رسالة إلى الرئيس اوباما في ذكرى مذابح الأرمن... بقلم آرا سوفاليان |
كيف يمكننا أن نصدق يا سيادة الرئيس أنك تسعى لترسيخ أسس الديمقراطية في أميركا و العالم ككل، استجابة للقسم الرئاسي الذي يلزمك بما يلزمك، وأنت تبتعد في كل خطاباتك التي تتعلق بالقضية الأرمنية أو التي تشير إليها حتى ولو من بعيد، تبتعد عن وصف جريمة الإبادة الكبرى التي ارتكبت بحق شعبي المسالم بمسماها الحقيقي وهو (الإبادة)؟
سيدي: هل كان مسلسل الموت المروع الذي دفع ثمنه شعبي المسالم في العام 1915 هجرة داخلية؟ وهل كان حقاً إبعاد إلى مناطق آمنة؟ وهل كان الجناة في أفعالهم المشينة التي حدثت وقتذاك يتمنون أن يصل مبعد واحد إلى جهة الإبعاد التي تتبدل وتبتعد عن موطن التهجير في كل مرة وهو على قيد الحياة؟ وهل كان الجناة يهتمّون بإيجاد جهات آمنة يبعدون إليها من يبعدونه؟ وهل تصدق أنت يا سيدي الرئيس هذه الحجة المهزلة؟
قال هرانت دينك: حتى ولو أبعدتم شعبي بطائرات من الذهب فلقد دمّرتم شعب له تاريخ مشرق وموغل في القدم وله سبق في المساهمة بالحضارة والإنسانية، فقوضتم حضارته وقضيتم إلا قليل على مقوماته القومية والمدنية والإنسانية، وسلبتم أرضه التاريخية، وحوّلتم أفراده إلى لاجئين هائمين على وجوههم بدون أرض وبدون وطن يبحثون عن مأوى وملجأ في ترحال متجدد وبلا أمل. وتم قتل هرانت دينك بيد حثالة يضاف إلى البقية منفذي الإبادة المروعة الأصلية!
وإذا كنت تشك في ذلك يا سيدي الرئيس فلديك في أميركا جالية هائلة من شعبي المبعد قسراً، شعبي الذي وصلت أصوله إلى أميركا، وكل واصل يحمل ألف ألف قصة، أقلها النجاة ولمراتٍ عديدة من موت محقق، وكلها قصص دامية ومؤلمة ومميتة، قصص تقارب المعجزات، لأن إرادة الخالق جلّ جلاله، ووسعت رحمته لا تتطابق مع إرادة السفاح، ولهذا بقي من بقي على قيد الحياة وكتب الله له عمراً جديداً، اسأل أي واحد من شعبي في أميركا، طفلاً كان أو كهلاً حياً كان أو ميتاً، فيجيبك ويحدثك عن هذه النزهة المروعة التي ترفض سيادتك توصيفها بوصفها الصحيح وهو (الجينوسيد) أو جريمة التطهير العرقي الاثني والإبادة العظمى ولو أن هناك مصطلح آخر أكبر وأشد توصيفاً وأثراً يغطي هذه الفعلة الشنعاء التي يندى لها جبين الإنسانية لاستخدمته في رسالتي هذه بلا تردد وهذا ما يؤيده بلا شك أربع شخصيات عظيمة يعرفها شعبي ويقدّرها وتعرفها سيادتك بدون شك وهي الآتية:
هنري مورغنتاو
سفير الولايات المتحدة الأميركية في الدولة العثمانية بين عامي 1913-1916 وكان شاهد عيان رأى مذابح الأرمن بأم عينيه، وسجل مشاهداته بصدق وموضوعية، وألف كتاب (قتل أمة) تحدث فيه وبالتفصيل عن مشاهداته ومناشداته لوقف هذه البربرية بدون فائدة، لأن أميركا لم تكن وقتذاك دولة عظمى، ولم تكن كلمتها مسموعة، وتشاء الأقدار أن يتعرض الشعب اليهودي الذي ينتمي إليه مورغنتاو إلى حفلة إبادة مماثلة (نزهة) على يد طاغية ألمانيا مستشار الرايخ هتلر أدت إلى مقتل ستة ملايين يهودي بريء لم يفعلوا شيئاً يفوق الانتماء الديني الذي لا يد لهم فيه، والذي لا يجرؤ أحداً أن يأخذ لا عليه ولا على أي دين غيره أي مأخذ، لأنه لا يوجد من يجرؤ أيضاً في هذا الزمان على أن يدعي بأنه من أولياء الله على الأرض.
