رحلتي
بقلم سُكيْنة حسين ليشوري
ها هي السنةُ الدراسية تنتهي و كأنها بدأت أمس، يا للوقت وكيف يجري (!)، كنتُ أنتظر العطلة بشوق حتى تأتي و أذهب في رحلة أنا و والدي كما وعدني.
اخترتُ الذهاب إلى تركيا، لكن أبي أراد سوريا، وما باليد حيلة، فهو والدي ويجب علي أن أستجيب، كم كنت أريد الذهاب إلى موطن الجمال و الطبيعة الخلابة: تركيا، ذهبت لأحضر حقيبتي و أشيائي، حضرنا كل شيء و انطلقنا نحو المطار...
ركبنا الطائرة و انتظرنا الإقلاع، انطلقت الطائرة و أنا أنظر من النافذة منبهرة، فتلك كانت المرة الأولى التي أركب فيها طائرة، نمنا... و استيقظت على صوت المضيفة وهي تعلن أننا على وشك النزول في مطار مصطفى كمال أتاتورك، فلم أفهم شيئا، و نظرت إلى أبي فإذا به يبتسم و يقول :"مفاجأة ؟" فنهضت من مقعدي مقبلة عليه أعانقه و أقبله وأقول: "شكرا لك أبي، شكرا لك !"و هو يجيبني: " العفو، العفو..." جلست أنظر و أنتظر النزول بلهفة كبيرة.
ها هي ذي الطائرة تحط فوقفتُ بسرعة و أمسكت يد أبي، و قلت: " هيا أبي، هيا، أرجوك أسرع !". فُتِحتِ الأبواب و أنزلت السلالم و بدأ الركاب ينزلون، نزلت وأنا أمسك بيد أبي و أخذت نفسا عميقا و أنا أقول: " آه، هواء تركيا !" فقال أبي: " ما هذه اللهفة كلها، كأنك تدخلين مكة ؟ !" فقلت: " إنه أول سفر لي و يجدر بي أن أكون فرحة، أليس كذلك ؟"قال:"نعم، هيا بنا !" أخذنا حقائبنا و جوازي سفرنا، و انطلقنا إلى الفندق الواقع بجانب المطار.
أبي يعرف بعض الأماكن في تركيا، فهذه زيارته الثانية لها، زرنا تقريبا كل الأماكن السياحية في اسطنبول و زرنا مدينتي أزمير و أنقرة و بعض القرى الصغيرة ذات الطبيعة الخلابة، و ها هي ذي الزيارة تنتهي بسرعة كأنها حلم، ركبنا الطائرة عائدين إلى بلدنا و قد اشتقنا إلى أهلنا و وطننا بعد قضاء واحد و عشرين يوما من الضحك و السعادة و الفرح، جلسنا في مقاعدنا مودعين تركيا، و أبي يقول: " هل أعجبتك الرحلة ؟" فأجبته: "نعم، شكرا لك أبي !" وغفوت ... و إذا بي اسمع أمي تناديني: "سُكينة قومي، حان وقت الدراسة !" فتحت عيني و قلت: " ماذا أفعل هنا ؟" ردت متعجبة: " ما الذي تقولين ؟ لقد نمتِ البارحة باكرا، ماذا دهاك ؟" فضحكتُ و قلت: "يا له من حلم رائع ليته يتحقق !"البُليدة، محرم 1432، ديسمبر 2010.