سلسلة كتب تحكي تاريخ دمشق
----
يوميات شامية
تأليف : ابن كنان
وهو عنوان مخترع، والصواب في اسم الكتاب
(الحوادث اليومية من تاريخ أحد عشر وألف ومية)
والكتاب من أثمن كتب اليوميات وأندرها، تأليف (محمد بن كَنّان الصالحي)
وهي يوميات تغطي الفترة من عام (1111هـ) حتى وفاة ابن كنان سنة 1153هـ وهي السنة التي وصلها البديري الحلاق بكتابه (حوادث دمشق اليومية) حيث بدأ يومياته من عام 1154 وانتهى بها عام 1176هـ. واختار ابن كَنّان أن يبدأ يومياته من عام (1111) لندرة هذا التاريخ، وصادف أنه العام الذي توفي فيه المحبي صاحب (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر).
لم تصلنا سوى نسخة ابن كنّان اليتيمة التي تحتفظ بها مكتبة برلين بخطه في جزأين تحت رقم (9479) و(9480) ويقع الأول في (190) ورقة، والثاني في (180) ورقة. وامتاز الجزء الأول بخطه الحسن وانتظام أوراقه وغزارة المادة التاريخية فيه، بينما شاعت في الجزء الثاني الفوضى والغموض وتداخل الأوراق، حتى إن ابن المؤلف نفسه الذي تولى ترتيب الكتاب قال: (وعجزت عن ترتيبه فجمعته كما هو خوف الضياع لأنه لا يخلو من فائدة) ومن هنا وقع نقص في الجزء الثاني يشمل حوادث الشهور الستة الأخيرة من سنة (1135) وحوادث الربيعين والجمادين ورجب من سنة (1143) وحوادث الربيعين من سنة (1144)
. طبع الكتاب لأول مرة عام (1414هـ، 1994م) بدمشق بعناية الأستاذ أكرم حسن العلبي، معتمدا صورة عن نسخة برلين قدمها له د. أحمد إيبش وساهم بقسط كبير في تنسيق أوراقها وترتيبها، و شرح الكلمات التركية فيها. قال: (لقد نسخنا المخطوط كاملا فهالنا ما فيه من أشعار لا وزن لها ولا معنى ولا مناسبة، ولاسيما أشعار ابن كنان الذي أراد على ما يبدو أن يحذو حذو أستاذه عبد الغني النابلسي (ولكن أين الثرى من الثريا) فحشر في الكتاب قصائد استغرقت ثلث الكتاب، حتى إن المادة العلمية كادت تغرق وسط هذا الكم الهائل مما يسمى شعرا، وما هو بشعر وما هو بنثر. ولم يكن أمامنا والحالة هذه إلا نشر الكتاب مهذبا وفق القواعد التالية:
إسقاط ما فيه من شعر الغزل والمديح والرثاء والفخر والأبحاث الفقهية والنحوية مما أنشاه المؤلف، أو نقل إليه من دواوين الشعراء أو نقله من هنا وهناك، وقد أشرنا في المكان المناسب إلى عدد الأبيات المحذوفة ونوعها ...إلخ)
قدم المحقق للكتاب بمقدمة مطولة، عن دمشق في تلك الحقبة، أماط فيها اللثام عما ورد في الكتاب من ألقاب ومصطلحات، كالقبوقول، ومعناها عبيد الباب، ويقال لهم أيضا دولة القلعة، و(القول) و(القبول) اختصارا، وقد وصل وجاقهم إلى دمشق سنة (1080). والينكرجية (الانكشارية) ومعناها (النظام الجديد) وقد شهدت دمشق مذابح كثيرة بين الفريقين ووصف ابن كنان الينكرجية سنة (1103) فقال: (كان لهم كلمة ومهابة كلية، كل رجل منهم قد وزير عظيم، والباشا الذي يرد كأنه من بعض جماعتهم) وكان عددهم يقدر سنة (1171) بحوالي عشرين ألفا في مدينة دمشق. وقد تعرض الينكرجية إلى أربع ضربات قاصمة في القرن الثاني عشر، الأولى سنة (1103) عندما أطاح كورجي محمد باشا برؤوسهم في رجب، والثانية سنة (1121) عندما أباد نصوح باشا خضراءهم، والثالثة سنة (1153) عندما شتت عثمان باشا المحصل شملهم وكسر شوكتهم، وبالحديث عن نكبتهم هذه ختم ابن كنان كتابه. والرابعة سنة (1159) عندما بطش بهم أسعد باشا العظم وسلط مدافعه على قصورهم في سوق ساروجة والميدان فدكها وهدم أكثر من خمسمائة دار من دورهم. وهرب زعيمهم مصطفى آغا الشوربجي الذي كان يلقب بسلطان الشام. ومن نوادر الكتاب التي ألمح إليها المحقق حديث ابن كنان عن المصحف العثماني الذي أحضره الوالي نصوح باشا من جامع قرية (بصير) بحوران، إلى الجامع الأموي، وكلامه عن (صندوق عجايبك عجايب) الذي عرفه الدمشقيون للمرة الأولى وقصة الأمير منصور والي صفد ومغامراته مع النسوان ومصرعه على أيدي فتيان دمشق، وقصة الفقير الذي أراد أن يسرق جاره، وقصة الرجل الأكول الذي أكل (150) ليمونة بقشرها، والرجل الذي كسر حجر الصوان بقبضة يده. وأخبار الوالي حسين باشا الذي أرد أن يفرض على دمشق مبادئ الوهابية.