ياسمينة المشرق تتنفس بصبرها من نسائم الجنة ..
هشام الخانيحبيبتي دمشق .. الكل في هذه الليلة ذاهل عما خلق لأجله الا من رحم ربك. ولئن رأك المخلصون عطشى في يوم تنسكب فيه المنكرات التي لاتليق بحالك ومكانتك وتقواك ذاهلين عن ارضاء المنعم .. فانني أراك (ياحبيبة القلب والروح) تسقىن انت ومؤمنيك ومخلصيك من ماء السلسبيل تسكبه على بيوتك وجبالك وشوارعك وأزقتك اليد الشريفة الكريمة التي راتك مظللة باجنحة الملائكة يشع من عقرك النور المبين يصدره عمود الكتاب الذي عمد به اليك اذ تبعه البصر الكريم يغرس فيك بامر من صاحب الامر الذي بيده مقاليد السموات والارض.الا فلتصل يادمشق (في هذه الليلة وكل ليلة) لله العلي العظيم ساجدة ذليلة، انت وكل مخلصيك ومؤمنيك، ولتطلبي السلام من صاحب الفرج وواهب النعم الاوبة والقبول .. فمهما كثر الخبث، ومهما زاد الاعراض، فان جيبا صغيرا من جيوب الرحمة يسعك ويسع كل بيت وفرد فيك طالما اتك تخلصين النية لله انت وابناؤك. ولتتذكري بأن العيون التي تسهر الليلة زائغة عن فطرتها تتمتع بالسهر وومض الاضواء، وأن الاسماع التي تطرب وتهتز بالصخب والجنون، وان العقول التي تفقد توازنها نتيجة حب الدنيا واحتساء مايذهب قدرها ويضيعها .. هي جميعا منن وافضال من الله. وليعلم المعرضون الذين يرون في استعمال أدوات النعمة، التي حيزت لهم بفضل الله، تحصيلا حاصلا .. ليعلموا انهم غافلون قد تقاصرت عقولهم الى مادون الأنعام. فما بالهم هائمين كالدواب ناسين أن النعم بيد المنعم يذهبها متى يشاء. وإن العجب كل العجب فيمن بستخدم المنح ليسيء بها الى المانح!! ولعل السماء كانت ستمطر البلاد بالرضى فيما لو بادر الناس الى الترحم على من مضى مظلوما دون ذنب، والى اللهفة والمؤازرة لما خلفه البأس من حرقة ولوعة ومسغبة وانين وتشرد وبعد عن الاوطان والديار.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"- الحج 46).
.....