من الحَكيم"زْقَيْوْ" إلى "الشريك السري"!!
أمران مترابطان – بالنسبة لي - ،دخولي "تويتر" والكتابة .. فإذا انتفت الكتابة .. انتفى "تويتر" .. ولكن فراق الأحبة .. صعب.. لذلك كان وضع "خطة "لهجر "تويتر"هي الأقرب .. غردت آخر مرة بتاريخ 29 مارس .. واليوم 26 إبريل .. وجدت رسالة من أخي وابن أخي (محمد الشنقيطي) .. تقول : (مبارك الفوز بالدوري يا أبو أشرف تستاهلو)!!
والمقصود فوز النادي الأهلي بالدوري!! من كان في سني لا يشجع الكرة .. ولولا ولدي عبد الله .. والذي أحاول أن أبعده عن"التعصب الرياضي" – أعتبر الرياضة أفضل الأشياء السيئة! – لظلت بعيدا عن الكرة .. منذ أن "اعتزلتُ" التشجيع .. دون حفل اعتزال!
وعلى كل حال .. بارك الله فيك .. وعقبالكم.
مقدمة :
كنت أفكر في الكتابة ولكن الموضوع لا يستقيم لي .. كأنني فقدت"لياقتي"الكتابية!!
فصل :
للمرة المليون أسأل : هل تآكلت قيمة الريال أم ترك الحبل على الغارب للتجار؟ أم هما معا؟!
مرت عليّ معاملة .. قيمة ترميم جناح من أجنحة سكن الطلاب .. بـ(13000000) ثلاثة عشر مليون ريال !! وملاحظة الجهة الفنية .. تدني أسعار بعض البنود!!
في الهامش : تركيب متر كيشاني الحائط بـ(400) ريال × 2400 = 960000 ( هذا مليون – تقريبا – في تركيب الكيشاني فقط)!
فصل :
فرق بين"الخصخصة "في الغرب المتقدم .. و"الخصخصة"في الشرق المتخلف ..
في الشرق .. وفي بعض الدول .. بيعت المشاريع الرابحة للقطاع الخاص !!
في الغرب يقول بيجوفيتش :
(إنشاء ما يسمى بالرأس مالية الشعبية في الدول الغربية يتم بالتوسع الدائم لعدد مالكي الأسهم الصغار. ويتضح أن النظام الذي يقام على هذا الأساس هو فعال جدا من الناحية الاقتصادية.
قفز عدد المساهمين في بريطانيا في السنوات الأخيرة"1980 – 1988"من مليون إلى 9 ملايين. وفي عام 1982م باعت الحكومة البريطانية شركة المواصلات الحكومية للعمال تحديدا الذين كانوا يعملون بها حصص تلك الشركة،التي كانت لا تكاد تربح،بينما تقدر الآن أرباحها بأكثر من خمسين مرة بفضل الاهتمام غير المباشر للعمال – المالكين ){ص 211 – 212 ( هروبي إلى الحرية ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : إسماعيل أبو البندورة / دمشق / دار الفكر الطبعة الثالثة 1429هـ = 2008م}.
هامش : تذكرتُ سنوات راجت فيها تجارة الأسهم لدينا .. وقد يُشترى السهم بخمسين ريالا .. ويباع بسبعمائة ريال .. تزيد .. وتنقص .. وكان لذلك الأمر أن يكون مفيدا لو وجدت "ثقافة"أو"وعي" .. بطبيعة الحال مسألة المتاجرة بالأسهم من جهة"حلال / حرام"لها أهلها من أهل العلم الشرعي .. أقول .. لو وجد وعي .. أو ثقافة .. كان لمن اشترى تلك الأسهم أن يبيع 70% منها – مثلا – فيستعيد رأس ماله .. وربحا وفيرا .. ويحتفظ بأسهم تدر عليه دخلا .. إلخ.
فصل : ثقافة العمل في الغرب .. وكراهية العمل .. لدينا .
