يقول الأديب الكبير عدنان كنفاني ( بتصرف):
لم تعد تهمني كثيرا المحاضرات وعقد الندوات الثقافية بقدر ما قدمت إرشيفا ثقافيا مميزا للمكتبة العربية
وللقارئ العربي الكريم وأرى أن هذا عين المصلحة ....
من هنا نقول هكذا فكر لايحتاج كثير تسلق على أكتاف السابقين بقدر الاستفادة من تجاربهم الغنية
هذا صحيح
وهو المنهج الأسلم في التعامل مع الموروث الثقافي
ولو سلك الأسلاف مسلك التسلق على أكتاف من سبقهم لما وصلنا موروثهم تاما ناضجا قابلا للتفعيل التربوي والحضاري
ومنهم أعلام كثيرون كانوا مغمورون غير مشتهرين ، ليس لهم في المكتبة الثقافية إلا مصنف واحد
لكنك تكتشف بعد دراسته أنه نسيج وحده ، وأن صاحبه ضمنه تجربة معرفية فريدة ،
لها قاعدتها ومنهجها ونتائجها المؤثرة في المسار الثقافي والحضاري .
لكن حب الظهور والتوق إلى الوصول السريع
جعل كثيرا من الكوادر غير الناضجة تسطع على السطح دون حق أو تميز
أجل ، هذا صحيح ، ونماذجه طوائف منتشرة من المنتمين إلى الثقافة زورا
سلبوا الذوق الثقافي أصله وأثره
وبدلوا مسار ثقافة أمتنا تبديلا طمس انتماءها المقدس ، وجردها من مقوماتها وخصائصها على نحو أغرى بها المتربصين بها
المتصيدين ذرائع الفت في عضدها
الساعين بكل سبيل إلى إزاحتها عن مواقع الريادة والقيادة والشهادة التي رشحت لها من أول يوم .
وأتأمل قول الطغرائي رحمه الله :
قد رشحوك لأمر لو فطنت له """" فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
فأدرك أن الهمل يطفو كما يطفو الزبد والطحالب الذاهبة جفاء
ويلمع كما يلمع السراب
ويشمخ كما تشمخ السنابل الفارغات ..
فهذا مثل جيد لتجسيد حال الساطعين على السطح دون حق أو تميز ..
والخطاب في البيت الشعري موجه إلى المثقف الرسالي أنه مرشح لأمر أكبر وأعلى
فعليه أن يكون أرزن وأبعد نظرا ، وألا يستهويه من السطوع مجرد اللمعان ، كما قال الشافعي رحمه الله
قدر لرجلك قبل الخطو موضعها """ فمن علا زلقا عن غرة زلجا
وإن شئت فقل بدل ( الساطعين ) الساقطين ، وأنهم يغافلون هواتف سقوطهم بصخب الجوقات المحيطة بهم .