تأثير العامل الاقتصادي على الأسرة
بات معروفاً لدى الجميع مدى تأثير العامل الاقتصادي في حياة الأفراد والشعوب والحكومات، وبأنه المحرك الرئيس للكثير من النزاعات والحروب والفقر الذي يعصف بمعظم الدول الضعيفة.
وفي زمن العولمة هذا، يتضح هذا التأثير بشكل فاضح وواضح، خصوصاً لدى الدول التي كانت تعتمد نهج الاقتصاد الاشتراكي، وأيضاً الدول التي تسمى بالنامية.
واليوم وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية، أخذت معظم هذه الدول نهجاً يعتمد اقتصاد السوق، والدخول في رحاب الاقتصاد العالمي الامبريالي - الأمريكي، الذي تقوده شركات عملاقة هدفها الربح ولو على حساب حياة ودماء البشر، وتخريب قيمهم ومفاهيمهم وإنسانيتهم، مستخدمة كل السبل والوسائل لتزيد من احتكاراتها وتكديس أرباحها، حيث يمتلك عشرون بالمائة من سكان الأرض حوالي 80٪ من خيراتها.
وهذا ما نلمسه اليوم من هيمنة هذا الاقتصاد على حياتنا جميعاً، وآثاره الاجتماعية والسياسية وغيرها، والتي جعلت الهوة تتسع بين الشمال والجنوب، وبين الغني والفقير، حيث تلاشت الطبقة المتوسطة من المجتمعات، ومعروف مدى أهمية وجود هذه الطبقة في اي مجتمع، هي الحامل الأساسي لأي تطور وتغيير.
والأسرة تلك الخلية الصغيرة التي تشكل النسيج الاجتماعي، قد أصيبت بنكسات وخيبات لا حصر لها، من تدني مستوى المعيشة الذي وصل في معظم الأحيان حد الفقر والبطالة وما تخلفه من آثار وأزمات أخلاقية واجتماعية خطيرة تهدد كيان الفرد والمجتمع.
ورغم ذلك ساد النمط الاستهلاكي الذي تروج له وبكل فجور الدعاية والاعلان الذي ترعاه وسائل الاعلام بمختلف أنواعها، لتأجيج الرغبات عند الأفراد الذين لا هم لهم إلا امتلاك ما يتم الاعلان عنه لمواكبة التطور المزعوم والمؤطر بالموبايل والكمبيوتر والنوادي والأزياء، وهذا ما يتطلب ايرادات باهظة ترهق كاهل الأسرة، وتفرض على الأبوين العمل والغياب عن البيت لساعات طويلة يغدو فيها الأب ضيفاً على الأسرة لا تأثير له إلا بكونه ممولاً لمتطلباتها، مفسحاً المجال في التربية للفضائيات واعلاناتها التي تدغدغ مشاعر ورغبات الأبناء.
وهنا تلعب التربية المحصنة السليمة للأبوين دوراً هاماً في توجيه الأبناء الوجهة الصحيحة والسليمة، من حيث القناعة بما هو ضروري ووفق المتاح من الإمكانيات المادية للأسرة، والتركيز على قيمة الإنسان من خلال ما يحمله من فكر وثقافة ووعي تتوجه الأخلاق الحسنة، لا بما يمتلكه من تلك الوسائل والمغريات المنتشرة كالوباء، ومحاولة تقليد ما يعرض علينا من اعلانات تحاصرنا في البيت والشارع والصحف، إضافة إلى إمكانية استخدام هذه التقنيات بشكلها الايجابي، والذي يعود علينا بالمنفعة العلمية والتطور الذي يخدم شخصيتنا أولاً، ومن ثم يكون في خدمة المجتمع ورقيه عبر أفراد ايجابيين.
وهنا أتساءل: ما جدوى امتلاك الأبناء في مراحل الدراسة وخصوصاً المبكرة لذلك الموبايل..؟!.
وأيضاً، ألم تعد البيوت تتسع لاستقبال أصدقاء أبنائنا حتى يصبحوا من رواد المقاهي والنوادي، وهذا عبء جديد على الأسرة.. وفوق كل هذا، لماذا الركون والجلسات الطويلة أمام الكمبيوتر والانترنت، وتبعاته النفسية والصحية عند الأبناء دون معرفة ماهية المواقع التي يرتادونها والتي قد تصيب تركيبتهم النفسية والخلقية بالعطب والتشوه..؟!.
فهلا صحونا من استلابنا لكل ما يفد إلينا وتعرضه علينا تلك الاعلانات..؟!.
ايمان ونوس