وتشاء الأقدار أن يلج هذه الدائرة مشككون يكذبون الرواية ويسفهون الإبادة ويحجّموا أرقامها وآخرون يكذبون حدوثها بالأصل، في حين يدرك من يدرك أن التسفيه والتكذيب والتقليل من شأن الحوادث العظام صفة إنسانية جاهلية، لن تنتهي إلا عندما يرث الله الأرض وما عليها.
فريدروف نانس
وهو كاتب ورحّالة نروجي، برهن بالقول والعمل بأن هناك خصال إنسانية نبيلة موجودة في أناس آخرين غير الأنبياء، فلقد قطع شوطاً مذهلاً بتجييش حملات الإغاثة لإعانة الأرمن واستطاع بعد أن وضع كل جهده وإمكاناته، جمع الألوف من أولاد وبنات الأرمن الذين تقطعت بهم السبل بعد قتل آبائهم وأمهاتهم، فأخرجهم من دور الأيتام العثمانية وألحقهم بدور أيتام تعيد لهم ما بقي من إنسانيتهم وتذكرهم بأصلهم ولغتهم ومعتقد من أنجبهم إلى هذه الحياة التي قلبت لهم ظهر المجن.
الفيسكونت جيمس برايت
قالت جموع العرب (أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)، أما الأرمن فيضيفون وبعد تجاربهم المريرة أن (أعظم الجهاد أيضاً هو كلمة حق عند سلطان غادر وعاق)، وتجلى الغدر والعقوق في أعلى مراتبهما بالمقولة السخيفة الآتية (إن سفن بريطانيا لا تستطيع تسلق جبال آراراد ) والقصد هو العبارة الآتية (اذهبوا لتواجهوا مصيركم فنحن وعلى الرغم من تضحياتكم الهائلة ودمائكم الغزيرة التي أهدرت في سبيل قضية الحلفاء وعلى الرغم من وعودنا الكثيرة لكم فنحن لا نستطيع مساعدتكم...!!!) وهذا ما فعلته فرنسا أيضاً بعد أن بذل الأرمن دمائهم في خدمة الحلفاء وقضيتهم، فكان الجزاء جزاء سنمار وعقوق غير مسبوق، وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا سترت البعض من مساوئها عن طريق القبول بتوطين بعض اللاجئين الأرمن ومنحتهم الجنسية أما بريطانيا فضربت على نهج السفن التي لا تستطيع تسلق جبال آراراد من البداية وحتى النهاية فتنصلت من العهود وبرهنت عن غدر وعقوق غير مسبوقين عدا الفيسكونت جيمس برايس الدبلوماسي والمؤرخ الانكليزي الشهير صاحب كتاب أعظم الجهاد (معاملة الأرمن في الإمبراطورية العثمانية) فلقد نطق بكلمة الحق وجعل كل الأرمن دائنين لبريطانيا ومدينين له بعد هذه الشهادة.
يوهانس ليبسيوس
وهو رئيس البعثات التبشيرية الألمانية في الدولة العثمانية وكان شاهد عيان رأى المذابح بعينيه بين العامين 1895 ـ 1915 وتغلبت فيه نزعة المسيح والكنيسة لكونه كاهن ومبشر، فلم تطاله عقدة الشوفينية والكراهية التي جمعت الأتراك الاتحاديين بالألمان وبالتحديد ألمان بسمارك والتي تجلت بأبشع صورها في التآلف ما بين جماعة الاتحاد والترقي ثالوث العار طلعت باشا وأنور باشا وجمال باشا السفاح من جهة وببسمارك ووانكنهايم سفير ألمانيا في الدول العثمانية وقد جمع هذا الأخير في قلبه كل الحقد والبشاعة والخبث والإجرام والكراهية للأرمن دون سبب معروف وقد بحثت و أعياني البحث في سيرته منذ الولادة وحتى الوفاة فلم اعثر على حرف واحد يبرر هذا الحقد وهذه الوحشية تجاه الأرمن والوقوف إلى جانب الأتراك ومنحهم الضوء الأخضر لتنفيذ الإبادة وتشجيعهم على المضي بها ومساعدتهم في إتمامها وبنجاح وهو يصم أذنيه ويغلق عينيه ويطبق فمه أمام مناشدات المخلصين وتوسلات الإنسانيين وليبسيوس منهم، فكان لا يتورع عن تشجيع الاتحاديين على النيل من الأرمن بوحشية غير مسبوقة ويوغر صدورهم ليرفع عتبة إجرامهم لتتحول جريمة الإبادة التي طبقت بحق الأرمن في بدايات القرن العشرين إلى أبشع جريمة إبادة مطبقة ضد الإنسانية في العالم قاطبة والأشد أثراً وإيلاما والأكثر ترويعاً.
