سنتين تقريباً بدأ اتفاق غير معلن بين الدلالات و بعض المحامين ، تؤمن فيه الدلاّلة للمحامي الزبون الخليجي و الفتاة، ليقوم هو بدوره بإبرام مايسمى عقد اتفاق بين الطرفين يسجل فيه إسم الفريق الأول و الفريق الثاني عوضاُ عن إسم الزوج و الزوجة ، ويدرج فيه كل المستحقات المادية التي سيدفعها الزبون للفتاة مقابل أجر يتقاضاه المحامي ،وفقاً للمحامي "محمد باسل الكردي" الذي يؤكد وجود محامون امتهنوا إبرام مثل هذه العقود ويتم التنسيق بينهم وبين عدة دلالات لتأمين الزبائن، علماً أن عقد الاتفاق هو بمثابة عقد بيع حيث تبيع المرأة جسدها للزبون مقابل مبلغ من المال و بوجود شاهدين
وبهذا فإن معظم الدلالات و بحسب الدلاّلة "ف.س" بدأن يستعضن عن الشيوخ بمحامين لإتمام عقد الزواج المؤقت ، كون المحامي أكثر دراية بالطرق القانونية التي تحميهن في حال تعرضن للمساءلة القانونية ، مما أفقد هؤلاء الشيوخ مصدر رزق وفير كانوا يجنوه بإبرام عقود زواج مؤقتة غايتها المال، مستغلين سلطتهم الدينية لتحقيق ذلك.
تحايل على القانون
محامون آخرون أوجدوا لأنفسهم مخرجاً من عقد الاتفاق غير المثبت في المحكمة بالطلب من الزبون إجراء وكالة قضائية للمحامي، تخوله البدء بمعاملة تثبيت الزواج المتفق على مدته والمباشرة بمعاملة الخلع بعد انتهاء المدة المحددة بين الطرفين ، يقول المحامي "الكردي":بعض المحامين يرفضون إبرام عقد اتفاق لكنهم بالمقابل يستخدمون القانون نفسه لتحقيق غاياتهم ليقوموا بتثبيت الزواج في المحكمة رغم معرفتهم بأن الزواج مؤقت ،فمثلاً لدي موكلة تزوجت لثلاث مرات خلال شهرين و دون انقضاء مدة العدة، و نساء أخريات تزوجن ست مرات خلال أربعة أشهر، معظمهن مطلقات ، ومن بيئات فقيرة و تحصيلهن العلمي لا يتجاوز الشهادة الإبتدائية
المحامي وبصفته القانونية تحول إلى عنصر فاعل في عمليات البيع لتتسع دائرة المتاجرة ضمن شبكة منظمة تسعى لتحقيق المكاسب المادية على حساب أية اعتبارات مهنية أو إنسانية.
"محمد جهاد اللحام" رئيس فرع نقابة المحامين بدمشق يؤكد ان قانون العقوبات السوري عاقب على تنظيم العقود العرفية خارج المحكمة ، وإن كان يعتبر أن هذه العقوبة تحتاج لتعديل كونها غرامة مالية لا تتناسب مع الفعل الجرمي الناتج عن هذا الزواج الفعل الأخطر هو عندما يحتال رجل القانون على النصوص القانونية باختلاق حالات تبرر الأفعال غير القانونية ، فتثبيت المحامي لزواج يعلم أنه مؤقت و إنهائه بدعوى تفريق هو تحايل يستوجب معاقبته بشطب اسمه من نقابة المحامين
أسئلة مشروعة
ما الذي تغير؟ وكيف يمكن أن تصل الأمور لهذا الحد؟
أسئلة يعتقد توفيق داوود أستاذ علم الاجتماع بجامعة دمشق أن الإجابة عليها مرهونة بحقبة زمنية بدأت منذ مايقارب العشر سنوات ، إذ أن مجموعة كبيرة من المتغيرات التي لا تخدم عملية التغيير الإيجابي طالت منظومة القيم الأخلاقية المجتمعية والدينية والاقتصادية ، كل هذا في ظل عدم وجود نظم اجتماعية قادرة على استيعاب عمليات التغيير ، الأمر الذي يبرر برأيه وجود دلالات و محامين و رجال دين مأجورين ونساء يعتبرن أجسادهن بمثابة مشروع استثماري يخضع للعرض و الطلب و من يدفع أكثر يفوز بعقد البيع و ينعم بامتيازاته.
بثينة عوض - سيريانيوز