التقدمية تكشف حقيقة بعض شيوخ الملوك والأمراء الذين يصدرون بيانات وفتاوى بشأن أحداث سوريا. بقلم الناصر خشيني
mar01
2012 1 Commentaire Par admin
قبل أن نباشر الرد على هذه الفتوى التي أصدرها للأسف ليس عدد من العلماء الأجلاء الذين يجب احترامهم وتقدير موقفهم الانساني والأخلاقي المبدئي النابع من قيمنا الدينية وانما من خلال التطلع الى الأسماء الموقعة فانهم في أغلبهم ينتمون الى ما يمكن تسميته بتيار الاسلام السياسي سواء كان جماعة الاخوان المسلمين أو السلفيين وبتتبع البلدان التي ينتمون اليها فان الغالب عليهم انتماءهم الى دول الخليج ومصر والسودان والمغرب الأقصى بينما تضمن من التونسيين اثنان ينتميان الىحركة النهضة بحيث ان النقاش لهم هنا ليس على أساس ديني لخروج فتواهم للأسف عن المجال الديني وتوجههم مباشرة الى المجال السياسي حيث يمكن أن يقعوا في الخطا والمحظور وبالتالي تصبح فتواهم عبارة عن موقف سياسي يحتمل الخطأ والصواب ومهما كانت الأسماء مع الاحترام والتقدير لهم ولكن السياسة ليست مجرد مزاج شخصي بل تخضع لضوابط ومعايير دقيقة لا بد من التفكير فيها بشكل جدي وبعقلانية متناهية حتى لا نخدم أعداء الأمة من حيث نريد الانتصار للحق لذا نبدأ باستعراض نص هذا البيان أو الفتوى ثم نناقشها بهدوء وهي موجودة على الرابط التالي
يبدأ العلماء الأجلاء للأسف فتواهم التاريخية بذكر اسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وتمنيت لو بدأوا ترتيلهم بالتسبيح بحمد أمريكا والصهيونية لأن التمشي الذي ساروا فيه أحبوا أم كرهوا في خدمتهما وان لم يقصدوا ولا نتصور في حقهم جميعا الخيانة ولكن الغباء يصل أحيانا بالانسان الى حد الخيانة وان لم يقصدها وذلك أن الحقائق ظاهرة للعيان لاشك ولا اختلاف فيها بعد أن رأينا ما حل بأهلنا في كل من العراق وليبيا والسودان والصومال نتيجة للتدخل الأجنبي فاننا نشفق على علمائنا الأجلاء مما أوقعوا فيه أنفسهم أمام الله والتاريخ والأمة العربية والاسلامية والأجيال اللاحقة لأن خدمة الأجندات الأجنبية ولو بطريقة غير مباشرة غباء سياسي استراتيجي بامتياز لخدمة أعداء الأمة .
ثم يواصل العلماء الأجلاء الحديث عن البطش وانتهاك الأعراض والدماء التي سفكت في سوريا وانتهاكات حقوق الانسان وما الى ذلك من الفظاعات المنسبوبة للنظام السوري فعلى فرض وجودها وان ضخمت كثيرا ونفخت فيها أبواق الدعاية الغربية والصهيونية والرجعية العربية كثيرا ودفعت أموال النفط العربي سخية جدا لتسخين المشهد الثوري والتباكي على الدماء التي سالت أنهارا والحقوق والحريات المعتدى عليها ولكن هؤلاء العلماء لماذا لم يجمعوا أمرهم على الاحتلال الصهيوني ويقرروا أن من يتعامل مع هذا الكيان المجرم خائن وعميل ولا يجوز التعامل معه كآل سعود وأل حمد ومن لف لفهم في بقية بلدان الوطن العربي لماذا لم نسمع لكم ضجيجا اعلاميا كبيرا عندما يتعلق الأمر بفلسطين والمواجهة مع العدو الصهيوني لماذا لم تعلنوا الجهاد في فلسطين اليست أرضا عربية محتلة منذ أكثر من ستين سنة .