يقول بيجوفيتش :
(تقع في أساس كل تقدم الغرب وقدرته في القرون الخمسة الأخيرة،عبادة العمل،التي ظهرت في بداية هذه الفترة من التاريخ،وبقيت القيمة الأساسية في عيون العدد الأكبر من الناس،وحتى يومنا هذا. وارتبط بذلك مفهوم خاص للزمن،باعتباره شيئا ثمينا،حيث لا نستطيع أن نفقده عبثا. دقت الساعات ربع الساعة في"نورمبرغ"منذ القرن السادس عشر،الأمر الذي حمل معه شعورا جديدا بالزمن الذي يجري،والذي يجب أن ندخره،أصبح القانون الأول للأخلاق اعملوا بنشاط وباحترام،وأول اثم أن تبقى عاطلا عن العمل وغير نافع. المآخذ الرئيسية على الرهبان والرهبنة أنهم غير منتجين. ){ص 156 – 155 ( هروبي إلى الحرية ..)}
ويقول أيضا :
( أخذ العمل في العالم الغربي مكانته لأول مرة في إحدى أطروحات لوثر الـ 95 المشهورة. تقول تلك الأطروحة (Ora et Labora - يصلي ويعمل)،وهذه من أساسيات عبادة العمل البروتستانتية المشهورة. ولذلك،فإن العمل يمتزج هنا بالعبودية ،والعذاب،والعمل الإنساني غير المناسب،للإنسان الحر. ){ص 214 ( هروبي إلى الحرية ..)}.
نحن .. لم نزرع بعدُ ثقافة حب العمل .. في النفوس.
فصل :
في المعرفة .. يقول بيجوفيتش :
(اتجاهات المعرفة القوية والمرنة مثلما الحال مع المدارس"الليسيه"الأمريكية منتصف القرن التاسع عشر،تتحدث عن مستقبل كبير لإحدى الأمم.
"اليتسيوم Lyceum) هي إحدى أنواع الجامعة الشعبية. وهي حركة أمريكية مميزة بزغت بين عام"1830 – 1860م"تشاركت مجموعة من المواطنين،وجمعت النقود،ودعت خلال الشتاء المحاضرين أن يبقوا ضيوفا في أماكنهم. وعندما وصلت هذه الحركة إلى ذروتها كان في الولايات المتحدة أكثر من 2000 ليسييه.){ص 219 (هروبي إلى الحرية ..)}
فصل : وتذكرتُ إنشاء جامعة الملك عبد العزيز .. كجامعة أهلية.
فصل :
رغم كل تباينٍ بيننا وبين (إيران) .. بدأ من عقيدتهم الدينية ( تكفير وشتم وطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم) .. وصولا إلى التباين السياسي .. إلا أن تجربتهم تستحق أن نتوقف عندها .. حرب مع دولة بحجم العراق ( المدعوم من أشقائه ) .. ثم حصار طويل .. ومع ذلك لم تنهر الدولة .. ولم يتغير شيء في سلوكها!! الأمر في حاجة إلى دراسة .. هل يكمن السر في التخطيط ؟ أم في عراقة الحضارة الفارسية ... والإحساس بذلك الماضي ؟
فصل :
هذا مرتبط بالحديث عن الخصخصة .. ولكنه تأخر لأنني نسيت الموضوع !!
بيع القطاعات الناجحة .. والرابحة .. يذكر بحكمة للحكيم "زْقَيْوْ" ... فعندما علمت قبيلته أن قبيلة أخرى ستغزوهم .. استشاروه فأشار عليهم بالتالي :
الغزاة إنما يريدون "ماشيتكم" .. والرأي .. أن تحلبوا جميع إناث الماشية ،القابلة للحلب .. في "الغدير" المجاور .. ثم تنحروا .. وتذبحوا جميع الماشية .. وتجففوا لحومها .. فلا يجد الغزاة ما يسوقونه .. ونعيش نحن على اللحم المقدد .. ونشرب الحليب من الغدير!!
فصل : كالعادة لابد من التعريج على كتاب"فن القراءة" ولكن ليس لأخذ ومضة .. وإنما للحديث عن مقالة كاملة .. تمتد على الصفحات 284 وحتى 292،وعنوانها "الشريك السري"
يحدثنا "مانغويل" عن ظاهرة خاصة بأمريكا الشمالية .. والدول الأنغلوساكسونية ... ويبدأ بقصة حصلت عام ( 1969،سافر تيموثي فيندلي إلى نيويورك ليعمل مع محررّه الأدبي الأمريكي على ألواح الطباعة الخاصة بروايته الثانية،وباء الفراشة. (..) كان المحرر الأدبي الموكل بكتاب فيندلي هو كوريس م. سميث،المعروف باسم"كوك"،الذي حرر رسائل جيمس جويس أيضا. قرأ سميث وباء الفراشة،وهي يوميات تؤرخ أفول عائلة هوليودية تُروى على خلفية ألمانيا النازية،ورغم أنه أحب الكتاب حبا جما إلا أنه لم يكن راضيا عن جانب واحد منه : كان راغبا في معرفة "معنى"الفراشات في القصة ونصح فيندلي بشدة ليوضح ذلك. كان فيندلي شابا،تنقصه التجربة،ويخشى إزعاج الناشر الذي تطلع كثيرا إلى النشر عنده. فرضخ لاقتراح سميث. أعاد العمل على الكتاب ليفسر الفراشات ،وتبعا لذلك ظهرت الرواية حاملة ختم الناشر فايكنج.){ ص 284 – 285 ( فن القراءة ) / ألبرتو مانغويل / ترجمة : جولان حاجي / دار الساقي الطبعة الرابعة 2016}.
