رَمَضَانُ أَقْبَـلَ؛ هَاتِهَـا يَـا سَاقِـي
مُشْتَاقَـةً تَسْعَـى إِلَـى مُشْـتَـاقِ
فَلِيَ الْقَصِيدَةُ مِنْ عَصِيرِ النَّبْـضِ فِـي
كَأْسَيْـنِ مِـنْ حِبْـرٍ وَمِـنْ أَوْرَاقِ
وَلَكَ الْمُرُورُ الْحُرُّ بَيْـنَ مَشَاعِـرِي
والْمَشْيُ فِي وَرَقِـي مَـعَ الأَشْـوَاقِ
نَبْضِي عَلَى غُصْنِ الدُّعَاءِ قَدِ اسْتَـوَى
فَاقْطِفْ حُبُوبَ الدَّمْعِ مِـنْ أَحْدَاقِـي
تُسْري بِكَفِّي فَوْقَ سَطْـرِي، طَالِعًـا
بِـي نَحْـوَ أَفْكَـارِي بِـلا إِرْهَـاقِ
فَاعْرُجْ –رُزِقْتَ مِنَ ازْرِقَاقِ الْحِبْرِ- بِي
سُبْحَانَ مَنْ جَعَـلَ الْيَـرَاعَ بُرَاقِـي
أَنَا وَاقِفٌ فِي صَفِّ أَفْكَـارِي؛ فَقُـمْ
فِينَا إِمَامًـا، وَاتْـلُ مِـنْ أَعْمَاقِـي:
صَلَّى عَلَى الْمَعْصُومِ حَـرْفٌ نَـازِلٌ
مِنْ صُلْبِ شِعْرِي، خَاشِعَ الإِشْـرَاقِ
أَطْعِمْ عِيَالَ قَصَائِـدِي مِـنْ مَدْحِـهِ
ضَوْءًا يُسَنْبِـلُ فِـي رُبَـا الأَخْـلاقِ
فَهُوَ الَّـذِي سَبَـقَ الضِّيَـا مِيـلادَهُ
فِي ثَـوْبِ (رُؤْيَـا) وَاسِـعٍ بَـرَّاقِ:
أَمٌّ تَرَى (بُصْـرَى)، وَجَـدٌّ سَاكِـبٌ
مِنْ صُلْبِـهِ ضَـوْءًا عَلَـى الآفَـاقِ
وَوَرَاءَ أَسْـوَارِ السَّمَـاءِ تَرَصَّـدَتْ
جُنْـدٌ لِسَمْـعِ الْجِـنِّ بِالإِحْـرَاقِ
وَيَجِيءُ عَـامُ الْفِيـلِ لابِـسَ بُـرْدِهِ
مِنْ نَصْـرِ مَكَّـةَ أَخْضَـرَ الإِبْـرَاقِ
وَالنَّارُ تَغْـرُبُ مِثْـلَ ذَنْـبٍ مُطْفَـأٍ
عِنْـدَ الْوُضُـوءِ بِرَحْمَـةِ الْخَـلاقِ
وَيَجِفُّ رِيقُ بُحَيْرَةٍ مِـنْ فَـرْطِ مَـا
بُهِرَتْ بِنُـورِ الْمُصْطَفَـى الرَّقْـرَاقِ
وَتُصَادِقُ الْبَرَكَاتُ أَحْمَـدَ، مُنْـذُ أَنْ
نَسَجَتْ لَـهُ الدُّنْيَـا ثِيَـابَ فِـرَاقِ
فَأَبُـوهُ يَلْبَـسُ غَيْبَـهُ، وَالأُمُّ قــدْ
غَرَبَتْ، وَمَا جَـدُّ الْحَنَـانِ بِبَاقِـي!
لَكِنْ أَلَمْ تَسْبِقْ أَتَـانٌ رَكْـبَ مَـنْ
شَبِعَتْ جُيُوبُهُمُـو بِجَـرْسِ وِرَاقِ ؟!
