عيد الأضحـى 1432 / 6 نوفمبر2011
الله أكبر 7 مرات
الله أكبر ما حنت قلوب الحجاج إلى بيت الله الحرام
الله أكبر ما تجردوا من المخيط و المحيط في أماكن الإحرام
الله أكبر ما رفعوا أصواتهم بالتلبية..إجابة للملك العلام
الله أكبر ما طافوا و ما سعوا..و نعموا بزمزم و المقام
الله أكبر ما اجتمع المسلمون في هذا اليوم..وهو أشرف الأيام
الله أكبر ما صلوا و ما نحروا..وشكروا الله على نعمة الإسلام
* * *
الله أكبر كبيرا .. و الحمد لله كثيرا .. و سبحان الله بكرة و أصيلا
* * *
الحمد لله الذي شرع الشرائع و يسر ، الحمد لله على نعمه التي لا تحصر ، وله الحمد أعظم من ذلك وأكثر ،
الله أكبر .3.
عيدان في الإسلام ..لا ثالث لهما .. عيد الفطر و عيد الأضحى.. وكل منهما حمل فرحة بأداء ركن .. من أركان هذا الدين ..فعيد الفطر.. جاء بعد تمام ركن الصوم ..و عيد الأضحى.. جاء بعد تمام ركن الحج..والأضحى الذي نحياه في هذا اليوم السعيد.. مجمع .. يحتوي الزمان عبر الزمان.. لنجمع فيه الماضي البعيد.. مع الأمس القريب..مع الحاضر المهيب ..جدنا إبراهيم عليه السلام.. عاش شبابه في العراق .. في عائلة تصنع الحجارة آلهة ..وبين قوم يعبدون الأصنام.. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الأنعام : 74]ودعا قومه لعبادة الله فرفضوا ..فحطم أصنامهم.. فقرروا أن يعدموه حرقا .. قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ [الأنبياء : 68].. وجمعوا له الحطب شهرا .. ثم أوقدوا نارا.. لو مر فوقها طائر .. لوقع فيها من شدة حرها.. وجاؤوا بإبراهيم..جاؤوا بالعبد الطائع .. وما دام على الطاعة.. فإن الله مع الطائعين .. قال المفسرون للآية .. والنص من تفسير الفخر الرازي.. أن إبراهيم – عليه السلام – حين جيء به إلى النار ، قالت الملائكة في السماء ..لخالق الأرض و السماء..: يا ربنا، ما في الأرض أحد يعبدك سوى إبراهيم ، فأذن لنا في نصرته!! فقال سبحانه : إن استغاث بأحد منكم فلينصره ، وإن لم يدع غيري فأنا وليه ، والله ولي الصالحين.. و رموه من مكان بعيد نحو النار ..وهو في طريقه إليها .. أتاه جبريل عليه السلام ، قال له : يا ابراهيم ألك حاجة؟ فقال : أما إليك فلا ، وأما إلى الله فنعم!! فقال له جبريل : فلم لا تسأله؟ فقال إبراهيم – عليه السلام - : حسبي من سؤالي علمه بحالي.. وصدرت الأوامر العلية للنار.. قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء : 69] يذكر أن النار في جميع أنحاء الدنيا.. فقدت فاعليتها.. ظنا منها أن إبراهيم سيلقى فيها .. وأطاعت النار ربها ..فكانت بردا و سلاما على إبراهيم.. ومن كان في طاعة الله ..حفظه الله و رعاه..
الله أكبر. 3.
ثم هاجر سيدنا إبراهيم..عليه السلام.. من بلده العراق ..إلى فلسطين.. وعاش مع زوجته سارة عمرا..دون أن ينجب.. وتقدم به الكبر..وبلغ الخامسة و الثمانين.. فوهبته زوجته سارة ..جاريتها هاجر..وتوجه إبراهيم إلى الله.. بقلب خاشع منيب ..رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ [الصافات : 100].. وفي لحظة الدعاء..وهو الخليل الطائع..كانت الإجابة من الله جل جلاله..فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ [الصافات : 101].. وحل إسماعيل بالبيت التقي.. وبعد أشهر يأتي أمر الله.. بأن يحمل إبراهيم..زوجته هاجر..وابنه إسماعيل..من بلاد الشام إلى صحراء الحجاز..لحكمة قـدرها الله.. لا لغيرة من سارة..و لا عن أمر منها.. ولكن.. ليؤسس إبراهيم مع ولده إسماعيل.. عند البيت العتيق.. ركائز الأمة المسلمة.. الأمة الدائمة بدوام الدنيا.. أمة الدين الحق .. أمة محمد صلى الله عليه وسلم..
الله أكبر .3.
بلغ جدنا إبراهيم إلى واد مكة .. وعند مكان الكعبة الآن.. أنزل هاجر عن دابته.. وقدم لها رضيعها إسماعيل.. وترك لها جرابا فيه طعام..و قربة بها ماء.. ثم أدار دابته وقفل راجعا.. و تعجبت هاجر .. توقعت أن يتركها في قرية.. أو في قبيلة.. أو في مكان به ماء و ظل.. أما أن يتركها في مكان قفر.. بين جبال جرداء سوداء من شدة الحر.. فلحقت بإبراهيم.. أتتركنا يا إبراهيم في هذا المكان ..لا ماء و لا ظل ..ولا طعام و لا بشر.. وإبراهيم ساكت لا يرد..بل يحاول الابتعاد عنها .. عندما تيقنت من عزمه .. قالت له .. آالله أمرك بهذا .. قال نعم.. قالت بيقين المتوكلة .. وبثقة المتيقنة من حفظ الله.. قالت له..إذن..فإن الله لا يضيعنا ..
الله أكبر . 3 .
انطلق إبراهيم عليه السلام.. حتى كان عند الثنية حيث لا يرونه.. فاستقبل بوجهه مكان البيت .. ورفع يديه داعيا ..رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.. ورجع إبراهيم إلى فلسطين.. وبقيت هاجر و رضيعها اسماعيل في ذلك المكان القفر.. وبعد أيام نفد ما كان عندها من ماء و طعام.. و جاعت وجاع رضيعها.. وبدأ إسماعيل يبكي.. والأم لا تتحمل ما ترى من ولدها ..يقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم.. وقوله في صحيح البخاري.. فانطلقت كراهية أن تنظر إليه.. فقامت على الصفا أي صعدت .. واستقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا .. فلم تر غير الرمال.. ثم أتت المروة ..فقامت عليها ولم تر أحدا.. فعلت ذلك سبع مرات .. وبعد الشوط السابع وهي عند جبل المروة.. سمعت صوتا من ناحية إسماعيل .. فأسرعت عائدة إليه.. في تلك اللحظة ..كان أمر الله تبارك وتعالى..قد صدر لجبريل عليه السلام..أحفر زمزم .. فغمس جناحه في تخوم الأرض .. بين قدمي إسماعيل..وعادت هاجر.. فإذا الماء المبارك ينبع من بين رجليه.. فاخذت تحوطه بالرمال..و تقول له زم..زم.. وبدأ النبع العظيم ..عند قدمي نبي رسول .. وبإذن من الله العلي القدير.. و بحفر من أعظم الملائكة قدرا عند رب العالمين..
الله أكبر . 3 .
و تأسست عند زمزم مدينة مكة.. وشب إسماعيل.. وكان جدنا إبراهيم يزور هاجر وإسماعيل من حين لآخر .. وفي إحدى الزيارات .. قال إبراهيم لإسماعيل.. يا بني ..إن الله أمرني أن أبني له بيتا هاهنا.. وأشار إلى هضبة صغيرة .. مرتفعة عن الأرض.. قال يا بني أتعينني.. قال نعم.. فجعل إسماعيل يأتى بالحجارة وإبراهيم يبنى.. يقول الله جل وعلا.. وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا.. إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة : 127]..
بيت بنته يـد التقوى وشيـده .. أبو النبيين للأجيـال يرفعـه
وكعبة الروح بالتوحيد شاهدة .. كالشمس تسطع نوراً وهي منبعه
ولما أتم الأبوان الكريمان بناء البيت العتيق.. أمر الله عز وجل جدنا إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج.. قال تبارك و تعالى..وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج : 27] .. يروي الإمام القرطبي أنه بعد أن فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، وقيل له: أذِّن في الناس بالحج، قال: يا رب! وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن .. فإنما عليك الأذان و علينا البلاغ ..فصعد إبراهيم خليل الله جبل الصفا ، وصاح: يا أيها الناس.. إن الله قد أمركم بحج هذا البيت، فحجوا، فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لبيك اللهم لبيك، فمن أجاب يومئذٍ حجَّ على قدر الإجابة؛ إن أجاب مرةً حج مرة، وإن أجاب مرتين فمرتين، وإن أكثر فأكثر..
الله أكبر .3.
الله أكبر كبيرا ..و الحمد لله كثيرا .. وسبحان الله بكرة وأصيلا .
أقول ما تسمعون .. وأستغفر الله العظيم الكريم لي و لكم /
الخطبة الثانية
الله أكبر 6 مرات
الله أكبر ما هلل مهلل وكبر
الله أكبر ما تاب تائب واستغفر
الله أكبر ما تلا قارئ للقرآن وتدبر
الله أكبر ما فاح ذكر الله بالألسن وتعطر
الله أكبر ما وصل مؤمن رحمه و تذكر
الله أكبر ما تجدد العيد بيننا و تكرر
** *
سبحان الله و الحمد لله..و لا إله إلا الله .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. ولله الحمد
الحمد لك يا مولانا على شريعة الإسلام ..بها نحيا وعليها الملتقى.. وإليك الرجوع و الخضوع و إليك المنتهى.. ولك الحمد يا مولانا حتى ترضى ..ولك الحمد إذا رضيت..و لك الحمد بعد الرضا
الله أكبر .3.