وبعد ذلك .. و(بعد تقدمه في العمر وازدياد خبرته وتراجع خوفه من الاعتراض على ناشره،تمرد فيندلي أخيرا،راجع وباء الفراشة سنة 1986،حاذفا الشرح،والنسخة الجديدة"ليست أسوأ ولا أفضل من سابقتها،وإنما هي النسخة الأصلية ببساطة"نُشرت لدى فايكنغ بنغوين.){ص 289}
ثم يوسع الحديث عن تلك الظاهرة ..(فحتى أكثر كتاب الرواية افتقارا إلى التجربة يعلمون أنه إذا قُيض لهم النشر فيجب أن تمر مخطوطاتهم عبر أيدي محترفين يُعرفون باسم :"المحررين"توظفهم شركات النشر لقراءة الكتب المأخوذة في اعتبار النشر واقتراح التغييرات التي يرتأونها مناسبة"هذه الفقرة التي تقرأونها الآن لن تكون الفقرة الأصلية التي كتبتُها،لأنها محكومة بالخضوع لتفتيش المحرر،وفي الواقع ،عندما نُشرت نسخة أخرى أقدم من هذه المقالة في مجلة ساتردي نايت،كانت هذه الجملة قد حُذفت بالكامل".
يمتنع الكتاب،المعروفون بقلقهم إزاء مهنتهم،عن التطرق إلى هذه المساعدة الإجبارية ما عدا الخطوط العريضة أو تناقلها ما بين الأصدقاء. يزخر الأدب المعاصر بأمثلة عن التقصير في العمل وأخرى عن الوفاء بالوعد المقطوع للناشر،ولكن الكتاب يميلون إلى التكتم على مثل هذه التدخلات – وهم محقون. ففي النهاية العمل الروائي هو عمل الكاتب،ويجب أن يُرى على هذا النحو. لا يحتاج الكتاب"ومحرروهم متفقون معهم"إلى إشهار الترقيعات والدروز الناجمة عن ذلك التعاون. يريد الكتاب أن يكونوا المنتجين الوحيدين لأعمالهم.){ص 285}.
"على أية حال" .. يقول "مانغويل" (...،هذا الخفر مبطن بمفارقة. فالكاتب الذي يعرف إنه الكاتب الوحيد للنص،المتسائل قليلا حول وجود هذا النص والحائر إزاء الألغاز التي يحتويها حيرةً لا يُستخف بها،يعرف أيضا أن النص قبل نشره سوف يخضع للاستجواب والتحقيق على أيدي محترفين،وأنه يجب تقديم الأجوبة أو قبول الاقتراحات،فيتخلى بذلك،جزئيا على الاقل،عن سلطة الكاتب المطلق اليد. (..) كل كاتب روائي في أمريكا الشمالية "وفي بعض دول الكومنولث البرطاني"يلزمه،قبل خروجه إلى العالم،راكب في المقعد الخلفي يُقدم للسائق نصائح لا يتحمل مسؤوليتها،إذا جاز مثل هذا التعبير.) {ص 285}.
ثم جاء دور الحديث عن تاريخ "التحرير" .. (الإقرار بمهمة التحرير ليس بذلك القدم أو الشيوع كما قد يحلو الاعتقاد للجمهور الأنغلوسكسوني. إن هذه المهنة،نظريا ،مجهولة في باقي أرجاء العالم : حتى في إنكلترا تأخر ظهورها قرابة قرنين ونصف القرن بعد اختراع المطبعة. يذكر قاموس أوكسفورد للغة الإنكليزية أن سنة 1712 هي التاريخ الأقدم لورود كلمة محرر بمعنى"من يقوم بإعداد عمل أدبي لشخص آخر"،استخدمها جوزيف أديسن في جريدة السبكتاتور تحديدا"لشخص يعمل على مادة أنهاها المؤلف أو تركها غير مكتملة". لعل هذا هو المعنى الذي خطر ببال وليام هازلت،قاصدا التوكيد على مسؤولية الكاتب الوحيدة أمام النص،عندما لاحظ"من سابع المستحيلات إقناع محرر بأنه لا أحد". لم يدخل المحرر إلى التاريخ مفهوما بصفته"مَن يعمل مع المؤلف على صياغة عمل روائي"إلا بعد وقت طويل من ذلك،في العقود الأولى من القرن العشري،قبل ذلك كانت هناك فقط إشارات مبعثرة إلى نصائح تتعلق بالتحرير : إيراسموس مقدما لتوماس مور اقتراحات تتعلق بـ"يوتوبيا"تشارلز ديكنز،بوصفه محرر مجلة هاوسهولد وردز،مشيرا على ويلكي كولينز بحبكة قصة ..إلخ.
