منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    هيباشيا...فيلسوفة الأسكندرية

    أول مارس سنة 415م، أيام الصوم الكبير، والطريق مظلم أشد الإظلام ، الصحراء المصرية بالقرب من صحراء النطرون ، عربة يجرها حصانان رشيقان وينهبان الأرض نهبا ، ويظهر ضوء شحيح ، يبدد سواد الليل الكثيف ، يعترض العربة جمع من الرهبان المنتظر على الطريق منذ فترة طويلة ويخفيهم ظلام الليل وملابسهم السوداء ، وفجأة يهجمون على العربة وبقسوة ووحشية يفتحون بابها ، ويجذبون إمرأة بارعة الجمال ، رشيقة القوام ،ذكية العينين ، ساحرة الوجه ،ويجرونها جراً ويذهبون بها إلى كنيسة قيصرون ، حيث تقدمت مجموعة منهم وقاموا بنزع ثيابها حتى تجردت تماما من ملابسها وتصبح عارية كما ولدتها أمها، ثم تقدم أحد الرهبان ، بطرس قارىء الصلوات ، وبمساعدة بعض الرهبان الذين أمسكوا الجسد العارى تماماً وشلوا حركته ، وبسكين حاد النصل وبيد لاترتعش ذبحها بطرس ذبح الشاة ، ولم يكتف الرهبان بذلك ، بل عكفوا على مهمة بالغة الغرابة ، وغير مسبوقة ،بتقطيع الجسد إلى أشلاء مستمتعين ومنتشين بما يفعلون ، ثم أمسكت كل مجموعة شلوا بعد شلو، وراحت تكشط اللحم عن العظم بمحار حاد الأطراف 0وفى شارع سينارون، أوقدوا ناراً متأججة وقذفوا بأعضاء جسدها ، وهى ترتعش بالحياة 0
    إنها الفيلسوفة المصرية هيباشيا إبنة ثيون أستاذ الرياضيات فى متحف الأسكندرية ،وآخر عظيم من عظمائها ، سُجّل بلوحة الخالدين ، ، وجاء بدائرة المعارف البريطانية (فيلسوفة مصرية وعالمة فى الرياضيات ولدت با لأسكندرية عام 370وماتت بها فى مارس 415م0كانت المرأة الأولى التى لمعت في ميدان الرياضيات والفلسفة ، وأول عالمة بها )) 0
    أولى شهيدات الحكمة والفلسفة على مدى العصور والدهور ، وأبشع موتة لم يسبق لها مثيل ، ولكنها الموتة الأشهر التى أصبحت فيما بعد والمثال الذى يحتذى والأنموذج المقتدى ، للتخلص من أرباب الحكمة والفلسفة ، والعبرة لمن تسول له نفسه أن يعترض أو يناقش أو يهمس ببنت شفة ، أو يقف على قارعة الطريق كى يشرح ويوضح ويفهم للتلاميذ ماهية العدل ونهايات الظلم وأسباب السعادة ووسائل الرقى والتقدم وحرية الفكر والعقيدة.


    كانت هيباشيا تلقى محاضراتها فى متحف الأسكندرية ، وفاقت أهل زمانها من الفلاسفة والعلماء عندما عينت أ ستاذة للفلسفة بالأسكندرية ، وهرع لسماع محاضراتها عدد كبير من الناس ومن شتى الأقطارالنائية ، والطلاب يتزاحمون ويحتشدون أفواجاً إليها ومن كل مكان ، ولقبت فى الخطابات المرسلة لها بالفيلسوفة ، وإذا قامت بشرح فلسفة أرسطو أو أفلاطون إكتظت القاعات برجالات وأثرياء الأسكندرية وأكابرها ......كانوا يترددون على مجالسها ويحرصون عليها ، سيما وهى تعالج الكثير من المواضيع الشائكة و تثير الأسئلة المعقدة ، من أنا ? ومن نكون ?وما الخير ?وما هو الشر ? وما المصير ? وما طبيعة الإله ?.......إلخ

    وفى خطاب متبادل بين طالبين من قورينا( برقة حالياً بليبيا ) ، يقول لصديقه (لقد سافر الشباب من قورينا إلى الأسكندرية ليدرسوا على شخصية معروفة تماما ، ويبدو أن شهرتها كانت تفوق الوصف ، لقد رأيناها وسمعناها بأنفسنا ، بعد أن سمعنا عن تلك المرأة التى تتربع ، بشرف ، على قمة الأسرار الفلسفية .....)

