بمناسبة مرور70عاما على تقسيم فلسطين
عدم شرعية تقسيم فلسطين
وعد بلفور والانتداب البريطاني والتقسيم أقاموا أخطر وأوحش دولة استعمار استيطاني يهودي على كوكب الأرض
اشتركت وساعدت بريطانيا العدو الإسرائيلي في تدمير بلدان الشرق الأوسط وعرقلت التنمية والتطور فيها
وساهمت بريطانيا بإنزال النكبة واستمرارها وتشريد الشعب الفلسطيني من وطنه فلسطين وإقامة اكبر ثكنة عسكرية في الشرق الأوسط معادية لشعوب المنطقة
د. غازي حسين
نفذت الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وممارستها أقسى أساليب الترغيب والترهيب على الدول الأعضاء في المنظمة الدولية في 29 نوفمبر 1947 ما خططت له دول أوروبا الاستعمارية في تقرير كامبل عام 1907 واتفاقيات سايكس ــ بيكو عام 1916 ووعد بلفور عام 1917 وقرارات مؤتمري فرساي عام 1919 وسان ريمو عام 1920 بإقامة إسرائيل في فلسطين العربية وغرس المستعمرين اليهود فيها وترحيل الفلسطينيين منها.
رفض الشعب العربي الفلسطيني والأمة والدول العربية باستثناء المملكة الهاشمية التي كانت ملتزمة بالمعاهدة الأردنية ـــ البريطانية قرار التقسيم. وأعلنت الحركة الصهيونية عزمها على تطبيقه وتوسيع حدود إسرائيل بالقوة العسكرية ودعم الدول الغربية.
وأيدت عصبة التحرر الوطني في فلسطين والحزب الشيوعي الفلسطيني قرار التقسيم، وأيدته أيضاً بعض الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية.
وانقسم اليهود في الموقف من التقسيم فأعلن بن غوريون باسم الوكالة اليهودية موافقته على القرار، والعمل على توسيع حدود إسرائيل لإقامة «إسرائيل الكبرى» بحدودها التوراتية.
وأخذ يدعم ويقوي عصابة الهاغاناه والبالماخ العسكرية، وكان قد أعلن في عام 1938 عندما طرحت بريطانيا فكرة التقسيم عن عزمه أمام الوكالة اليهودية لإزالة التقسيم بقوة السلاح بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم في فلسطين.
وبرز موقفه هذا جلياً بعد تأسيس إسرائيل في بداية العام الدراسي الجديد عام 1948، حيث خاطب طلبة المدارس قائلاً: «إن خريطة التقسيم ليست خريطة وطنكم، فالوطن اليهودي هو من النيل إلى الفرات».
وتلخص موقفه بالموافقة على التقسيم ثم تغيير الحدود بقوة السلاح. فاحتل يافا والقرى المحيطة بها، كما احتل حيفا. وفي منتصف تموز من عام 1948 احتل مدينتي اللد والرملة. وبلغ مجموع ما احتلته إسرائيل زيادة عن الحدود التي عينها لها قرار التقسيم 22% من مساحة الدول الفلسطينية بموجب قرار التقسيم.
وأعلن السفاح مناحيم بيغن زعيم عصابة الأرغون الإرهابية المسلحة في 30 تشرين الثاني عام 1947 رفضه للتقسيم وبطلان شرعيته، وأن كل أرض فلسطين بما فيها شرق الأردن هي ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد.
وأعلنت بريطانيا قرارها بانتهاء الانتداب وانسحاب المندوب السامي والقوات البريطانية في 15 أيار 1948. وتضمن قرار التقسيم ما يلي:
أولاً ــ إقامة دولة عربية مساحتها 11,000 كم2 أي ما يعادل 44,5% من مساحة فلسطين. وخصص لها المناطق التالية:
1)الجليل الغربي ويضم مدن الناصرة وعكا وشفا عمرو.
2)المنطقة الجبلية الممتدة من شمال مدينة جنين شمالاً إلى مدينة بئر السبع جنوباً، ومن نهر الأردن شرقاً إلى سفوح الجبال غرباً وأقضية جنين وطولكرم واللد. وتضم مدن جنين وطولكرم وقلقيلية واللد والخليل وأريحا ورام الله.
3) أقسام من أقضية المجدل وغزة وبئر السبع والفالوجة.
4) مدينة يافا وقرى سلمة ويازور والخيرية وساكية وكفر عانه والعباسية ومطار اللد (مطار تل أبيب اليوم). وخصص قرار التقسيم للدولة اليهودية /15000/ كم2 أي 54% من مساحة فلسطين في ثلاثة أقسام وهي:
1)الجليل الشرقي ويضم مدينتي صفد وطبرية وبحيرتي طبرية والحولة وقضاء بيسان.
2)أراضي الساحل الممتد من جنوب عكا شمالاً إلى المجدل جنوباً وتشمل المنطقة مرج ابن عامر وسهل عكا ومدينة حيفا.
