حجاج في موسوعة« جينيس »
الجمعة, 12 ديسمبر 2008
طلال فاخر
هذا ما تظنه حينما تسمع كلام الحجاج عن حجتهم ومغامراتهم في الرحلة.. غالب الحديث (وصلنا مزدلفة الساعة.. رمينا الجمرات الساعة.. خلصنا الطواف الساعة احنا الساعة.. متحللين)! وكأن الحج المبرور هو الذي ينتهي أولاً وأفضل حاج هو (اللي يسبق)!
يذكرنا هذا برمضان وحديث الدواوين (والغبقات).. (ما عندهم سالفة) إلا هذا الإمام يطول (ويكسر ريولك ويقص ظهرك).. وذاك الإمام «قل هو الله أحد» (وانت ماشي).. وآخر يخلص العشاء والتراويح بربع ساعة..! حتى في الصلوات العادية ترى المسجد الذي يقيم بعد عشر دقائق مزدحما!! قد يكون الإنسان مستعجلاً.. لديه اشغال.. عنده ظروف.. لكن أحياناً، أما دائماً مستعجل (وعلى طول متجاوز السرعة.. وكله دايس حده..)! (وعلى شنو)؟! يبي أن ينهي الصلاة لكي يجلس في الديوانية إلى آخر الليل، (ويخلص المناسك علشان يمديه يتسوق- أو تتسوق).
لا أقصد من كلامي التعريض بالحجاج والمصلين، فهؤلاء اصحاب العبادات الذين نقف لهم حباً واحتراماً لحرصهم على الطاعة وتنافسهم فيها، وليس لمثلي ان يتكلم عن مثلهم أو يقلل من شأنهم لكني أردت لفت الانتباه الى ظاهرة السرعة هذه، والتي يخشى ـ مع الوقت ـ أن تؤثر على صحة العبادة، أو تذهب خشوعها، أو تفقدها روحها ومقصودها، ومن ثم يعد اثرها.. فتصير الصلاة حركات تؤدى ولا أثر لها في حياتي.. والحج تنقلات وسياحة دون أن تغير في سلوكي شيئاً.. وتلاوة القرآن قراءة تصويرية من غير أن يتحرك قلبي!
لدينا مجالات كثيرة للتنافس في العبادات، من يختم القرآن أو يتصدق أو يذكر الله اكثر.. من يحضر المسجد أو صلاة الجمعة أو مجالس الذكر أولاً.. من يبر والديه أو يعامل زوجته أو يربي أولاده بشكل أفضل.. من يصلي أو يحج باتباع وتحري السنة.. أما من ينتهي من عبادته اسرع.. ويريد تحطيم ارقام قياسية.. وتراه بعد الصلاة أو الحج (ينافخ ويلهث.. ويرفع يده.. أنا خلصت)! فهذا يظهر أنه تأثر بأولمبياد «بكين» أو أنه يريد تسجيل اسمه في موسوعة «جينيس»
*******
عن موقع الرؤيه