(كـــبْوَة ْ!......و زغرودة لبـــْوَة ْ...؟)
(كـــبْوَة ْ!......و زغرودة لبـــْوَة ْ...؟)
كنتُ قد مازحتُ أبا البراغي صديق الطفولة بعد أن علمتُ بعقمِه و عدم قدرته على الإنجاب و ذلك من بابِ مواساته فقلت له :
تزوَّج باثنـتـينِ ولا تـبالي فنحن *** أُولوا التجارب والِمراسِ (1)
فأجابني:
لي امـرأةٌ شاب الرأسُ منها *** فكيف أزيد حظي بانتكاسي (2)
و لكن السنوات مرّت كلمح البصر لنلقي ثانية بعد رحلتي في غربةٍ و عملٍ و كان معه صبي ادّعى أنه ابنه ضاحكاً , ثم قال لي في سياق حديثه أن ابنه الكبير نال شهادة الثانوية بجدارة , فضحكتُ لأني أعلم أنه يخلط الجد بالمزاح والمرح...
ولكن أمره بدا جدياً حينما بدأ يسرد لي قصة زواجه الثاني و أن الله أكرمه بولدان من أزهار الدنيا (مسرور و منصور) أبناء الزوجة الثانية...في البداية ظننت أنه قد تزوج من أرملة , لكن سرده لتفاصيل القصة أدهشني حين قال لي بأن زوجته الأولى زُمبلكه قد طلبتْ منه أن يوصل الصغير منصور إلى والدته أم مسرور ؛ في الحارة الخامسة من الحي , فالوقت عشاء , و الجو شتوي ... المهم نشأت علاقة ودٍ متبادلة ازدادت مع المرات التي كان يقوم بإيصاله خلال العام الدراسي فزوجته مُدَرِّسَة خصوصية للصغير ..وشاءت الأقدار التقائِه مع أم مسرور مرتين و هي سيدة أعمال من الطراز الأول و متزوجة و أكبر من أبي البراغي بعدة أعوام , و كما علمنا أن لديها ولدان , فبالله عليكم كيف أحدهما في الأخر يفكر في موضوع الزواج , و موضوع العقم في صاحبنا يجعله أن يهتم بعقمه أكثر من أي شيء آخر ..
ولكن هل يا تـُرى غباؤه أم حُسْن نيـَته جعلته يخبر زوجته باللقاء العابر؟!
أم هل يا تـُرى حبّه للصبي طوّرت خلافات صغيرة,
لتشعل نار الغيرة...
يقول لي أبو البراغي: بـِلا طول سيرة ...:::
بأن يومها صاحتْ زوجته زمبلكه: أنت خائن و عمـــــ ترسم و تخطط لتتزوج عليّ يا مخادع..
فأغاظها :أرسم علـــ اللوح بالطباشير و أشخبط شخابيط
فتعود للصياح:أعرفُ أنها أم مسرور ...يا خائن....
فيضحك في خضّم هذه الجعجعة :أم مسرور ...أكيد فيوزاتك ضربوا !!! يا حرمة اتق ِ الله...
تنزعج من إجابته و قهقهته :سأتصل بها الآن و أبهدلها بعد أن انكشف أمرها بطلاقها و انفضح أمرك...يا غدّار
تأخذ الهاتف و تتصل وهو يحاول منعها :تريدين أن تفضحينا ..هذا شك عظيم ...و سوء ظن و بهتان ..توقفي ..توقفي..
لكن الاتصال تمَّ مع نطق زمبلكه : أم مسرور أو أم صرصور يا خطـّافة الرجال ...يا من ترسمين للزواج من زوجي..يا...
صاعقة كبرى لسيدة أعمال لكنها تتماسك لتسأل بكل هدوء: أ زوجك من قال هذا الكلام !!!؟
زمبلكه : لا ...و لكنها استنتاجاتي ...
و بكل هدوء- هدوء اللبوة المستعدة لاقتناص الفريسة- تطلب السيدة قائلة: أنتِ الآن منفعلة و غاضبة و متوترة و أخشى عليك كبوة الفرس الهائج...دعيني أكلم زوجك لأنهي هذا الأمر طبعاً إذا سمحتي ...
فتعطيه زمبلكه سماعة الهاتف ظناً منها أن الموضوع سينتهي ...فعلا انتهى كل شيء لتسأل السيدة :عدة طلاقي ستنتهي غداً يا أبا البراغي هل أنتَ موافق على الزواج مني ...أنا موافقة ...و زوجتك قد سمحت لي بتسليمك سماعة الهاتف..فلننه هذا الأمر ؟؟
و بلا تردد منه يقول لزمبلكه : زغردي زغردي ...لكنه يتفاجأ أن سماعة الهاتف هي التي تزغرد و بلا توقف....
و بعد هذا السرد أسأله :لا تقل لي أن الظروف جعلتك بينهما كالخروف..و أن الأولاد..
يقاطع أبو البراغي : الأولاد أدب في غاية الأدب ..و مرور الأيام أعاد صواب زمبلكه و هي تدللني دلالاً أفتخر به بين الجموع أما أم مسرور فتطالبني أن لا أكسر بخاطر زمبلكه...فأنا في عيشة ما بعدها عيشة
فقلت له إذن :
تزوَّج حرمةً أُخرى لتحـيا *** سـعيداً سـاِلماً من كل باسِ (3)
عندها تلاش حديث أبا البراغي عن العيشة الهنيئة وكأنه أسير أصيب بأذية فختلط صوت قرقعة مع فرقعة لمفاصله و أحسست بـــ (آهٍ) حقيقية تلاها صياح :
لأ ....لأ.... الثالثة لأ
فلن أرضى بمشـغلةٍ وهمٍّ *** و أنكادٍ يكون بها انغـماسي(4)
وكم كنتُ الضحية في مرارٍ *** وأجزم بانعدامي و انطماسي(5)
ودمتم
L بقلم فادي شعار J
الأبيات الشعرية (5,4,3,2,1)
مـــــــــــــــن قـــــصـــــــــــيدة
للــــــــدكتور: ناصر الزهراني