أما يوهانس ليبسيوس فلقد اختار طريق آخر غير طريق وانكنهايم الذي رضي أن يكون حذاء ينتعله بسمارك وحلفاؤه الأغرار الماسونيون الدونما، لقد اختار طريق التنوير والحقيقة وبذل جهده في إيقاظ ضمير العالم عن طريق كتابه (ألمانيا والأرمن) الذي احتوى عل وصف مذهل لكل المجازر التي كان فيها شاهد العيان فاستطاع وبكل شهامة تطييب خواطر الأرمن وتبديل نظرتهم السوداء تجاه ألمانيا، تلك النظرة التي تركها وانكنهايم في نفوسهم وأنا منهم نتيجة وحشيته وضلاله وحقده الغير مسبوق وبدون مبرر معروف.
هؤلاء الأربعة الأحرار يا سيادة الرئيس اوباما مسحوا بأيديهم البارة جباه المتعبين والمظلومين فاستحقوا أن تدرج أسماؤهم لدى الأرمن في سجل العظماء الخالدين.
هذه النزهة يا سيادة الرئيس اوباما والتي رفضت سيادتك تسميتها بالإبادة أدت إلى ما يلي:
خسائر الشعب الأرمني
هذه الجداول أعدها يوهانس ليبسيوس ( رئيس التبشيريات الألمانية في الإمبراطورية العثمانية) وبموجب شهادات دبلوماسيين وضباط غربيين وشرقيين عديدين تولوا مساعدته في مسعاه.
آ ـ الخسائر البشرية:
شرقي الأناضول
ولاية كارين
1 ـ كارين185000 بين قتيل ومهجر
2 ـ يرزنكا 25000 بين قتيل ومهجر
3 ـ بايبورت 17000 بين قتيل ومهجر
4 ـ حسن كاليه 10000 بين قتيل ومهجر
5 ـ تيرجان 10500 بين قتيل ومهجر
6 ـ كاماخ 10200 بين قتيل ومهجر
7 ـ كورتيجان 25000 بين قتيل ومهجر
8 ـ بايازيد 15200 بين قتيل ومهجر
9 ـ خنوس 21000 بين قتيل ومهجر
ولاية طرابزون
1 ـ طرابزون 32700 بين قتيل ومهجر
2 ـ ساسون 20800 بين قتيل ومهجر
ولاية سيواس
1 ـ سيواس 86000 بين قتيل ومهجر
2 ـ توكات 23000 بين قتيل ومهجر
3 ـ آماسيا 28500 بين قتيل ومهجر
4 ـ نيكوبوليس 25200 بين قتيل ومهجر
5 ـ ديفرجي 11200 بين قتيل ومهجر
6 ـ كيورون 18500 بين قتيل ومهجر
7 ـ ديرنديه / 7000 / بين قتيل ومهجر
ولاية خربوط (خاربيت)
1 ـ خربوط 51000 بين قتيل ومهجر
2 ـ آغين 10200 بين قتيل ومهجر
3 ـ آرابكير 19500 بين قتيل ومهجر ( يعود اليها أصل عائلة سوفاليان)
4 ـ جيمسكيز بك 9000 بين قتيل ومهجر
5 ـ جارسينجاك 18500 بين قتيل ومهجر
6 ـ مالاطيا 23000 بين قتيل ومهجر
ولاية ديار بكر (ديكراناكيرد)
1 ـ ديار بكر 47000 بين قتيل ومهجر
2 ـ بالو 22300 بين قتيل ومهجر
3 ـ آرغانا 6700 بين قتيل ومهجر
ولاية وان
1 ـ وان 100700 بين قتيل ومهجر
2 ـ ليم وكودوتس 10000 بين قتيل ومهجر
3 ـ آختادجار 70500 بين قتيل ومهجر
ولاية بتليس
1 ـ بتليس 43500 بين قتيل ومهجر
2 ـ موش 94000 بين قتيل ومهجر
3 ـ سيغرت 25200 بين قتيل ومهجر
4 ـ خيزان 25000 بين قتيل ومهجر
غرب الأناضول
ولاية ازمير
1 ـ أرماش 5000 بين قتيل ومهجر
2 ـ نيكوميديا 66100 بين قتيل ومهجر
ولاية بروصة
1 ـ بروصة 18000 بين قتيل ومهجر
2 ـ بيلاجيك 11800 بين قتيل ومهجر
3 ـ بانتيرما 15000 بين قتيل ومهجر
4 ـ كوتاهيا 19200 بين قتيل ومهجر
5 ـ سيميريا 27200 بين قتيل ومهجر
6 – كاستاموني 14000 بين قتيل ومهجر
ولاية أنقرة
