المؤتمر الصهيوني الرابع والثلاثون واستغلال معزوفة اللاسامية لإغلاق مركز زايد
د. غازي حسين
تبنى المؤتمر الصهيوني الرابع والثلاثون الذي عقد في القدس ما بين 17 و21 حزيران 2002 مجموعة من القرارات بلغت 85 قراراً. وحمل القرار 36 عنوان: "النضال ضد معاداة الصهيونية واللاسامية والعنصرية" وجاء فيه:
1-أن تحث الاتحادات الصهيونية كل الجاليات اليهودية في أنحاء العالم كافة على العمل بقوة ضد آفة اللاسامية ومعاداة الصهيونية.
2-يدعو اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية إلى إنشاء فريق متخصص مقره القدس، لتنسيق مكافحة اللاسامية ومعاداة الصهيونية بطريقة فعالة ورزينة.(1)
فهل جاء إغلاق مركز زايد استجابة وتنفيذاً وتطبيقاً سريعاً وفورياً لقرارات المؤتمر الصهيوني؟
تأسس مركز زايد تنفيذاً للبيان الختامي لإعلان أبو ظبي في الرابع من تشرين الثاني عام 1997 الصادر عن ندوة مستقبل الدول العربية ودور الجامعة العربية. وأكد الإعلان على أهمية إنشاء آلية عمل إقليمية تهتم بمتابعة وتعزيز العلاقات العربية في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، والتنسيق فيما بينها من أجل تفعيل دور المنظمات والمؤسسات ذات الطابع القومي.
ووافق مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية بتاريخ 8 كانون الأول 1997على تأسيس المركز.
تبنت الجامعة العربية قرار تأسيس المركز في 13 أيلول 1999 على اعتباره هيئة سياسية مستقلة مقرها أبو ظبي برئاسة سمو الشيخ زايد آل نهيان.
ورحبت قمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي انعقدت في السنغال ومنظمة الوحدة الأفريقية بإنشاء المركز، واعتبرت أن هذا الإنجاز يعد رافداً من روافد العمل العربي المشترك.
وقام مركز زايد العالمي بالعمل على:
1-إعلاء وتكريس مفاهيم التضامن العربي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الدول العربية، والمساهمة في بلورة استراتيجية عربية في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وترسيخ الهوية القومية العربية والدفاع عنها، ودعم وتعزيز سبل الاتصال والتعاون مع الهيئات الدولية والإقليمية.
2-تأسيس علاقات ثقافية عربية تستند إلى التنوع في إطار الوحدة.(2)
إغلاق المركز
شنت الصهيونية حملة شعواء على مركز زايد وعلى الشيخ زايد نفسه، الذي يحمل المركز اسمه. ورافق الحملة الصهيونية التي أشعلتها "إسرائيل" وتبنتها وأدارتها اللجنة اليهودية لمكافحة التشهير قرار مدرسة هارفارد للاهوت في ولاية بوسطن الأمريكية إعادة النظر في منحة قدمها الشيخ زايد إليها بقيمة 2.5 مليون دولار لتمويل برنامج دراسات إسلامية.
وأخذ أهالي طلاب مدرسة ابتدائية في كاليفورنيا يعيدون النظر في المنحة التي قدمها الشيخ زايد للمدرسة بعد أن قلصت الولاية من الأموال المخصصة للمدرسة.
واتهم غاري ليفين، نائب مدير رابطة مكافحة التشهير المركز بأنه يروج لمعاداة السامية وإنكار الهولوكوست وقال: "المنظمة التي تحمل اسم الشيخ زايد ويمولها تبدو وكأنها تروج لمعاداة السامية، وإنكار الهولوكوست وهذا يقلقنا".(3)
وتعرّض المركز لانتقادات في الولايات المتحدة بسبب استضافته لمتحدثين يعادون الصهيونية "وإسرائيل" ويروجون لرفض وقوع المحرقة، "كما استضاف المركز ثيري ميسان مؤلف كتاب 11 أيلول: "الكذبة الكبرى" الذي يرفض الرواية التي قدمتها الحكومة الأمريكية لما وقع في 11 أيلول".(4)
وكان المركز قد استضاف أيضاً شخصيات أمريكية بارزة منها: الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر، وجيمس بيكر، ونائب الرئيس السابق آل غور.
ووقف كتّاب وصحافيون ومثقفون عرب بجانب مركز زايد في بيان أصدروه عبروا فيه عن التضامن مع المركز، "بسبب الحملة التي يتعرض لها من دوائر صهيونية في الولايات المتحدة وبريطانيا تدعو لإغلاقه، بسبب دوره الإعلامي المتميز في ميدان تنوير الرأي العام العالمي بالقضايا العربية وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني".(5)
وأدانت المذكرة الحملة الصهيونية. وناشدت الشيخ زايد والأمين العام للجامعة العربية العمل من أجل استمرار المركز.
فالمركز مؤيد لعروبة القدس وفلسطين ومعاد للصهيونية وعمل من أجل تعزيز التضامن والتنسيق العربي.
وبتاريخ 27 آب 2003 أصدرت الإمارات العربية أمراً بإغلاق المركز، التابع للجامعة العربية وتموله الإمارات، بذريعة "انحرافه عن مبادئ التعايش والتسامح بين الأديان" وجاء الإغلاق استجابة للحملة التي شنتها "إسرائيل" واليهودية العالمية وتبنتها الولايات المتحدة الأمريكية. وبالتالي يمكن اعتبار إغلاق المركز أول تطبيق للقرار (36) الذي اتخذه المؤتمر الصهيوني في العام الماضي بوجوب التصدي لمعاداة الصهيونية وانتقاد إسرائيل على ممارساتها للعنصرية والاستعمار الاستيطاني والإرهاب كسياسة رسمية واستمرار الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وكان الشيخ زايد -رحمه الله- من أكبر المؤيدين لقضية فلسطين والمقاومة الفلسطينية، ومواجهة المشروع الصهيوني في الوطن العربي، والتمسك بالمقاطعة العربية، ورفض أي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. وانتقلت الإمارات العربية بعد وفاته إلى تبني المخططات والسياسات الأمريكية وفي مقدمتها شطب حق عودة اللاجئين، جوهر قضية فلسطين؛ وفتحت دبي أبوابها أمام المنتجات الإسرائيلية، حيث وصل مبلغ الصادرات الإسرائيلية أكثر من (750) مليون دولار سنوياً بحسب المصادر الإسرائيلية.
وسمحت الإمارات العربية بإقامة قواعد عسكرية فرنسية وبريطانية وأمريكية فيها، وتبنت الموقف الأمريكي لتصفية قضية فلسطين، وتمويل حروب فرنسا القذرة في أفريقيا، والتعاون والتنسيق الأمني مع المخابرات المركزية والموساد، وتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي، ودعم حروب أمريكا بالوكالة عن طريق دعم المجموعات التكفيرية من وهابية وسلفية وجبهة النصرة لمحاربة حركات المقاومة وإضعاف محور الممانعة والمقاومة وبشكل خاص سورية.
ورحّب أبراهام فوكسمان، مدير لجنة مكافحة التشهير بإغلاق المركز، وأعرب عن أمله أن تحذو الجامعة العربية حذو المسؤولين الإماراتيين، واتهم المركز بأنه يحض على كراهية اليهود ويعادي الولايات المتحدة الأمريكية.
المصادر:
1-مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 53 ص81.
2-المجد الأردنية في 27/10/2003.
3-السفير في 18/8/2003.
4-الشرق الأوسط في 18/8/2003.
5-المصدر السابق نفسه.