كيف يفكر طفل التوحدي؟؟؟
تقول تامبل جراندن وهي من ذوي اضطراب الذاتوية وهي حاصل على درجة الدكتوراة في علم الحيوان " لقد كان ينتابني إحباط شديد لكوني لا أستطيع الكلام ، لقد كنت أعرف ماذا أريد أن أقول ولكنني لا أستطيع إخراج الكلمات لذلك كنت فقط أصرخ بشدة " .
ويُعاني الكثير من أُسر الذاتويين من الكثير من السلوكيات المحرجة إجتماعياً والشاذة والغريبة والمُحزنة التي قد يقوم بها طفلهم الذاتوي ، كما يُعاني أيضاً العاملون مع الأشخاص الذاتويين في كثير من الحالات التي يأتي فيها الشخص الذاتوي بسلوكيات أو حركات تصعب من عملية تدريبه وتعليمه وتُثير الاحباط في نفوس المعلمين والأخصائين.
وهذه السلوكيات السيئة التي يقوم بها الشخص الذاتوي ليست سلوكيات خالية من المعنى أو الهدف وإنما هي سلوكيات يريد الشخص الذاتوي أن يبعث بها رسالة للمحيطين به .
ومن المؤكد أننا سنعجز عن فهم معنى أو وظيفة هذا السلوك بدون التعرف على طبيعة تفكير الشخص الذاتوي والقصور الذي يُصاحب عمليات التفكير لديه .
كما سبق القول فإن أول عملية في عمليات التفكير هي الواقع (المثيرات) ثم يليها الحواس التي تنقل هذا الواقع وهي السمع والبصر واللمس زالشم والتذوق ، وبالطبع أولى هذه الحواس هي السمع وهي أول حاسة تعمل لدى الانسان حيث يبدأ السمع لدى الانسان وهو مازال جنيناً في بطن الأم أم الحواس الأُخرى فتبدأ في العمل تباعاً بعد ولادة الانسان ولذلك فللسمع أهمية عظمى في حياة الانسان .
والشخص الذاتوي قد يسمع جيداً ولكنه يتعامل مع ما يسمعه (المثير السمعي) بصورة مختلفة عن الآخرين فالأصوات التي نسمعها والتي تكون طبيعية بالنسبة لنا هي غير ذلك بالنسبة له فقد يسمع الصوت العادي كأنه صوت يخرج من مكبر صوت بجوار أذنيه وبالتالي لا يفهم ولا يستجيب بل إن الأصوات تجعله عصبي ومتوتر جداً ، لذلك قد نرى بعض الذاتويون يضعون أصابعهم في آذانهم أو يضعون كفي اليدين على الأذنين وبالتالي فالشخص الذاتوي يكره الأصوات ولديه مشكلة تتعلق بالاصوات ولا يحب التعامل معها وبالتالي لايفضل إستخدامها أو يستخدمها في أضيق الحدود .
وفهم الكلام بالنسبة للشخص الذاتوي أمراً في غاية الصعوبة ويستلزم مجهوداً كبيراً منه لفهم المطلوب وهو حينما يقوم بهذا المجهود الكبير قد يُصاب بالصداع أو التشويش ، أو الاستفزاز ولذلك قد يلجأ إلى الجري والتحرك في المكان ذهاباً وإياباً لعله يتخلص من هذا التشويش والصداع ولذلك يفقد تركيزه ولا ينتبه لشيئ .
ماذا يحدث داخل مخ الشخص الذاتوي :
حينما يسمع الشخص العادي كلمة أو جملة تذهب هذه الكلمة إلى مركز السمع ثم تترجم هذه الكلمة ثم يتم استدعاء بعض المعلومات عن هذه الكلمة من مركز الذاكرة السمعية بالاضافة إلى استدعاء بعض المعلومات البصرية من مركز الزاكرة البصرية الذي يرسل معلومات مصاحبة للكلام الذي سُمع (جميع مراكز الذاكرة تحتوي على قريبة المدى وبعيدة المدى) ثم يذهبان معاً إلى مركز التفكير ويقوم المخ بترجمة المعلومات والبيانات القادمة من الواقع أو الخارج ثم يحدد رد الفعل المناسب (التصرف) .
كل هذا يحدث مع الشخص العادي ولكن مع الشخص الذاتوي فالأمر مختلف فقد يُصدر مخه الأمر برد الفعل دون المرور بكل العمليات السابقة أو ببعضها ، فمثلاً حينما نسمع كلمة "بيتك" فهذه الكلمة تذهب إلى الأُذن بعد ذلك يتم استدعاء معلومات متعلقة بهذه الكلمة من الذاكرة السمعية والذاكرة البصري قريبة وبعيدة المدي ثم تذهب المعلومات إلى مركز التفكير الذي يُترجم ويُعالج هذه المعلومات الواردة ثم بعد ذلك يصدر أمر برد فعل فتذهب الرسالة من المخ إلى جميع أعضاء الجسم فيبدأ بالكلام "ماذا حدث لبيتي" ويصدر المخ أمراً بأن تتحرك اليد أو اليدين معاً للمساعدة أثناء الكلام أو يصدر امرأصً بأن تتحرك ملامح الوجه ليبدو الرعب أو الدهشة أو الخوف على ملامح الشخص .
كل هذه المعلومات والمراكز وسلاسل الاتصال تحدث من أجل كلمة أو كلمتين "بيتك؟" و"ماذا حدث لبيتي" فتخيل ماذا يحدث خلال محادثة طويلة قد تستغرق ساعة أو ساعات . وهذا ما يحدث طوال اليوم ونقوم به بمنتهى البراعة وبدون كلل أو ملل ويمنتهى الكفاءة ، هذا بالنسبة لنا ولكن ماذا عن الشخص الذاتوي ؟.
إن الشخص الذاتوي يواجه مشكلة أو مشاكل عديدة حول هذا الموضوع وقد تتواجد هذه المشاكل في مركز التمييز السمعي (الحس السمعي) أو تكون في الذاكرة السمعية أو البصرية وقدتكون في مراكزالتفكير نفسه (حيث لا توجد عملية ربط صحيحة بين المعلومات والحواس)
وقد تكون المشكلة في عملية التتابع أي ربط المثير السابق باللاحق ولا العمليات السابقة باللاحقة . والخلل الذي يحدث للشخص الذاتوي هو خلل وظيفي يُصيب أحد جوانب أو أعمدة أو مناطق التفكير المختلفة
منقول