كان علينا الانتظار حتى عشرينيات القرن العشرين للعثور على محرر كامل المواصفات،بالمعنى المعاصر للكلمة،عندما ظهر في نيويورك شخصية تأسطرت الآن : إنه ماكسويل بيركينز،محرر ف.سكوت فتزجيرالد،وإرنست همنغواي،وإركسين كالدويل،وتوماس وولف. كان بيركينز محررا كريما بكل المقاييس،دقيقا في احترامه أن اقتراحاته تتماشى مع مقاصد المؤلف ومع ذلك منعتنا دوافعه السمحاء من معرفة كيف كانت تبدو مخطوطات توماس وولف قبل تشذيبها بيد بيركينز إلى شكلها الجاهز للطباعة){ ص 286}.
وبعد ذلك جاء دور الحديث عن "مهمة المحرر" ..(المهمة الدقيقة للمحرر شيء اشبه باللغز لدى عموم القراء. حاول أن يوضحها ريك آرتشبولد،وهو محرر كندي متميز يعمل مستقلا،فكتب في كتيب صغير موقع بأقلام عديدين عنوانه المؤلف المحرر : دليل عمل 1982 : "للمحررين وظائف عديدة،تتباين عددا،بحسب حجم دار النشر وتعقيداتها. قد تتضمن الحصول على الحقوق لطباعة مشاريع الكتب،بيع حقوق الاقتباس،تطوير الخطط للتسويق والترويج،كتابة كلمة لأغلفة الكتاب .. الإشراف على الإنتاج،والتدقيق النحوي والإملائي،و،بالطبع التحرير.".ليس هذا عونا كبيرا. إذا تركنا جانبا القطاعات الخاصة من النشر مثل الكتب الجامعية والمجلات والمطبوعات التقنية،فما الذي يقوم به المحررون بالضبط عندما يقولون إنهم "يحررون".
جزء واحد على الأقل من عمل المحرر،الذي ينفذه أحيانا "محرر الطباعة"،يقتضي ببساطة تدقيق الوقائع وقواعد النحو والإملاء والمطابقة مع الأسلوب الذي تعتمده شركة النشر في استخدام علامات الترقيم .. إلى آخره،وطرح أسئلة تتعلق بالحس السليم من قبيل : هل أنت منتبه إلى أن شخصيتك عمرها خمسة عشر عاما في الصفحة 21 وثمانية عشر عاما في الصفحة 34؟ أيا كان الراتب الذي يتقاضاه المحرر فلن يكفي على الأرجح لتعويضه عن كل هذا التدقيق والتدقيق المضاعف اللذين لا يُشكر عليهما.
ولكن حتى هذا المظهر المعهود للتحرير،أيا كانت ضرورته الظاهرة،يضمر مقدرة على إلحاق الأذى. فالكاتب الذي يعلم أن نصه سيخضع لمعاينات المحرر قد يميل إلى ترك مفاصل العمل الأدق من دون اعتناء،لأن هناك محررا "أو محررة"سيحاول في كل الأحوال أن يضبط إيقاع النص بما يناسب الصواب الذي ترتئيه أذنه"أو أذنها"الاحترافية (..) تحرير الطباعة إذن جزء مقبول من عمل المحرر. ولكن المحرر،في منعطف تاريخي يسبق على الأرجح حتى أيام ماكسويل بيركنز،جسرَ الهاوية بين أسئلة تتعلق بالنحو والإملاء وبين أسئلة تدور حول الفحوى،فراح يستفسر عن معنى الفراشات . خلسة أصبح مضمون الرواية مسؤولية المحرر.){ص 287 288}.
