النمل أكل العصا/ مصطفى إبراهيم
31/10/2016
تتزاحم الأخبار الفلسطينية وتتصدر وسائل الإعلام أخبار حركة فتح والحرب المستعرة بين أبواتها وحديث التسلح في الضفة الغربية والولاءات والتحالفات المستترة والعلنية إستعداداً لمعركة المؤتمر السابع ولحجز المقاعد في اللجنة المركزية للحركة، وخلافة الرئيس.
مصطفى
والرئيس لا يعنيه كل ما يجري وكأنه ليس رئيس وقائد للشعب الفلسطيني وعلى عاتقه مسؤوليات جسام وأن يكون عند حسن ظن الناس والعمل على الخروج من الأزمة وليس تعميقها، فالقائد يستوعب الجميع ويفكفك الأزمات وليس تعقيدها، لكن على ما يبدو أن الرئيس وسلوكه وعدم سماعه للناس وما يدور في الشارع الفلسطيني سبب رئيس في الأزمة وكل همه شطب محمد دحلان وهو ماض في توجه وكأنه يقول فلتحرق روما.
المتتبع لتاريخ إنعقاد الدورات السابقة لمؤتمر فتح منذ خمسة عقود من الزمن أنها فقط عقدت ستة مؤتمرات ومرت الحركة والثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير ومؤسساتها قد تآكلت ولم تعد تلبي الحد الادنى من الأهداف والشعارات التي رفعت منذ ستينات القرن الماضي، ولا تزال تمر القضية الفلسطينية وفتح بمحطات صعبة من محاولات الشطب والتمرد الداخلي والإحتجاج بالإنشقاق السلمي والمسلح، والإستنزاف الداخلي والخارجي ولم يعد أي معنى لترديد شعارات على شاكلة القرار المستقل وشعار أن ما يحكم السلوك والعلاقات الفتحاوية هو قانون المحبة.
حتى هذا الشعار لم يعد قائماً في ظل ما نشاهده من إستعدادات وتغول بعض المتنفذين والإقصاء وغياب الحوار الداخلي، وما مرت به الحركة خلال الخمسين عاماً الماضية من إحتجاجات ومحاولات إنشقاق وإقصاء من بعض المتنفذين في الحركة، صحيح ان حركة فتح مستمرة لكن السؤال ما هو جدوى إستمرارها وهي بهذا التراجع والتآكل وغياب الرؤية والمشروع والبرنامج السياسي الذي يعبر عن حقيقة الحركة وانها حركة تحرر وطني ومن حقها إستخدام جميع وسائل النضال المتاحة من أجل التحرر وإقامة الدولة.
خمسون عاماً ولم نسمع أو نرى أي شيئ حقيقي عن القيام بمراجعات نقدية والبحث في مستقبل الحركة والمنظمة والسلطة لإستنهاض الحركة والمفروض أن يكون ذلك من خلال المؤتمر السابع الذي يأتي التحضير لانعقاده، ولم يفكر الرئيس والمسؤولين في حركة فتح بأن تكون هذه محطة للمراجعات والممارسة الديمقراطية الغائب الحقيقي عن المؤتمر وفتح حوار مع جميع المختلفين والمحتجين وعدم مصادرة قرار الحركة وربطه بالرئيس فقط، وإتخاذ خطوات تعيد الإعتبار للحركة والمشروع الوطني.
بالمناسبة التسلح ليس ظاهرة جديدة في فتح والذي يشاع من التسلح عنه في الضفة الغربية ليس وليد الإستعداد للمؤتمر السابع فهو منذ فترة طويلة وليس مرتبط بدحلان فقط إنما جميع الطامعين في وصولهم للجنة المركزية وخلافة الرئيس.
يأتي المؤتمر السابع والسلوك الإسرائيلي يعبر عنه بعصي وجزرات وزير الأمن الإسرائيلي أفغيدور ليبرمان وهي سياسة جميع الحكومات السابقة وليس صناعة وإبداع ليبرمان، فالأخبار المتداولة عن العمل بخطة ليبرمان العصا والجزرة وهي القفز عن السلطة الفلسطينية والتعامل مع الفلسطينيين مباشرة بجملة من التسهيلات والإحتكاك اليومي مع المواطنين وتوجههم مباشرة لمكاتب الإدارة المدنية وحصولهم على التصاريح مباشرة إسرائيل تعمل على تهميش السلطة وإضعافها أكثر مما هي ضعيفة والترويج أنها لم تعد شريك ولم تملك من أمرها شيئ.
الناس ينتظرون ويشاهدون، والفصائل تراقب وتنتظر وكأن الأمر لا يعنيها في شيئ وهي أيضاً النمل أكل عصيها وأتلف أرجلها، ولم يدركوا ان الأمر جلل والقادم خطير، وحرب الأبوات على الأبواب.
فالقضية ليست حركة فتح وخلافة الرئيس عباس ومناصب ومراكز جديدة وإمتيازات في اللجنة المركزية فقط، إنما ما تبقى من بقايا مشروع وطني سالت دماؤه على طريق الإنقسام والخلافات على المناصب من نخبة لا تبحث إلا عن مصالحها، فهي نخبة بدون عصي وأكلها النمل وليس على أجندتها مواجهة الإحتلال ضمن مشروع وطني مقاوم، فهي تبحث عن وجاهة وثراء ورفاهية على حساب المشروع الوطني ودماء الشهداء، وعذابات الأسرى والفقراء والمشردين والمواطنين الذين يبحثون عن بصيص أمل.