لتغرق غزة في البحر التركي
د. فايز أبو شمالة
معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر، لم يعد معبراً آمناً لعدد 2 مليون إنسان يقطنون قطاع غزة، ولاسيما أن أوضاع مصر العربية لا تشير إلى الاستقرار في زمن قريب، والمسافة الفاصلة بين قطاع غزة والقاهرة محفوفة بالمخاطر على مدى 400 كيلو متر.
حاجة سكان قطاع غزة للسفر، أملت على السلطة الفلسطينية الحديث مع الإسرائيليين حول السماح للمواطن الفلسطيني بالسفر إلى الأردن من خلال معبر بيت حانون، مروراً بالأرض الفلسطينية المغتصبة سنة 1948، لتصير الاستعاضة عن مصر بالأردن.
ولكن، رغم حاجة الناس في غزة إلى هذا الاتفاق المتوقع، إلا أن فيه من الثغرات الإجرائية ما يحول دون سفر كل الناس عبر الحواجز الإسرائيلية، ولاسيما أولئك المقاومين، وأولئك الذين كانوا سجناء لدى الإسرائيليين، وأولئك الذين شاركوا في الحرب ضد الإسرائيليين، وأولئك الذين لا يعترفون بالاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأولئك الذين يعملون مع الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، وغيرهم الكثير ممن يكرهون إسرائيل.
ورغم حاجة الناس للسفر من خلال معبر بيت حانون، إلا أن فيه ثغرات أمنية تمكن المخابرات الإسرائيلية من توظيف حاجة الناس للسفر في إجراء لقاءات أمنية مريبة، ولاسيما أن المخابرات الإسرائيلية تشكو من ضعف المعلومات عن غزة.
فما العمل والناس لها حاجات في السفر، ومعبر رفح الآمن قد صار غير آمن؟
تواصلاً لاتفاق السفر من خلال معبر بيت حانون، يحتاج الفلسطينيون إلى اتفاق آخر مع الإسرائيليين؛ يسمح لكل أولئك الممنوعين من دخول إسرائيل بالسفر من خلال خط بحري يصل بين قطاع غزة وتركيا، ولا بأس من التنسيق والتعاون في هذا المجال الإنساني بين الحكومة في رام الله والحكومة في غزة، وأزعم أن لا اعتراض لدى الحكومة التركية بأن تكون محط رحال سكان قطاع غزة، ولن يدخر رئيس الوزراء التركي جهداً في استصدار القرار الدولي الذي يسمح لتركيا بالإشراف الإداري على خط بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي.
لقد تمنى الإسرائيليون لغزة أن تغرق في البحر، لا بأس أن يكون هذا البحر، هو بحر تركيا، حين تحتضن ممراً بحرياً، لا يتعرض لأمن إسرائيل، ولا يتعارض مع عمل معبر بيت حانون، ولا يقطع الصلة مع معبر رفح، إنما بحفظ حق أكثر من نصف سكان قطاع غزة الممنوعين من السفر عبر الحدود الإسرائيلية أو الحدود المصرية.
الأمر بيد السلطة الفلسطينية والحكومة في غزة فقط، فهل تتغلب مصلحة المواطن الفلسطيني الجائع للسفر على مصلحة أولئك الجائعين للسلطة؟