البحار المدهش..!!!
*****
( البحار المدهش :
هو عنوان مجموعة شعريه... لمصطفى مراد الاديب الفلسطيني
الحارق كالجمر اللاذع كالعطر القاتل كالقهر
والذي يصارع الحياة بأسنانه اليوم على فراش المرض
والذي تم بتر ساقه وهو الذي كان سيد الحبر والزرقة والبحر
ولأنه مدهش بكل شيء فاهديه دهشتي!!!)
******
ذات جرح
قال البحر لي:
أنا سيد الزرقة والمفردان والزبد
أزرع الملح أشجارًا
أزرع الحزن أشعارًا
وأنشر ثياب الفرح
على حبل
غسيل...علقته
بين ما تلد ألبحار من محار
وبين ما يلد
الأبد من أبد
***
أنا غزال الريح والمفردات
أركض
أمسك كالضوء ثوب العتمة
أخلط التبغ
بالنساء
وأدخن
كل أحزان القوافي
والمنافي
والبلد
***
وأقول لكم:
أنا البحار المدهش
ليست السماء
إلا ثياب هذا البحر العاري
ليست الغيمة
إلا حلم البذور بالمطر
ولست أنا
منكم
لست أنا منكم
ما لم نسأل كل صبح
من أين لك هذا؟!
من أين لنا هذا؟!
ونحن العاطلون عن الحلم
وعن الأمل
وعن العمل..!
***
لم يمت ذاك البحار المدهش
رغم أن الكثيرين
قد ظنوا ذلك
وظل واقفاً
قريباً من حافة الموت
يحاول
بأصابعه المالحة
أن يفصل البحر عن السماء
وألهواء عن ألهواء
والثياب عن ألجسد
*
وأنا
قلت
له:
هذا الكبرياء فيك
قد يقتلني
هذا الكبرياء
وأنت ترفض إلا
أن تكون
ما أنت
..........تشاء
***
بسيطاً
كالطفل
شفافاً كالضوء
لاذعاً كالجرح
حزيناً
كالشتاء
***
تكتب كل صبح
قصائداً من ملح
وتشد جراحك
بزرقة
السماء
والحبر
وتكسر كل شيء
وتبعثر كل شيء
وتعيش كل لحظه
من أقصى الانفعال
لأقصى ما بالشعر
من وجع الوجع
***
وكنت
قد صرخت
يا أيها البحار
المدهش.. توقف
إن الأشياء لا تفسر
إلا بغيرها
وأنا لا املك إلا أنت
فماذا افعل.!؟
***
قال :
من يقبض على الجمر
لا يأبه بالبحر
من يأكل الصخر
لا يأبه بالشعر
والراقد بالقبر
لا يحفل بزخرف القبر
****
ونحن
كل هذا..
عراة.. حفاة
لكننا
سنمضي
حتماً إلى الفجر
حتماً إلى النصر
***
وأنا البَحار وأنا البِحار..
وأنا ألبرد وأنا ألحر
وأنا الصبح
وأنا ألفرح
وأنا ألصغار
وأنا لا أحد
****
أنا
آخـِر الفقراء
أولد من ماء
واموت بالماء
وان مت سأموت.. واقفاً أموت
جارحا أموت
حارقا أموت
غريبا أموت
ولا أريد قبرا ولا أريد زهرا
من أي أحد .......!
***
وأنا أقول:
لا عليك!!
لا عليك
لا عليك
حين تقرأ أضلعي
أن تشطب السطر الأخير
هو الحزن
يولد بلا فرح
بلا حلوى توزع
لا يذكره الناس
ولا يعرفون
عن جرحه
الشيء الكثير
***
وأنا أول من عرفته
قلت: يا أيها الناس
إتقوا ربكم
إن دمه مثل دمائكم
وحلمه مثل أحلامكم
ويجوع ويعطش
ويحمى ويبرد
يتهجأ الأرض ويقرأ
لا يكره..
لكنه
قد يصرخ بالناس
من أين لكم هذا
وانتم العاطلون
عن الحلم والعمل
***
انا أول من عرفه
حين خرج من خاصرة زرقة لبحر
كأشجار الملح
وأناسحبته من خاصرة االملح
فوق الرمل الرطب
وقرأت في عينيه بعض ألصور ألقصيرة
*.**.
إسمه كان "مصطفى"
وإسمه ما زال مصطفى
يفرق بين الشتلة والطلقة
يقرأ تقاطع كفيه كالبوصلة
يعرف أين يكون الفرح
وأين يكون الصبح
لا يكتب بالحبر العادي
سابح بدمه
يمسك ثيابه المهملة
خوف الرياح
وصخب الأيام
يقول سلاماً
ويقول لا شيء
***
يصلي
باتجاه مدينه واحدة وحيدة
وقبلة واحدة وحيده
ويمد ذراعيه كنخلتين
ويقول يا الله
أريد فرحة واحدةٍ وحيده
وحياة واحدةٍ وحيده
وموته واحدةٍ وحيده
أما لباقي الناس
فأعطهم كل ما "تملك"
ولن أقف في طريقهم
ولا في حلوقهم
ولن اجلس
إلا حين اسقط..
ولن أسقط
الا حين أموت..!
أنا مصطفى حبيبك الأبدي
وعاشقك الصوفي
فلا تتركني أموت غرقا بالحبر
إقطع حبلي السري
لقد نويت الصلاة
وأشهد أن لا إله الا أنت
وأشهد أن المصطفى
هو عطري ونبضي
كن معي
فأنا معك هنا
أنا وصغاري وأمهم
ننتظر...............
.................................
.........................ونصلي
*****