    فى هذا الزمن ، كانت مصر مهد الحضارات ومنبت العلوم وقدس أقداس الفلسفة ومنارة علوم الرياضات والهندسة - شاهدة الأهرام والمعابد على ذلك- و الديانة اليونانية دين السواد الأعظم من الشعب وإختلاطها بالعقائد المصرية آنذاك ، وتمسك المصريون بدياناتهم تقليداً قديماً قدم الأهرام وأبى الهول ، وذوبان أى ديانة وافدة فى بحر الشخصية المصرية ، والحفاظ على تراث الأجداد واجب مقدس،والصراع بين الديانة الجديدة المسيحية والديانات الموجودة ، على أشده من التطاحن والتنافر والتقاتل ، والعداء بين سدنة الدين الجديد والفلاسفة قائم وسعيره متأجج أواره ، فالمسيحيون الأوائل ينظرون إلى العلم والفلسفة على أنهما يتحدان مع الوثنية فى هوية واحدة فلاعلم ولا ثقافة إلا ما جاء به الكتاب ا لمقدس ، ولا حقيقة ولاباطل إلا ما أكده الكتاب المقدس ، ولاقانون ولا تشريع إلا ماورد بالكتاب المقدس ، وأن كل ما هو خارج سلطان النصوص المقدسة هو كفر وإلحاد وزندقة وهرطقة ...وجزاءاً وفاقاً لمخالف النصوص المقدسة ومنكرها وتاركها والمناقش لها والمستفهم عن صحتها ، الشنق والقتل والسحق والمحق فلا رأى إلا رأى النصوص حتى وإن خالفت المنطق وداست العقل ، فالنقل فوق العقل ، وتقديس النصوص أمرمفروض و الحفظة والكهان بالمرصاد ، وأشد الجرائم وأقذرها وأبشعها ترتكب بإسم الحفاظ على المقدسات ، والقتل والتنكيل لمن يطعن فى الدين ، قتلاً وتمزيقاً وتشهيراً وسحقاً ، سواء فى الحياة أو فى الممات ، فلا حرية إلا للكهان ، ولا بحث ولافحص إلا لحفظة النصوص ، ولاتبجيل ولا إحترام ولاتقدير إلا لأصحاب القداسات وأرباب الفضيلة ،فهم الوحيدون الذين يمتلكون الحقيقة وهم ظل الآلهة فى الأرض. وما أشبه الليلة بالبارحة!!!!! ولكل عصر كهانه ولكل عصر ضحاياه من الفلاسفة والعلماء والمفكرين والشعراء، وباسم الحرية يتم الإغتيال والتصفية الجسدية والتشريد والنفى ورفع رايات الردة ودق طبول الكفر والإلحاد وعقد المحاكمات والأحكام بالقتل وإعلان التوبة مرفوض 0
    هيباشيا فيلسوفة الأسكندرية ، نبوغ مبكر وعبقرية فذة ، وقليل مايجود الزمان بالعبقريات ،إذ أن العبقريات أمل الإنسانية الأوحد فى أن تستطيع أن تخرج بها يوماً من خضم مشكلاتها، وحروبها ، وأزمتها ، ومصائبها وأوجاعها وعنفها المتصاعد فى شتى بقاع العالم ، وتقودها فى أمان إلى مرفأ الحياة السعيدة الموفورة والخلاص النهائى .فقد تأكد وعلى توالى القرون ، أنه وبظهورالعباقرة ولإمكانياتهم الخارقة وجهودهم العملاقة والخلاقة من التأثير فى حياة الناس ، يسود الأمن ويعم الصفاء النفوس الملتاعة والشقية واللاهثة وراء بارقة الأمل المرتقب والغدالمأمول 0
    _________________

    عبدالرؤوف النويهى
    المحامى بالنقض

  2. #2
    الجقيقه اول مرة اسمع عن هذه الفيلسوفه
    هل الفلسفه كانت محرمه وقتها؟
    هل المراة يجب الا تتعرض لامور كهذه؟ هل امر تجرمه الشريعه؟
    ووتمنيت لو عرضنا شيئا من فلسفتها هل مست العقيدة بسوء؟
    وعلى كل حال ممتنين استاذنا لطرح موضوع نجهله
    تحيه وتقدير
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. حرائر الأسكندرية
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-28-2013, 04:35 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •