اللبرالية، واللبرالي العربي:
الحرية كلمة جميلة، وخصلة أصيلة عندالكائن الحي. لذلك عندما يهاجم الضعيف من قبل القوي، نرى الضعيف يهرب، لكي لايخسرحريته ليقع إسيرا في قبضة القوي. والطيورتهاجراجنوبا في فصل الشتاء، هربا من البرودة، ثم تعود لتهاجرشمالاهربا من حرارة الصيف وهكذا.
وهذه الظاهرة ليست مقتصرة على الأنسان والحيوان، بل حتى النبات حينماينمو، ويقف في طريقه نموه عائق، نرى النبتة وقدغيرت مجال إمتدادها، لكي لاتصطدم بذلك العائق.
إذن مادامت الحرية صفة وخصلة إصيلة عند الكائن الحي، أصبحت عزيزة لديه، وأملا يطمح للحصول عليه، كلماشعربإن هناك ظرفايحدمن حريته ويمنعها.
فإلإرهاب المستشري ألآن في العراق، يحد من حرية العيش بإمان للعراقي، فيضطره للهرب إلى ملاذ آمن خارج العراق.
وقساوة الغربة على العراقي، وحنينه لمسقط رأسه، تضطره للعودة إلى بلده العراق. وهكذا التجاذبات لصالح الحرية، والهروب من قيود الأسر،تعمل عملها بين مد وجزرفي هذاالإتجاه أوذاك.
ومن أشكال الحرية التي يتوق لهاالإنسان، هوإبتعاده عمايصادرله تطلعاته لأشباع نهمه، من كل جديد يصادفه.
فعندماظهرت السيارة تمنى الجميع ركوبهما، لتصبح السيارة فيما بعد من المقتنيات الضرورية الحياتية لكل عائلة.
ومثلهاالتليفون والراديووالتلفيزيون، والثلاجة....الخ وهكذاأصبح الجديدالموضة التي يفضل كل مقتدرعلى إقتنائها.
ولم يتوقف التطلع للجديد،على المخترعات والتسهيلات، التي ترفع من وسائل التعامل مع الحياة العصرية ومتطلباتها، بل تعداه إلى مجال العادات والأفكاروالقيم، مماأوجد حالات من التمردوالعصيان! على نمط التفكير السائد بين المجتمع، لتميزه إلى مجتمع محافظ، يتشبث بالقديم والعتيد، من الإفكار والعادات، ومنفتح على كل جديد من الأفكار، ومايجلبه التجار، ومما أستجد فيماوراء البحار!!
وهؤلاء التواقين للحرية والتحررمن قيود الماضي والتراث، وربماالدين!! هم من نسميهم باللبراليين أو المتحررين.
المتحررة والمتحررالعربي، عنوان جذاب، وخاصة في ضوء التقدم الهائل والحاصل، في ثورة تجهيز المعلومات ونقلها.
ففي الوقت الذي كانت فيه المعلومة، عزيزة وبعيدة بعض الشئ عن الفردالعادي. أصبحت تصلك بأبهى صورة، وأجمل عرض، وأنت مستلقي في سريرنومك، لتحثك على المطالعة والإستزادة من المعرفة.
التقاليد والعادات القديمة، شئناأم أبينا، ستموت وتضمحل شيئافشيئا، لكن ببطئ. وكمايعبرعنه بأللغة الإنكليزية(OLD HAPPITS DIE SLOWLEY ) لذلك فهي لاتهمنا،إن تسارعت في الضمور، أوتباطأت لتبقى شاخصة الظهور.
مايهمنا، مثلناوقيمنا،القائمة على أسس من الدين والعقيدة.
هنا مصدرالقلق الذي يقض مضاجعنا.
وقديسأل سائل. علام؟ ولم القلق؟؟ لم لانترك الأمور، تسيروفق التطورالذي يسودالعالم؟؟
فهذه أوربا، عندما شذبت!! وحدت من سطوة رجال الدين والكنيسة، حصلت عندهاالطفرة التكنولوجية ألتي رفعتهاإلى عنان السماء.
وهذاصحيح.
