المجازر الصهيونية التطبيق العملي لأوامر التوراة (8)
مصطفى إنشاصي
مجزرة اليوم اُرتكبت غدراً من اليهود بأيدي قذرة محسوبة على العرب، أيدي مارونية لبنانية!
* مجزرة صبرا وشاتيلا في 16 ـ18 أيلول/سبتمبر 1982
تعتبر مجزرة صبرا وشاتيلا وهما اثنان من اثني عشر مخيماً فلسطينيا في لبنان، التي اقترفت في 16 - 18/9/1982، من أبشع المجازر الجماعية التي نفذت ضد الشعب الفلسطيني، ورغم أن منفذيها كانوا من قوات الكتائب اللبنانية العميلة، إلا أن مخططيها ومصمميها والمشرفين عليها كانوا قادة العصابات الرسمية اليهودية وعلى رأسهم أريئيل شارون الذي كان يشغل منصب وزير حرب العدو الصهيوني آنذاك، ورفائيل إيتان الذي شغل منصب رئيس أركان جيش حرب العدو. وقد اُرتكبت المجزرة بعد مغادرة المقاتلين الفلسطينيين بيروت، والاتفاق على أن تتولى العصابات الصهيونية حماية المخيمات الفلسطينية، تلك العصابات التي لم تكتف بالتآمر مع القتلة على السماح لهم بدخول المخيمين، ولكنها أيضا منعت خروج أو هروب أحد منهما. ونظرا لبشاعة المجزرة التي لم تجد المحكمة الدولية الشعبية التي انتظمت في طوكيو لمحاكمة المجزرة والغزو للبنان الذي قام به العدو الصهيوني، كلمة أشد من كلمة "جريمة" تصف بها ذلك الفعل. أكتفي بهذه المقدمة وأبدأ التحدث عن المجزرة مباشرة.
قامت قوات الكتائب التي قدر سكان المخيم عددها بـ 12 ألف مسلح و600 مسلح من قوات سعد حداد باقتحام المخيمين، وقد كان الصهاينة يتابعون المذبحة من فوق ثلاثة أسطح عمارات تقع على بعد 300 متر فقط من المخيمين. وقد قامت العصابات المارونية اللبنانية بالتنكيل بالأبرياء من سكانهما، وذبح عدد كبير من أهل المخيمين من نساء وأطفال وشيوخ، وقد كان القتل والذبح يتم كما حدث في مجزرة دير ياسين، بالسكاكين والفؤوس والبلطات وغيرها من الوسائل البدائية، التي تعبر عن مدى قسوة ووحشية ومرضية نفوس المنفذين، وعمق الحقد الدفين الذي تربوا عليه ويملأ قلوبهم. حيث رد أحد رجال المليشيا التي تنفذ المجزرة على سؤال لمراسل نيوز ويك الأمريكية يوم 17/9: ماذا يجري في المخيم؟ بقوله: "إننا نقوم بعملية ذبح!". عملية الذبح تلك لم تكن تميز بين طفل وامرأة وشيخ وشاب ورجل، الجميع سواء أمام الذبح! هذا ما تثبته شهادات الناجين من المحرقة اليهودية ـ المارونية:
لم نكن نسمع في البداية إطلاق رصاص، فقد كان القتل يتم بالفؤوس والسكاكين، وكانوا يدفنون الناس أحياء بالجرافات، وقد ذبحوا زوجي وثلاثة أبناء لي في المجزرة، فقد قتلوا زوجي في غرفة النوم وذبحوا أحد الأولاد، وحرقوا آخر بعد أن بتروا ساقيه، والولد الثالث وجدته مبقور البطن، كما قتلوا صهري. رأيتهم يذبحون فتاة وهي حامل مع زوجها في الشارع، ثم ذبحوا ابنها الصغير الذي كان في حضنها. كان القتل يتم بأسلحة فيها كواتم صوت، ثم استعملوا السيوف والفؤوس، وقتلوا شقيقي وأولادي الأربعة، كما تعرضت عدة فتيات للاعتداء عليهن. قتلوها بعدما ذبحوا طفلها الرضيع أمام عينها وعمره أربعة شهور. اغتصبوها عشرات المرات ثم قتلوها. كانوا يرسمون الصليب على أجساد ضحاياهم أحياء ثم يقتلونهم. قتلوا عائلات بأكملها.
وقد روى لي، الباحث، أحد الأشبال الفلسطينيين الناجين بأعجوبة من المجزرة وقد خرج بعدها إلى الجزائر، والتقيت به في معسكر الثورة الفلسطينية هناك: أنه رأي بأم عينيه ماذا فعل المجرمون عديمي الإنسانية، الذين لا يوجد في قلوبهم أدني شيء من الرحمة أو الشفقة، بالناس الذين فروا إلى مستشفى غزة الذي كان موجودا في المخيم للاحتماء به، حيث دخله المجرمون وهم يحملون السكاكين والسواطير والخناجر وغيرها، وكانوا يقتلون دون تمييز، حتى الأطباء والممرضات تم قتلهم، وكانوا يغتصبون الفتيات والنساء على أعين الأحياء مرات عدة ثم يقتلونهم، وكانوا يفصلون الرؤوس عن الأجساد، وأبشع منظر لا أنساه لأحد الكلاب المسعورة، بعد أن اغتصب أحد الفتيات وعمرها حوالي 20 سنة، جلس يقطع لحم نهديها بسكين وهي لازالت على قيد الحياة، وكانت تصرخ، وهو يصيح سعيدا منتشيا بجريمته بشكل هستيري: لحم لحم، مين يشتري؟! وهي تتوسل إليه أن يقتلها، ومنهم من دخل إلى غرف المستشفى وقاموا بقتل المصابين والجرحى.
هذه الأفعال الوحشية الفظيعة، التي تستعصي على الوصف قد مورست على نحو 3000 - 3500 بين طفل وامرأة وشيخ ورجل وشاب، وتحدثت مصادر فلسطينية عن استشهاد أكثر من اثني عشر ألف فلسطيني في المجزرة. فهل لك أن تتخيل بشاعة تلك المجزرة؟! وهل تستطيع أن تسجل قصة كل جريمة من تلك الجرائم الـ 3500 أو الـ 12000؟!
ولمزيد من إلقاء الضوء على بشاعة المجزرة نقدم بعض ما سجله مراسلي الصحف من مشاهد بعد انتهاء المجزرة:
مجلة التايم: (جثث مكومة فوق بعضها من الأطفال والنساء والرجال، بعضهم قد أصاب الرصاص رأسه، وبعضهم قد ذبح من عنقه، وبعضهم مربوطة أيديهم إلى الخلف، وبعضهم أيديهم مربوطة إلى أرجلهم، بعض أجزاء الرؤوس قد تطايرت، جثة امرأة تضم طفلها إلى صدرها وقد قتلتهما رصاصة واحدة).
الواشنطن بوست: (في شارع مسدود صغير عثرنا على فتاتين، الأولى عمرها 11 عاما والثانية عدة شهور! كانتا ترقدان على الأرض وسيقانهما مشدودة وفي رأس كل منهما ثقب صغير، وعلى بعد خطوات من هناك وعلى حائط بيت أطلقوا النار على 8 رجال. في أحد الشوارع تتراكم فوق بعضها 16 جثة في أوضاع غريبة، وبالقرب منها تتمدد امرأة في الأربعين بين نهديها رصاصة).
أختم بهذه المشاهد: (أم تضم طفلها اخترقت رأس كل منهما رصاصة، نساء عاريات قيدت أيديهن وأرجلهن خلف ظهورهن، رضيع مهشم الرأس في بركة من الدم وإلى جانبه رضاعة الحليب. على طاولة الكوي بالقرب من أحد البيوت قطعوا أعضاء رضيع وصفوها باعتناء بشكل دائرة ووضعوا الرأس في الوسط، في صبرا وشاتيلا يسود الانطباع أن القتلة استهدفوا وأمعنوا في قتل الأطفال بنوع خاص)!