السقف القديم
(محمد الشحات محمد)
على غير عادتها اتصلتْ .."أيوه دادي .. يريتْ تفتح البابْ"..، بغير انتظارٍ دفَعْتُ إلى الباب شوْقي ، و دارتْ خطاي جنوباً كأني أجرِّبُ سوراً على يدِ طفلٍ تعثَّر بعض سنينَ .. ، وَصَلْتُ إلى حلْقِ شبَّاكِ جاري ، وقفتُ أمام الحائط بين عقارب ساعتنا و النجوم تُساقطُ أصواتَ موتى ، تمُوجُ ، تُمَوِّجُ عمراً ،فأركب باخرةً تَتَمَوْسقُ في رحْم جهْلي و تُجْهضُ أيام كنا صغاراً و نَنْحرُ في الليلِ أضغاثَ أمِّي ..، تذكَّرْتُ أيام كانتْ تُهرْوِلُ في مثل هذي المواعيدُ "صافي" ..، هنا ، و على بابِ شقَّتنا حيثُ كان أبي نائماً في عيون الغلاء الجديد يُكَوِّرهُ ألمُ القدمين ، و حيثُ تُعانقُ أمي شقيقي لأنه كان يشكو من البردِ و الأمنيات ..، و حيثُ أُذاكرُ ليلاً ، فتقتحمُ الليل "صافي" شقيقةُ جدِّي و تمسحُ وَجْهي ، تُقبِّلني ، تمنحني صدرها ، فأمارسُ مَوهبة النارِ في حطبِ الكلمات ، تداعبني خبرتُها و تنادي على ابنتها ، توقظها كي تصبَّ على قدمي أغنيةً منْ سنابل عطْرِ الصبايا ، أحنُّ عليها ، فتأخذني تحت سقف العراء ، تُغطي تسابيح عشقي .. ، تفورُ و تكبرُ كي تدفع المهرَ حباًّ ..، تذوبُ مع العشرات ، فإنْ مسّ صافي صداعٌ دَعوْتُ هنا ابنتها ..عمَّتي ، و تُلبِّي على الفورِ دعْوة صبري حنيناً ، و بعد الهوى أتخرَّجُ كي تتزوَّج ، ترحلُ غاليتي ، بينما تعلنُ ابنتنا ثورةَ الشعراء ، تُضيفُ زواجاً جديدا ..، " إلهي !! هنا ابنتنا .. لا .. ، فتحْتُ على الشارع الباب .. ، فوق سلالم مدخل حارتنا .. ربما ..لا .. نعمْ هي تبكي " .. ، فتحتُ على صدر أمي صراخي .. تولتْ كعادتها سورة الشعراء .. ، خرجت طفلتي منْ سراديب سقفٍ قديم.
لكل أعضاء المنتدى خالص التحية