نَهْرَانِ مِنْ صَدْرِ السَّمَا جَرَيَـا عَلَـى
صَـدْرَيْ حَلِيمَـةَ لِلْيَتِيـمِ سَوَاقِـي
أُمَّ اليَّتَامَـي! يَـا حَلِيمَـةُ! أَشْعِلِـي
فِينَـا سِـرَاجَ الرِّفْـقِ والإِشْفَـاقِ
فَلَقَدْ نَسِينَا الْحُبَّ بَعْـدَ الْمُصْطَفَـى
وَالْمَـالُ يَرْمِينَـا بِبَحْـرِ سِـبَـاقِ
أَجْسَامُنَا صَارَتْ صَحَـارِيَ، رَمْلُهَـا
شَهَوَاتُنَـا، وَالْعَقْـلُ ضَـوْءُ مَُِحَـاقِ
كَانَتْ بِهَا شَجَـرَاتُ نَبْـضٍ مُشْبِـعٍ
يُسْقَـى بِنُـورِ الدِّيـنِ وَالأَخْـلاقِ
وَالْيَوْمَ جَـاعَ مُسَافِرُوهَـا، فَارْتَمَـوْا
وَسْطَ الطَّرِيـقِ الْمُـرِّ دُونَ خَـلاقِ
فالآنَ تَزْحَفُ فَـوْقَ خَـدِّ قَصِيدَتِـي
دَمَعَـاتُ حَـرْفٍ سَاخِـنِ الآمَـاقِ
فَالْغَرْبُ أَطْلَقَ ذِئْبَةَ الشَّهَـوَاتِ فِـي
سَـبِّ النَّبِـيِّ صَرِيحَـةَ الإِطْــلاقِ
يَا أَيُّهَـا الْقَلَـمُ الْمُكَلَّـفُ بِالـرُّؤَى
حَرْفِـي قَوَاقِـعُ، طِسْتُهَـا أَوْرَاقِـي
وَشْوَشْتُهُـا بِمَخَاوِفِـي، وَنَثَرْتُـهُـا
فَرَأَيْتُ فِيهِا الْمَـدْحَ مِـنْ أَرْزَاقِـي
فَمَدَحْتُ طَـهَ، فَاصْطَفَتْنِـي فَرْحَـةٌ
هِيَ بِنْتُ ذِكْـرَى، أُخْتُهَـا أَشْوَاقِـي
كَمْ مِنْ قَصَائِـدَ إِنْ تَمَـسَّ مَدِيحَـهُ
تَرْعَشْ جُلُـودُ حُرُوفِهِـا الْعُشَّـاقِ
فِي عَقْلِ صَحْرَاءِ الْجَزِيرَةِ كَمْ رَعَـى
أَفْكَـارَهُ فِـي عُشْـبِ الِاسْتِغْـرَاقِ
وَتَرَعْرَعَتْ فِي قَلْبِ غَارِ (حِرَاءََ) مِـنْ
نَبَضَـاتِـهِ الـدَّعَـوَاتُ لِـلـرَّزَّاقِ
فَـإِذَا بِـهِ يَجِـدُ الإِجَابَـةَ ضَمَّـةً
وَ "اقْرَأْ"، وِإِرْسَـالاً.. لِحِيـنِ عِنَـاقِ
مَا قَبَّلَتْ شَفَتَـاهُ كَأْسًـا، فَاجْتَبَـى
رَبِـي الرَّسُـولَ بِرِيقِـهِ التِّـرْيَـاقِ
أَوْصَى عَلَى الأَبْنَاءِ وَالِدَهُـمْ، وَلَـمْ
يَبْخَـلْ عَلَـى الْحَيَـوَانِ بِالإِشْفَـاقِ
صَحِبَ الْفَقِيرَ أَوِ الرَّقِيقَ، وَسَارَ فِـي
الْغَزَوَاتِ، وَالصَّحـرَاءِ، وَالأَسْـوَاقِ
وَعَلَى الأَذَى كَالنَّخْلِ يُرْمَـى صَـدَّةً
فَيَـرَدُّ بِالتَّمَـرَاتِ فِـي إِغْــدَاقِ
الرَّمْلُ تَحْتَ خُطَـاهُ بَاهَـي غَيْمَـةً
فَرَمَتْ بِظِلٍّ -فَوْقَ أَحْمَـدَ- وَاقِـي
ذِكْرَاهُ سَكَّـرَتِ الْمَسَـاءَ بِطَعْمِهَـا
لَكِـنْ تَرَاجَـعَ لِلْمَـرَارِ مَـذَاقِـي
فَالْقُدْسُ مَا زَالَتْ تُؤَجِّـلُ ضحْكَتِـي
وَتَئِنُّ مِـنْ جُـرْحِ الْهَـوَانِ عِرَاقِـي