ويؤكد المؤلف خلو بقية العالم من هذه الظاهرة .. (لكن التهديد ليس عالميا في كل حال. إن التحرير بوصفه "بحثا عن قصد المؤلف"ممارسة تكاد تقتصر على العالم الأنجلوسكسوني. وحضورها في المملكة المتحدة أقل من أميركا الشمالية. (..) لماذا أميركا الشمالية هي بوتقة المحررين؟ أقترح أن الجواب يكمن في طبيعة النسيج التجاري "المركنتيلي"للمجتمع الأميركي. فلأن الكتب يجب أن تكون سلعا قابلة للبيع،يجب توظيف الخبراء لضمان أن المنتجات رابحة تجاريا. تنتج هذه المهمة التجميعية،في أسوأ حالاتها،روايات رومانسية تغرق السوق،وفي احسن أحوالها تقصقص توماس وولف للوصول إلى الحجم المطلوب. في أميركا اللاتينية،حيث قلما تدر الكتب مالا،الكاتب متروك لأدواته الخاصة وللرواية أن تمتد بالطول الذي يشاء دونما خوف من مقصات المحررين.){ص289 - 290}.
وتمتد ذراع أخطبوط "التحرير" إلى رحاب الشعر!! يقول مانغويل :
(في تعليقه على ما قد يكون المثال الأشهر عن التحرير في الشعر الحديث،عندما أعاد إزرا باوند العمل على قصيدة ت.س.إليوت الأرض اليباب،نوه بورخيس"بوجوب ظهور اسميهما على صفحة الغلاف. فحين يسمح كاتب لشخص آخر بتغيير نصه،لا يعودُ هو المؤلف – إنه أحد المؤلفين ويجب الإقرار بتعاونهما على ذلك النحو"){ص 290 - 291}.
ثم يتحدث المؤلف عن"التحرير الودي" .. إن صح التعبير :
(بالطبع،في كل مكان من هذا العالم،أنغلوسكسونيا أم لا،يقوم الكتاب بعرض عملهم قبل نشره"وإن جادل نابوكوف قائلا إن هذا شبيه بعرض عينات من قشع قصباتك". رهط من القراء غير المحترفين – أمُّ الكاتب،جارُ،صديق،زوج أو زوجة – يؤدون الفحص الطقوسي الأول يقدمون حفنة من الشكوك أو الإطراءات بمقتضاها قد يختار،وقد لا يختار، إعادة النظر. ليست هذه الجوقة المتناقضة صوت السلطة وصوت الاستبداد الرسمي الناصحين بالتنقيح. كان جون شتاينبك يُطلع زوجته على كل فصل جديد ينتهي منه،شريطة أن يكون تعليقها الوحيد :"هذا رائع،يا عزيزي".
أما المحرر،من جهة أخرى،حتى أرهف المحررين وأفهمهم (..)،فيشوب رأيه شيء من السلطة لسبب بسيط هو منصبه. إن الفرق بين محرر يتقاضى أجرا وبين شخص مقرب إلينا كالفرق بين طبيب يقترح استئصال فص من الدماغ وبين عمة رؤوم تنصحنا بكوب من الشاي الثقيل.){ ص 291 }.
ويَختم بهذه الأسطر .. أو هذه البكائية على نقاء النصوص . . وإن بأخطائها .. كما كتبها أصحابها :
( من دون محررين لكانت النصوص التي نقراها أقرب إلى التخبط والتفكك والتكرار،لا بل حتى مشينة،مليئة بشخصيات عيونها خضر في يوم وسود في اليوم الذي يليه"مثل مدام بوفاري"،تعج بالأخطاء التاريخية،مثل كورتيث،رابط الجأش يكتشف المحيط الهادي"كما في سوناتا جون كيتس"،متخمة حلقات قصص رُبطت إلى بعضها بعضا بطريقة رديئة"كما في دون كيخوتة"أو ذات نهاية مرقعة كيفما اتفق"كما في هاملت"أو بداية مرقعة مثلها"كما في حانوت الغرائب العتيقة"لتشارلز ديكنز". أما بوجود المحررين – مع حضور المحررين الدائم الذي لا مناص منه الآن،المحررون الذين من دون إذنهم "لا مانع"{ في الهامش : Nihil Obstat: كانت هذه العبارة تُطلق على الترخيص الذي تمنحه الكنسية الكاثوليكية بتداول كتاب من الكتب،وآثرنا هنا ترجمتها إلى ما شاع في الرقابة العربية}. لا يُطبع بالكاد كتاب – فقد نفتقد شيئا خرافيا في جدته،شيئا متوهجا كالعنقاء وفريدا،شيئا يستحيل وصفه لأنه لم يولَدْ بعد ولكنه إذا ولد لن يقبل بأي شركاء سريين في خلقه){ص 292}.
ختاما .. من فوائد العزم – الصادق إن شاء الله – على هجر الكتابة .. أنني لا أعرف عدد الصفحات التي تمددت عليها هذه الأسطر !! بمعنى آخر .. لم يشغلني موضوع الإطالة .. من عدمه.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني