ويتكرر ذلك في كل فصح ... بقلم : آرا سوفاليان
تنتابني مشاعر مؤلمة تتكرر في كل فصح ومنذ الطفولة حيث كنت ولا زلت متحداً بسيرة و شخص السيد المسيح ...ولأن نشأتي كانت في مدرسة تابعة للكنيسة الكاثوليكية فلقد تأثرت بمواقف الكنيسة الكاثوليكية تجاه مسألة الفصح وعيد الفصح والممارسات التي حدثت في ذاك الوقت بحق السيد المسيح وتلامذته والدين الجديد.
وكان السيد المسيح سورياً آرامياً يتحدث باللغة الآرامية ولأن هناك اتفاق على أن السيد المسيح هو من روح الله وفي كافة الكتب فإن نسب السيد المسيح لا يحتمل أي اجتهاد. فكنت ولا زلت أعتقد أن الأمور التي لا تتفق مع الواقع هي أمور تبقى معلقة ... ولقد كانت لي وعلى الدوام مواقف شخصية من مسألة الفصح فلقد كنت اشعر بحلقة مفقودة وهي متلازمة التأسيس للعهد الجديد انطلاقا من العهد القديم.
والعهد القديم هو مجمل الكتب المتعلقة باليهود وكان هذا الارتباط يطرح عندي الكثير من إشارات الاستفهام، وأرى أن عبارة " جئت لأتمم ولم أجيء لأنقض" مسألة تحتاج للبحث والتدقيق لأنها تؤدي إلى نتيجة حتمية وهي إقفال باب النقاش والتسليم بأنها إرادة السيد المسيح صاحب الدين الجديد.
أما الحقيقة فهي تخالف ذلك لأن السيد المسيح وفي الأعوام التي قضاها في التبشير بالدين الجديد لم يفعل شيئاً سوى نقض العهد القديم وتثبيت أركان العهد الجديد والعهد الجديد هو دين جديد أما مسألة سوء المعاملة التي لقيها السيد المسيح فلم أجد فيها أي غضاضة لأن الأنبياء بالمجمل لقوا العذاب في معرض نشر الدين الجديد أما مسألة الصلب فلا يوجد لدينا ما يؤيد عدم حدوثها في الفترة المنظورة أو القريبة وبالتالي فهناك سؤال محير كنت لا أجد له جواباً في مرحلة الطفولة ولكني عثرت على إجابات قريبة له فيما بعد كانت تتعزز يوماً بعد يوم.
أما السؤال فهو... لماذا الصلب ؟ ...بمعنى لماذا عقوبة الصلب ؟ وما هو العمل أو الجرم الذي استوجب الصلب ؟...وهل كان الصلب عقوبة أم انه حدث سهواً وهذا المصطلح المروع تنفيذ الإعدام سهواً لم أصادفه طيلة سني عمري إلاّ اليوم وفي محاكمة صدام حيث تبين انه تم تنفيذ حكم الإعدام سهواً بأربعة أبرياء وعوقب الفاعل و بتوجيه من صدام بالسجن لمدة سنتين فقط وكنت استمع وأرى وأنا غير مصدق وكدت أشك بحاسة السمع لدي و بقدراتي العقلية لولا أني على ثقة بأني لا أتعاطى المخدرات ولا السجائر حتى.
وبالعودة إلى موضوعنا فإن الإجابة تتلخص بما يلي:
الاقتصاد ولعبة دوران رأس المال فبعد كل اللف والتذحلق والتملق والدوران مع أو بعكس عقارب الساعة والستارة التي اختبئ خلفها الغزاة في العراق تبين أن الهدف هو الحصول على سلعة النفط بأقل سعر تكلفة ممكن عن طريق حذف أول عناصر التكلفة وهو أساس القيمة أو السعر الابتدائي للسلعة وبالتالي فإن قيمة السلعة بعد حذف السعر الابتدائي هي قيمة المصروفات المضافة فقط وهي على الأكثر نفقات الشحن والتخزين وبعض العمولات لا غير.
وبالتالي فإن سعر التكلفة في هذه الحالة ينخفض عن سعر التكلفة الحقيقي المتموضع في الكفة اليسرى للميزان المسمى النفط مقابل الغذاء السيئ الذكر.
وهكذا فإن حالة كهذه تكون موزعة بل مشتتة ما بين طرفين متناقضين ومتصارعين الأول له مصلحة في رفع سعر التكلفة للمادة أو للخدمات المقدمة والثاني له مصلحة في خفض سعر التكلفة للمادة أو للخدمات المقدمة ...والنتيجة هي صراع اقتصادي مروع قد يؤدي إلى عشرات الألوف من الصلبان والمصلوبين... أما السيد المسيح فلقد أضر بمصالح المنتجين لأنه نادى بتحرير العبيد فرفع بذلك تكاليف الإنتاج لأنه وعند تحرير العبيد يجب دفع أجور استخدامهم ودفع أجور استخدامهم هو رفع عوامل التكلفة للسلعة وبالتالي انخفاض الربح لأن عائدات أجور العبيد كانت تعود إلى جيوب المنتجين كأرباح صافية وهكذا فلقد تعارضت مصلحة الدين الجديد( الذي كان يسعى لتوسيع القاعدة الشعبية عن طريق ضم العبيد)، مع المنتجين (على كل صعد الإنتاج وأهمها الزراعي في ذلك الوقت ) الذين كانوا يسعون إلى تضخيم رقم الربح عن طريق استخدام العمالة المجانية وهي العبيد.
أما ميل جيبسون وهو مخرج فيلم آلام السيد المسيح فلم أجده إلاّ حجر شطرنج مجتهد ومثابر وملحاح في تأكيد نظرية تختبئ خلف نظرية أخرى فتكون الأولى هي الظاهرة وفي خدمة الثانية وهي المستترة والنظريتان كلتاهما في خدمة فكرة مروعة تتجلى فيها فكرة الفيلم بالمجمل وخلفه الميزانية التي أنفقت من اجل إنتاجه والعائدات المتحققة والمؤكد تحققها بعد سبر عقلية الزبائن وهم الناس بالمجمل ورواد صالات العرض ومتابعي الفضائيات حول العالم المتلقين للسلعة وهي هنا فكرة يدفع ثمنها المتلقون من جيوبهم وهي فكرة كان أصحابها على أتم الاستعداد لبيعها للغير ونقد هذا الغير وهو المتلقي نقده أي ثمن مقابل هذا البيع، بمعنى خذ بضاعتي وأطلب مني ما تشاء لأنقدك إياه فوق البضاعة، ولكن الذي حدث فهو أشد علائم المكر من حيث الفكر والنتيجة ...فلقد تم بيع الفكرة السيئة وسرقة مال المتلقي في آن معاً.
هذا الفيلم المروع ، وما كتب عنه من مقالات وآراء، قرأتها كلها ولم أعثر على ما فكرت فيه منذ اللحظة الأولى لمشاهدته، أعتقد أني رأيت شيئاً ، رأيت رسالة و كانت رسالة واضحة.
رسالة تم تسريبها بمنتهى الحذق من المسرب إلى المتلقين وعددهم بالملايين، والرسالة هي:
هناك من له القدرة على تحويل دفة الأمور بالمال إلى الوجهة التي يريد وعن بعد و أن هذا التعذيب الوحشي والجلد المروع والصلب لم يقم به اليهود .
وهذا ظل يتكرر منذ ذلك الوقت والى يومنا هذا و بعد الفي سنة في سيناريو واحد، وقد رأى معادو السامية أن هذا الفلم يحقق أحلامهم ، وأنا رأيت فيه نقاط خسارة لمعادي السامية قبالة نقاط الربح الكامنة وراء تصدير الفكرة أعلاه.
وبالنتيجة فلقد تم زرق المتلقي بهذا الانطباع في الوريد وبدلاً من شراء هذا الولاء والتسليم القسري من المتلقي فلقد تم بيعه إياه وسلبه الثمن ... وهذه الفكرة صهيونية بامتياز... ويتكرر ذلك في كل فصح.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
arasouvalian@gmail.com