وفي زيارة أخرى.. رأى جدنا إبراهيم عليه السلام..رأى في المنام.. أنه يذبح ولده إسماعيل.. ورؤيا الأنبياء حق.. ورؤيا الأنبياء وحي.. ورؤيا الأنبياء صدق .. فعزم على نحر ولده .. وفي مثل هذا اليوم ..بل في مثل هذه الساعة .. في صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة .. خرج الولد مع الوالد يحتطبان.. ابتعدا عن العمران .. في واد غير ذي زرع ..في منطقة منى اليوم .. قال إبراهيم لإسماعيل .. قَالَ يَا بُنَيَّ.. وما أجمل ما بدأ به .. يَا بُنَيَّ.. فيها كل حنان الأبوة.. تخرج من صميم القلب.. تملأ الدنيا مودة و محبة .. قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.. فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى.. ماذا يرى في الذبح ..يشاوره عن مفارقة الحياة.. ماذا يرى في الموت ..لكن ..يهون كل ذلك في طاعة الله.. بل يحلو كل ذلك من أجل مرضاة الله .. وفي سبيل الله.. كما يهون كل ذلك في بر الوالدين .. والإحسان لهما.. إبراهيم الطائع ..أنجب إسماعيل المطيع.. قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ.. يا أبتي.. و ما أجملها كلمة.. و ما أعزها عبارة.. يحن إليها من فقدها منذ سنين.. اللهم ارحم لنا الآباء و الأمهات.. وأسكنهم عندك فسيح الجنات .. قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ..[الصافات : 102]..
الله أكبر .3.
أورد أصحاب التفاسير .. أن إسماعيل عليه السلام..قال لأبيه وهو يمدده على الأرض .. يا أبتي.. أشدد رباطي.. حتى لا أضطرب فينقص أجري.. واكفف عني ثيابك.. شمرها .. حتى لا ينتضح عليها شيء من دمي..فتراه أمي فتحزن .. إسمعوا يا شباب هذا الزمان .. قمة الطاعة.. ومنتهى الرضا ..و أعلى الإمتثال.. يا أبتي.. واستحد شفرتك..مضيها.. وأسرع مر السكين على حلقي.. ليكون أهون علي.. فإن الموت شديد.. وإذا أتيت أمي.. فأقرئها السلام مني .. وإن أردت أن ترد القميص على أمي فافعل..عسى أن يكون أسلى لها عني.. فبكى إبراهيم.. وأخذ يقبل ولده ..ثم قال له.. يا بني.. نعم العون أنت على أمر ربي.. ثم أوثق إبراهيم كـتاف ولده..ووضع السكين على حلقه .. وقال ..باسم الله والله أكبر.. ومرت السكين على الحلق.. لكنها لم تقطع ..أعاد مرورها مرة بعد مرة ..لكنها لم تقطع.. إبراهيم عليه السلام.. يرغب من السكن أن تقطع .. تنفيذا لأمر الله.. وطاعة لمولاه..و الله في عليائه.. يأمر السكين ألا تقطع .. إكراما للشيخ المنيب.. و تكريما للولد الحبيب .. قال الله تبارك وتعالى .. فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ .. وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا.. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ .. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ .. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ .. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ [الصافات : 103 - 108]. الله أكبر .3.
ليمضي ذلك الذبح سنة عبر السنين.. لتتناقل الأجيال.. منتهى الصدق في الإيمان.. و منتهى القمة في التضحية .. و ليتجلى الفداء دليلا ..على الإستجابة و الطاعة..و يبقى يوم الأضحى.. ذكرى للذاكرين.. وأسوة و اقتداء بالأبوين الأكرمين إلى يوم الدين
اللهم اجعل بهجة الأعياد صدق يقين في قلوب العباد.. اللهم اجمع في هذا العيد شملنا.. ويسر بفضلك أمرنا.. واجعلنا طائعين كما أمرتنا.. متراحمين كما أوصيتنا.. اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم ذنبا إلا غفرته.. ولا عيبا إلا سترته.. ولا مريضا إلا شفيته..ولا مبتلا إلا عافيته.. ولا ميتا إلا رحمته.. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما.. و تفرقنا من بعده تفرقا معصوما.. اللهم أعد علينا هذا العيد بالصحة في الجسد..و بالصلاح في الأهل و الولد.. و بالرخاء و الطمأنينة في البلد.. جعل الله عيدكم عيد يمن و بركة.. وكل عام والجميع على ألفة ومودة .. وكل عام و أنتم بخير .. // ..