3)أقسام من أقضية المجدل وغزة وبئر السبع باستثناء مدينة بئر السبع والنقب بكامله وقسم من العقبة والبحر الميت حتى نقطة عين جدي شمالاً.
ووقعت 272 قرية عربية فلسطينية ضمن حدود الدولة اليهودية. وبلغ عدد العرب في الدولة اليهودية حوالي ستمائة ألف، بينما بلغ عدد اليهود فيها /489,000/ نسمة.
وتضمن قرار التقسيم وضع القدس وبيت لحم مع ممر بينهما تحت الوصاية الدولية. وأعطى قرار التقسيم لليهود معظم الأراضي الخصبة وأكثر المناطق تقدماً وعمراناً.
رفض الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية وجميع الدول العربية باستثناء المملكة الهاشمية قرار التقسيم الظالم وغير الشرعي ولم يعترفوا به وأصروا على استرجاع عروبة فلسطين.
ولا تزال إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تعين حدودها، ورفضه السفاح بيغن زعيم عصابة الأرغون الإرهابية المسلحة واسحق شامير زعيم عصابة الأرغون الإرهابية.
ووسعت إسرائيل حدودها بالحروب العدوانية والمجازر الجماعية والاعتداءات المستمرة إلى أن وصلت إلى 78%من مساحة فلسطين حتى حرب حزيران العدوانية عام 1967، وكان اليهود يملكون حوالي 6% من أراضي فلسطين عندما تأسست إسرائيل عام 1948. ويحتلون اليوم كل فلسطين التاريخية.
تجاوزت الأمم المتحدة بالموافقة على قرار التقسيم ميثاقها ومبادئ القانون الدولي.
فالمادة الأولى من الميثاق في الفقرة الثانية تنص على حق الشعوب والأمم في تقرير المصير. ولذلك كان من واجبها أن تستجيب لرغبات الشعب الفلسطيني وتعلن استقلال فلسطين وليس تقسيمها بين الفلسطينيين سكانها الأصليين وأصحابها الشرعيين واليهود الغرباء عنها والدخلاء عليها والذين جاؤوا من وراء البحار بدعم من الدول الاستعمارية والصهيونية العالمية وتواطؤ الإمارات والممالك العربية التي أقامتها بريطانيا وتحميها أمريكا لخدمة مصالحها ولحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب الفلسطيني واستغلال الهولوكوست النازي والمبالغة فيه لإقامة إسرائيل في قلب الوطن العربي . أعلن الشعب الفلسطيني على أثر صدور قرار التقسيم رفضه للقرار والإضراب ثلاثة أيام، بينما قرر الصهاينة تنفيذه بقوة السلاح وتوسيع حدود دولتهم انطلاقاً من أكذوبة أرض الميعاد وأرض التوراة، من النيل إلى الفرات.
واندلعت الاشتباكات المسلحة بين اليهود والعرب. ونتيجة لذلك قرر مجلس الأمن العودة عن التقسيم ووضع فلسطين تحت الوصاية الدولية. وبالتالي تراجع مجلس الأمن والجمعية العامة عن قرار التقسيم وعيَّن وسيطاً دولياً لإيجاد حل سلمي للقضية لا ينطلق من قرار التقسيم.
,اختار مجلس الأمن الكونت برنادوت السويدي الأصل وسيطاً دولياً، ووضع مشروعاً أكد فيه على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم انطلق فيه من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. فقامت عصابة شتيرن الإرهابية باغتياله في شوارع القدس الغربية المحتلة. ولكنها لم تنجح في وأد مشروعه ووافقت عليه الأمم المتحدة في قرارها رقم 194 الذي نص على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم، ويمكن القول إن الكونت برنادوت قد دفع حياته ثمناً لتأييده حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، ويعتبر حق عودة اللاجئين إلى ديارهم جوهر قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني.
إن الأسباب التي دعت الشعب العربي الفلسطيني وجامعة الدول العربية لرفض التقسيم ورفض الاعتراف بالعدو الصهيوني والتعايش معه لا تزال قائمة، بل إن الحروب التي أشعلهاالعدو الصهويني والمجازر الجماعية التي ارتكبها وتدميره أكثر من (700) قرية فلسطينية وممارسته للاستعمار الاستيطاني والعنصرية والإرهاب والتطهير العرقي واستمرار النكبة واستيراد قطعان المستعمرين اليهود وزرعهم وترحيل الفلسطينيين من وطنهم وعدم السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم وعدم تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد صحة الموقف العربي برفض التقسيم ورفض الصلح والاعتراف والتعايش مع الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني يهودي عنصري وإرهابي وأكبر غيتو يهودي في قلب المنطقة العربية والإسلامية معاد لشعوبها غريب عن المنطقة ودخيل عليها ومصيره إلى الزوال كما زال الاستعمار الفرنسي من الجزائر بعد (130) عاماً ونظام الأبارتايد من جنوب إفريقيا.