لكن التقدم التكنولوجي، حصل على حساب القيم الإجتماعية، وضياعهاالذي أدى إلى التضحية بالإخلاق، لتهدم العائلة، لبنة البناء الإجتماعي في كل بلد، وكل تجمع سكاني.
على ماأتذكرفي الستينات من القرن الماضي، قرأت أكثرمن مقال لمحلليين إجتماعيين في بريطانيا، بإن أخلاقيات المجتمع البريطاني، أصابتهاإنتكاسة جداخطيرة، أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها، نتيجة سوق الرجال لساحات الحروب، وحلول النساء، محل الرجال في الصناعة، والمرافق الحياتية العامة.
نعم لقد تهدمت الإسرة، داخل المجتمع الغربي، لتشيع حالات الأقتران بين المرأة والرجل، خارج مواثيق الزواج. وحتى فكرة الخلفة والإنجاب، أصبحت مزاجا، يتفق أويختلف عليه المقترنان للعيش سوية!!! وأصبح المجتمع يتقبل كل ذلك كواقع.
كماشاعت حالات الشذوذ، وبات للشواذ حقوقا ونواديا، وجهات إختصاص تطالب بحقوقهم، حتى حورت دساتيرالدول المتقدمة!!! لتعترف لهم بكامل الأهلية، في التعامل كمواطنين عاديين، يتمتعون بنفس حقوق الآخرين، وربما وجدواتعاطفاأكبرا، عندالبعض من البقية!!!!!!!!!!
وكان من نتيجة ذلك ظهورأمراضا لم تكن تعرف من قبل مثل الأيدز والهربس وبقاياالأمراض الزهرية، نتيجة الإنحلال الخلقي، والمشاعة الجنسية بين الجنسين.
ولخطورذلك على منظومة القيم والمثل، التي تحكم المجتمع، والتي أحس بهاالمفكرون والمصلحون الإجتماعيون، صدرت أكثرمن دعوة للعودة، إلى القيم الدينية، والتمسك بالقديم الذي كان يحافظ على تماسك العائلة.
وهنايجب التوقف مليا، والتأمل جديا، لكي نتعلم من التجربة الغربية، قبل الوقوع في شراكها، لنقاسي مثل ماقاست شعوبها.
النكسة التي أصابت منظومة القيم الدينية في الغرب، نتيجة عدم واقعية الديانة المسيحية، وإغراقهافي المثاليات!! وتحولهاإلى طقوساجامدة تؤدى كعادة. جعلت الناس تتجه إلى الماسونية، أوFree Masonry ، وأختفى كل تدخل للكنيسة في الحياة العامة. لتحل العلمانية محل الدين، كحاكم ومهيمن على الحياة العامة، في الدول المتحضرة بحضارة المادة ولاشئ غيرالمادة.
لكن تلك النكسة في الغرب، لم تنتقل لمنطقتناالعربية والإسلامية، بل العكس هوالذي حصل.
فبعد فشل الدعوات القومية والأشتراكية، حصلت ردة فعل، لبروزظاهرة الرجوع للأصولية الإسلامية، والدعوة لتحكيم الدين، في كل مناحي الحياة. وخاصة بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، وصمود الوضع الجديد فيها، رغم كل الحروب والمحاصرة التي شلت على الجمهورية الإسلامية، من جميع الجهات.
لقدبات الغرب، وكل الدول المتحضرة معه، يتحسس قوة وواقعية الدين الإسلامي، كأقوى رابطة تربط الشعوب فيمابينها، رغم إختلاف اللغة والعادات والخلفية الأثينية.
فبعد سقوط النظام الصدامي المجرم في العراق. ولأول مرة يتنفس شيعة العراق الصعداء، في زيارة مثوى الإمام الحسين(ع) للقيام بمراسم عاشوراء، إنصدم المحتل الإمريكي، وهويشاهد تجمع أكثرمن ستة ملايين زائرلكربلاء، ومن دون حدوث، ولاحادثة بسيطة!!!!! ولم يعرف كيف تحملت تلك المدينة الصغيرة، ذلك الزخم السكاني من الزوار، والمقيمين لتلك المراسم.
وللموضوع بقية: