النقد الشعري في عصر العباسيين/ دكتور كنعان كارم

[د.كنعان كارم]

النقد الشعري في عصر العباسيين/ دكتور كنعان كارم
ليس النقد عملاً ترفيهياً بقدر من هو منهج له أصوله وأدواته ومعاييره , ولقد مرّ النقد بمراحل تسبق العصر العباسي فتطور إلى أن وصل إلى عصرنا الحديث بأساليب متعددة وأدوات متشعبة . ونتناول الآن أشهر من أبدع في العملية النقدية وهو الناقد العباسي ــ ابن سلاّم الجمحي , اللغوي والراوي والمؤلف , فكتابه ــ طبقات فحول الشعراء ــ ينم على دراية علمية دقيقة في النقد والتنظيم ووضع المقاييس النقدية البعيدة عن الأهواء , لأن العملية النقدية عملية علمية بحتة , ولا يصح أن يتقدم الناقد من غير أن يكون ملماً وخبيراً وقادراً على التحليل المنطقي للمادة العلمية , وكلمة خبير , هي المعنية في هذا البحث , فالخبير لا يعارضه من هو أقل منه خبرة , وكلمة الخبير مصدقة عن قول غيره , لأنه أدرى بمناحي اللغة أصولها وعمقها وفك ألغازها , ولا ينظر إلى أي قول بعد قول الخبير النقدي , تماماً كما وصفوه بخبير النقود , الذي إن قال لك بأن هذا الدينار ليس له قيمه لأنه مزيف , فما عليك إلا أن تأخذ برأيه , لأنه خبير في العملة النقدية ولا ينفع المناقشة بعد قرار الخبير بجودة المادة المطروحة أو فسادها .

وهكذا يرى ابن سلام الناقد الفذ ,
والخبير النقدي يعرف عمليات الانتحال , ويعرف الشاعر من شعره , والوضع والانتحال مسألة قديمة , قدم الشعر الجاهلي , حيث ظهر من يقومون بانتحال الشعراء , لما وجدوه من قلة الأشعار الجاهلية , فألفوا أشعارهم وأضافوا معظمها إلى الشعر الجاهلي , ونرى اليوم كثيراً من الشعراء ليس لهم باع في الشعر ولكنهم ينسبون قصائد غيرهم لأنفسهم , أو أنهم يبحثون عمن يكتب لهم ليقال بأن هذا شاعر وذاك أديب لغاية في نفس يعقوب , ولكن ومع مرور الزمان , سيأتي الخبير النقدي ليعرف بتحليله أن هذا الشعر انتحله فلان لصالح فلان , لأن مهمة الخبير التدقيق في اللغة والبيان ليضع جميع مقاييسه لتبيان صحة المادة المعروضة من فسادها , ومن هنا علينا أن نتوخى حقيقة ما يعرض علينا من أشعار , ويجب عرضها على خبراء النقد ليعرفوا صحيحها وفسادها .
د/ كنعان كارم

[ريمه الخاني]

يهمني هنا سؤال واحد:هل استفدنا من المدرسة العربية قديما في النقد؟وعلى اي أساس كانت تقام؟
وقد نقتبس من نصكم لصالح بحث يهمنا.( هل يتواءم النص مع قسم الأبحاث؟)

[ريمه الخاني]

يهمنا هنا أي المراجع اعتمدت ,كي يصبح بحثك متكاملا لأن الاقتباس يجب أن يكون دقيقا عندما أقتبس من نصك لاحقا.مع الشكر الجزيل.

[د.كنعان كارم]

الأخت الكريمة أم فراس , أنا لم أقدم بحثاً متكاملاً , بل قدمت ( مقالة ) عامة , نبذة مختصرة حول الناقد الفذ ( ابن سلاك الجمحي ) فمن أراد أن يتسع في الموضوع فعلية دراسة كتابه كاملاً في النقد ( طبقات فحول الشعراء ) ولو سألتم جوجل عن هذا الكتاب وتنزيله لحصلتم عليه بسهولة , وإليكم الآن ما قيل حول هذا الكتاب على الرابط الآتي
http://123456.3abber.com/post/59759
ابن سلام الجمحي (( الناقد المختص )) عمر حاتم
ابن سلام الجمحي (( الناقد المختص )) ابن سلام هو محمد بن سلام الجمحي ( ت 231 هـ ) صاحب كتاب (( طبقات فحول الشعراء )) ينتمي زمنياً الى القرن الثاني الهجري . وقد تتلمذ على يد علماء هذا القرن من البصرين من علماء اللغة والنحو والرواية خلف لنا ابن سلام كتاب ((طبقات فحول الشعراء )) الذي يعد بحق الخطوة المنهجية الاولى في جمع ما تبعثر من ملاحظات نقدية سابقة له واخضاعها لمنهج نقدي محدد . ناقش ابن سلام عدة قضايا كقضية (( الوضع او الانتحال )) فانتهى الى ان الشعر تعرض للوضع وعلى نطاق واسع لأسباب كثيرة, كوفاة بعض القراء والرواة في الحروب الذي ادى الى نقص كبير في كمية الشعر المروي . او رغبة بعض القبائل في ان توازن ماقيل عنها قبل الاسلام وبعده كما هو حال قريش مع حسان بن ثابت عندما ارادت ان توازن بين ما قيل عنها قبل اسلامها وبعده فأخذت تضع اشعاراً على لسان حسان . وقد اشار ابن سلام الى مسألة مهمة وهي وضع ابناء الشعراء على ابائهم وهو اخطر انواع الوضع لصعوبة التعرف عليه مما يتطلب وجود الناقد المختص . وهي اشارة مهمة اراد ابن سلام ان يرسخها ويبين اهميتها . اظهر ابن سلام قدرة بارعة في التعرف على الشعر الاصلي والشعر الموضوع من خلال مناقشة الشعر الذي وضعه ابن اسحاق في السيرة النبوية . فقد ذكره ابن اسحاق شعرا منسوباً الى عاد وثمود ، والى رجال ونساء لم يعرف عنهم الشعر قط . و ابن سلام يرد على ابن اسحاق بالأدلة التي لا يمكن ردها ، فقد اشار الى كثير من ايات القران الكريم التي تدل على هلاك عاد وثمود بل ابادتهم بصورة كلية . كقوله تعالى : (( فهل ترى لهم من باقية )) وقوله : (( انه اهلك عاداً الاولى وثموداً فما ابقى )) . ثم ناقش قضية (( نشوء العربية من الناحية التاريخية )) اذ يرى ان اسماعيل (( عليه السلام )) هو اول من تكلم العربية وهو متأخر عن عاد وثمود ، فضلاً عن ان لغة عاد و ثمود ليست العربية ، فهم من اهل اليمن ، اذ كان ابو عمر بن العلاء يقول (( ما لسان حمير بلساننا ، ولا عربيتهم بعربيتنا )) فإذا كانت اللغة مختلفة فكيف يمكن ان نقبل بشعر لم يرد باللغة العربية كما اعتمد ابن سلام على تاريخ اكتمال ونضج القصيدة العربية ، فهو يرجعه الى مائه وخمسين سنه قبل الاسلام ، وان القصيدة طولت على يد امرئ القيس والمهلهل . فمن خلال ردود ابن سلام تلك ، يتضح لنا الدور الحضاري المهم للناقد المختص في رد التهم التي الصقت بالشعر العربي القديم . اما فيما يتعلق بالتصنيف الطبقي للشعراء . فقد عمد ابن سلام تقسيماً منهجياً في تقسيم الشعراء الى قسمين : جاهلي واسلامي وكل قسم في عشر طبقات ثم وضع في كل طبقة اربعة شعراء . يقول ابن سلام : (( ففصلنا الشعراء من اهل الجاهلية والإسلام والمخضرمين ، فنزلناهم منازلهم . واحتجبنا لكل شاعر بما وجدناه له من حجه ، وما قال فيه العلماء )) . لكن ابن سلام يخترق المنهج الذي حدده في تقسيمه للشعراء . فقد وضع الحطيئة وكعب بن زهير في الطبقة الثانية ضمن الشعراء الجاهليين وكلاهما من الشعراء المخضرمين ، كذلك الامر مع شعراء الطبقة الثالثة : النابغة الجعدي . ابو ذؤيب الهذلي و الشماخ و لبيد . وأربعهم اسلموا عاشوا في الاسلام طويلاً . ثم نجده يضع طرفة بن العبد وعبيد بن الابرص وعلقمة بن عبدة في الطبقة الرابعة ، ويضع عمرو بن كلثوم وعنترة والحارث في الطبقة السادسة اذ لا نعرف لم اخر ابن سلام هؤلاء وهم من المتقدمين (اصحاب المعلقات) وهذا الخرق امتد الى الطبقة الاسلامية ايضاً ، فقد وضع (( الراعي النميري )) رابعاً في الاسلام الى جنب : جرير والفرزدق والاخطل ؛ دون ان يبرر الامر ويعطينا الدوافع التي دفعته لمثل ذلك التوجه . ثم نجده يقدم كثير على جميل مع ان جميل هو استاذ كثير. وأما ما يتعلق بشعراء المراثي فقدم متمم ابن النويره على الخنساء رغم ان المعروف هو تقديم الخنساء على غيرها في الرثاء. واغفل عمر بن ابي ربيعة لما ذكر شعراء القرى ، واغفل ايضاً الطرماح والكميت بن زيد الاسدي المعروف بهاشمياته . دون ان يبين السبب وابن الاسلام في تصنيفه للشعراء ، من خلال تقديم بعض الشعراء على غيرهم ، والخلط في وضع الشعراء الاسلاميين والمخضرمين في الطبقة الجاهلية . والإعراض عن بعض الشعراء دون ذكر مبرراً لذلك . نود ان نرده (ان صحة وجهة نظرنا) الى ان ابن سلام اعتمد الاختيار الذي يعبر عن ذائقته في شعر الشعراء اللذين ذكرهم، وابن الاسلام اشار الى ملاحظة مهمة لابد من توفرها في الناقد المختص فهو لم ينسى دور العامل الثقافي في خلق شخصية الناقد فيرى ان الناقد اضافة الى ثقافته ينبغي ان يملك الفراسة التي تأتي من الخبرة والتجربة فهو اذن اعتمد هذا الاختيار وفق الخبره والتجربه في تذوق الشعر ولم يكن اعتباطيا فيقول :- (( كان خلف افرس الناس بيت شعر )) وضرب المثل بفراسة بائع النساء والخيول . من هنا كان ابن الاسلام نموذجاً للناقد المختص ، فقد رد على ابن اسحاق بالأدلة التي لا يمكن ردها ، ثم اشار الى ضرورة توفير الثقافة والفراسة للناقد . ورغم ان كتاب ابن الاسلام لم ينحل من بعض الهفوات لكنه لايمكن ان ينفي تلك القيمة الحضارية لذلك الكتاب ، كونه الخطوة المنهجية الاولى في جمع الاراء النقدية المبعثرة في كتاب مختص يعد اول كتاب من كتب الطبقات عند العرب. اعتمد ابن سلام منهجا استنباطيا في الرد على قضية الانتحال اساسه العقل والمنطق واشارات من القران الكريم،ومنهجا انطباعيا في تصنيف الشعراء على وفق الطبقات اساسه الذائقه النابعه من التجربه والخبره وليست الذائقه الاعتباطيه او القبليه كما الحال فيما قيل عن وضع حماد الراويه معلقة الحارث بن حلزه. ففي كل عصر يذكر الانتحال يذكر ابن سلام وكتابه (طبقات فحول الشعراء) الى يومنا هذا.وكلما ذكر تصنيف الشعراء ذكر ابن سلام وكتابه، فنسأل الله ان يرحم عالمنا الجليل ويسكنه فسيح جناته بما اثرانا من معرفة وعلم. عمر حاتم ابراهيم ماجستير ادابن سلام الجمحي (( الناقد المختص )) عمر حاتم

ودمتم سالمين , كنعان كارم

[عدنان كنفاني]

عالم النقد واسع جدا ذو اجنحة محلقة فيها خصوصية النظرة النافذة.سعدت بالمرور
ع ك