النقد الشعري والناقد
من قلم غالب الغول
كم حيرني موضوع ما يسمى بالنقد الشعري , وما يعتريه من نقص أدوات النقد لدى كثير من النقاد , فهل كل من ادعى لنفسه بناقد للشعر أصبح ناقداً فعلاً , ؟ أم أن للنقد الشعري مئات بل آلاف من الدلائل التي بها يتم الحكم على قصيدة بأنها تامة أو ناقصة , وهل يوجد في عالمنا قصيدة واحدة ولو كانت من فطاحل الشعراء إلا وبها ما يكفيها من الهنات والضعف , سواء أكان في تركيب الكلمة أو سلاستها أو موسيقاها أو وزنها وبحرها وضبط قافيتها , أو أصل بعض كلماتها أهي عربية أم أعجمية , ثم ما يعتريها من صرف ونحو وبلاغة وفصاحة , أو ما يجعل الشاعر مضطراً لتحريف كلمة كلمة لغوية للضرورة الشعرية , أو أن يصرف مالا ينصرف وما إلى ذلك .
لذا فأنا أتوجه إلى النقاد بكلمة واضحة وصريحة بأن يتركوا الشعراء على حالهم , وعلى سليقتهم ,وهم ليسوا بحاجة إلى نقدهم السلبي الذي يلزم الشاعر الهروب من الشعر ليتجه إلى قصيدة النثر الأسهل والأعمق والأوفر حظاً عند نقاد الحداثة .
وهناك من النقاد من يدعي بأن الشعر كله هو شعور وإحساس ,وخلاف ذلك فهو نظم وليس بشعر . ولم يتفضل بزيادة كلمة موزون أو كلمة موسيقى هما من السمات الرئيسة للقصيدة الشعرية .
ولم يعرف بأن الشعر التعليمي هو أيضاً شعر , بالرغم من خلوه من العاطفة والخيال , مثله مثل الشعر القصصي أو شعر الملاحم أو الشعر التمثيلي في عصرنا الحديث .
وإن كان كل هذا بنظره ليس شعراً فما هو الشعر الحقيقي لدى بعض النقاد , ؟ وأنا أظن أنهم يقصدون ما يسمى الشعر الغنائي بأحاسيسه ووجدانه فقط . وهذا صحيح , لأن للشعر مكاييل يكيلون بها جودة القصائد , وأفضل هذه المكاييل أو بالأصح المقاييس , هو كون القصيدة لا تخلو من
الأسلوب والخيال وهذا هو شكل القصيدة , بخلاف المعنى والعاطفة وهذا هو مضمون القصيدة , والشكل والمضمون إن تم نسجهما بضوابط صحيحة فلا شك أن القصيدة ستكون كذلك , ولكن هيهات أن تكون الضوابط تامة من غير نقص , لأن هناك ما تسمى الفكرة , وهي الأساس الذي يقوم الشاعر على الاعتماد عليها بدقة , وما أكثر الأفكار ودوائرها في أذهان الشعراء , لأن المتلقي يتأثر بمؤثر خاص به وبمزاجه , فإن خالفت الفكرة مزاجه حكم على القصيدة بالضعف , هذا خلاف ما يجوب في ذهن الشاعر من قضايا يصعب ضبطها , مثل الحقائق التاريخية مثلاً فإن لم تكن صادقة فلا بد من الحكم على قصيدته بالضعف , وإن لم تكن المعاني قد استوفت حقها من حيث موسيقاها وإعرابها وفصاحتها , فلا شك أن الحكم على القصيدة سيكون تابعاً لحكم الناقد حسب معارفه بهذه النواحي الموسيقية والوزنية والإيقاعية وغيرها .
تحية لكم .
غالب الغول
21/8/2016