ثم ان فظاعات الحكام العرب جميعا لا تقل سوء عما يحصل في سوريا فلماذا استهداف سوريا لانها حاضنة للمقاومة سواء في لبنان أو فلسطين أو العراق ان سوريا ملجأ آمن للبنانيين أثناء العدوان الصهيوني وللفلسطينيين وللعراقيين فهل تريدون القضاء على آخر معاقل العروبة والمقاومة نهائيا لتصفية القضية الفلسطينية فقط أريد أن أذكر علماءنا الأجلاء أنه بعد عاصفة الصحراء وتدمير العراق وعدت الولايات المتحدة العرب المتورطين معها بحل للقضية الفلسطينية وكان مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو التي أوصلت الفلسطينيين الى طريق مسدود لأن أساسه الاعتراف بالكيان الصهيوني لذا فان استهداف سوريا الدولة هو خدمة مجانية للغرب والصهيونية بلا أدنى شك .
ثم تناول العلماء الأجلاء الافتاء بعدم البقاء في خدمة النظام من القوات الحكومية وتحريم ذلك عليهم انتبهوا لخطورة ما تفعلون لنفترض أن الجيش السوري البطل انصاع لفتواكم الغبية للأسف وانسحب من ثكناته ألم تفكروا أن هناك عدوا غادرا على الحدود وينتظر فرصة كهذه للانقضاض على سوريا كما فعل بفلسطين أم ان الخردة من السلاح الذي اشترته دول الخليج ببلايين الدولارات هل تتصورون مجرد تصور استعماله للدفاع عن الأرض العربية ومثال السعودية حافل تاريخها بمساندة قوى الردة كما حصل في اليمن في مواجهة عبد الناصر أو السنة الماضية في قهر الشعب البحريني ولكن في المواجهات المسلحة الحقيقية تتذكرون كيف انهار الجيش السعودي وبكل ترسانته أمام قلة من شباب الحوثيين الذين احتلوا أراض سعودية وأسروا جنودا سعوديين ولم يتذكر علماءنا الأجلاء آية يحفظونها عن ظهر قلب ويقدمونها في خطبهم الجمعية عن الجهاد حين يحل العدو بالديار وهي قوله تعالى انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة: 41
ثم يتحدث العلماء الأجلاء عن مقاطعة النظام السوري وطرد سفرائه والتنديد بموقف سوريا فكان الأولى بهم حتى يحترم الناس علمهم ويعتبرونهم قادة رأي حقيقيين في خدمة مشروع الأمة ان يدعوا الى مقاطعة العدو الصهيوني والأمريكي لانهما فعلا قتلا الآلاف بل الملايين من هذه الأمة واحتلا فلسطين والعراق وقاما بالاعتداء على لبنان اكثر من مرة فلماذا لاتكون المقاطعة لهما
وبديلا عن الدعوة الى حقن الدماء لماذا تاجيج العواطف الجياشة بمثل هذه الفتوى المتسرعة الا تذكرون قول الله تعالى وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
[الحجرات:9]
فلماذا لانطبق هذه الآية حيث ان الله لم يامر بالتدخل الاجنبي لحل الاشكاليات الداخلية بين المؤمنينوتتذكرون ما قالته بعثة الجامعة العربية عندما ذكرت حقائق على الأرض لايريدها القطريون الذين يسرعون وتيرة التدخل الاجنبي ويدفعون في مقابل ذلك أموالا رهيبة كان بامكانها أن توجه لخدمة أبناء الأمة العربية لو كان هناك نفس ثوري وحقيقي ولكن الطبيعة التآمرية لمعظم حكام الخليج تجعلنا نشك حتى في مصداقية هذه الفتوى الغريبة التي تدعو الى الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية في سوريا وتناست الملايين من الجماهير العربية في الخليج التي لايمكن لها ان تحلم بيوم ترى فيه انتخابات او حرية تعبير او معارضة بحيث انها ملكيات وامارات خارج السياق التاريخي لهذا العصر ويصدق عليهم قول الله تعالى قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون 34 سورة النمل
كما قال تعالى وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا 16-17 الاسراء
وبناء على ما تقدم فاننا ندعو الشعب السوري الى الى التماسك والوحدة في وجه المؤامرات الأجنبية واننا نقف الى جانبه في مناداته بالحرية والديمقراطية وندعو ابطال الجيش السوري الى عدم الالتفات الى هذه الفتوى واعتبارها لاغية لانها فتوى سياسية ولا رصيد ديني لها ولازموا ثكناتكم وراقبوا العدو الصهيوني وانتبهوا الى ما يحاك لسوريا من مؤامرات لان التاريخ لا يرحم والاجيال القادمة سوف تذكركم بخير ان أحسنتم التصرف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الناصر خشيني نابل تونس