المنوَر / خوسيه ساراماجو
-----------------------------------------------------------------------
ريم بدر الدين بزالذات صباح اتصلت به دار النشر و أخبرته أن المخطوط الذي قدمه قبل أكثر من ثلاثين عاما مقبول للنشر !
قدم خوسيه ساراماجو مخطوط روايته الثانية لدار النشر و هو في الثلاثين من عمره و لكن الدار لم ترسل له إشعارا بالرفض أو القبول لكن بعد أكثر من ثلاثين عاما اتصلوا به ليخبروه أن المخطوط قد وجد في سقيفة الدار أثناء جرد الموجودات للانتقال إلى مقر جديد..
و طلب خوسيه ساراماجو أن لا تنشر الرواية قبل وفاته و قدمت بعنوان " المنوَر" أو Claraboia باللغة البرتغالية و هي تعني باللغة الإنكليزية skylight أو الفسحة السماوية للبناء و التي غالبا ما تكون مناطق الخدمات في البناء مطلة عليها (المطابخ و الحمامات).
اتخذت الرواية مسرحا رئيسيا لها بناءا مكونا من عدة طبقات في حي متوسط و من خلال الفسحة السماوية " المنور" و فسحة السلم " الدرج " ولج الكاتب إلى البيوت التي يضم كل منها نموذجا نسويا مختلفا ( الزوجة المتفانية ، الأم الرؤوم، العاهرة، العانس، الأرملة ، المراهقة ) و أطلعنا على أسرارهن و استطاع أن يسبر كنه قضايا اجتماعية مهمة عن محاولة الانعتاق من أسر المؤسسة الزوجية و عن مفهوم الخيانة فهل هي مادية تتبع للجسد أم أخلاقية تتبع للضمير؟ و عن مجتمع متدين تحكمه الضوابط الصارمة بحيث يشكل أي خروج عنها تجديفا و ارتماء في حضن المجهول و عن الحاجة المادية و التعلق بأهداب الوظيفة و الراتب و السلطة البطريركية للأب و الموضوع الأساسي في خضم هذه الثيمات المتنوعة هو البحث عن الذات و عن جدوى البقاء.
رواية المنور التي كتبها ساراماجو في عمر الثلاثين أو يزيد قليلا تكشف عن عمق مشروعه الروائي منذ البداية بحيث استطاع رسم شخصياته ببراعة و الدخول في عوالمهم بكل انسيابية
( اكتشف أنه لشدة ما تمنى هذه الحرية ، لا يعرف الآن كيف يستمتع بها بالكامل . بدت له المشاريع التي فكر فيها سطحية و تافهة و بالنهاية سيفعل بمفرده كل ما كان يفعله برفقة العائلة. سيذهب إلى الأمكنة ذاتها ، سيجلس تحت الأشجار ذاتها، و سيستلقي فوق الرمال ذاتها)
( يجب أن نحب حبا صافيا و فاعلا و ألا نهمل هذا الصفاء لصالح الفعل ، أو يدفعنا الفعل لارتكاب الأذى كالذين يريدون انعدام الحب بين البشر )
(كلنا نتناول يوميا جرعة التفكير التي تنوم تفكيرنا، العادات اليومية و العادات السيئة و الكلام المتكرر و الحركات المألوفة و الأصدقاء المضجرون و الأعداء الذين لا نحقد عليهم حقدا حقيقيا .. كل ذلك ينومنا)
( إن كان الناس يكرهون بعضهم لا يمكن فعل شيء ، سنكون كلنا ضحايا الأحقاد ، كلنا سنقتل ونقتل في حروب لا نرغب فيها و لا نتحمل أي مسؤولية عنها. ستوضع عصبة على أعيننا و تحشى آذاننا بالكلام. لم كل ذلك؟ لزرع بذار حروب جديدة . لاستحداث أحقاد جديدة ، ولوضع عصبات جديدة و تأليف كلام جديد . ألهذا نعيش؟ لننجب الأبناء ثم نقذف بهم إلى المعركة ؟ لنبني المدن ثم نمسحها ؟ لنتمنى السلام ثم نقيم الحرب؟)
( الزمن الذي يمكن أن يكون الحب فيه أساس كل بناء لم يحن بعد)
الرواية متوفرة باللغة العربية بعنوان ( المنوَر) ترجمة هيثم لمع و إصدار شركة المطبوعات للتوزيع و النشر 2014.