1 ـ أنقرة 23500 بين قتيل ومهجر
2 – قيصاري 44000 بين قتيل ومهجر
3 ـ يوزغات 41000 بين قتيل ومهجر
4 ـ قونيا 25000 بين قتيل ومهجر
كيليكيا وشمال سوريا
ولاية أضنة
1 ـ أضنة 37900 بين قتيل ومهجر
2 ـ سيس 9500 بين قتيل ومهجر
3 ـ هاجن 21200 بين قتيل ومهجر
ولاية حلب
1 ـ حلب 22000 بين قتيل ومهجر
2 ـ مرعش 37500 بين قتيل ومهجر
3 ـ فرنوز 7000 بين قتيل ومهجر
4 ـ عينتاب 35000 بين قتيل ومهجر
5 ـ اورفا 25800 بين قتيل ومهجر
6 ـ انطاكية 15000 بين قتيل ومهجر
ولاية اسطنبول
1 ـ اسطمبول 10000 بين قتيل ومهجر
2 ـ أدريانابول 20000 بين قتيل ومهجر
تجدر الإشارة إلى انه لا يمكن إجراء أي إحصاء صحيح في ظروف الإبادة المروعة والقتل في غياهب الصحراء والأماكن النائية البعيدة والذبح على الطرقات وإحراق الكنائس والأديرة وهدمها على رؤوس من فيها وملئ الحقول وآبار الماء والبحيرات والأنهار بالجثث والإغراق المتعمد لأرمن الشمال في البحر الأسود وخاصة أهل طرابزون وما جاورها وباستخدام السفن الناقلة الحربية بحجة الإبعاد إلى أماكن آمنة وإتخام دجلة والفرات بجثث النساء والأطفال وقد اصطبغ الماء بلون الدم لأمد طويل حيث كان يتم إطلاق الرصاص على من يحاول العودة أو من يعثر على بارقة أمل تؤدي به إلى الخلاص، ولا يمكن أيضاً الوصول إلى أعداد القتلى من الشباب الأرمن الذين سيقوا بعد النفير العام والذين جردوا من سلاحهم في خطوة لاحقة، وتم تحويلهم إلى كتائب السخرة، ثم اجبروا على حفر قبورهم الجماعية بأنفسهم، بحجة أنها خنادق دفاعية لزوم المعركة، وتمت إبادتهم بإطلاق النار على رؤوسهم، ودفن الجميع درئاً للأمراض وبعضهم أحياء...!!! ولا يمكن بالطبع العودة إلى الأرشيف العسكري المتعلق، لأن المجرم لا يترك من الأثر إلا ما ندر وبالمصادفة، ولأن هذا الأرشيف وفيما يتعلق بهذا الأمر غير موجود ومهلهل في حالة وجوده ومليء بالكذب والتضليل.
ب ـ الخسائر الثقافية
في العام 1900 وفي أسوأ فترة من فترات حكم السلطان الأحمر عبد الحميد الثاني ظل الله على الأرض كان للأرمن 1100 مدرسة تضم 120000 طالب ويقال بأن عدد المدارس الأرمنية في أرمينيا الغربية والشرقية فاق عدد المدارس التركية التي كانت الحكومة تمتلكها وقتذاك.
وكانت السلطنة العثمانية تضم 1736 أرمنياً اعتبروا من كبار رجال العلم والفكر والقيادة منهم وزراء وأعضاء مجلس المبعوثان وأطباء وصيادلة ومهندسين وأدباء وقضاة وحقوقيين ومستشارين وأساتذة جامعات ومدرسين وكتاب وشعراء ورؤساء أحزاب ومفكرين وأصحاب أقلام وصحفيين ومتنورين، ورجال دين وفنانين ورسامين وموسيقيين عالميين تم قتلهم جميعاً بدماء باردة وبالتدريج وبدءاً من يوم 24 أبريل نيسان 1915 عندما قرر الاتحاديون إفناء الشعب الأرمني واختاروا نقطة البداية وهي إفناء القيادات وقتل النخبة، واختار الأرمن حول العالم هذا اليوم 24 نيسان من كل عام واعتبروه يوم حداد وطني يتذكرون فيه جريمة الإبادة المروعة التي لحقت بهم وكادت أن تؤدي إلى إفنائهم التام لولا لطف الله.
وفي الفترة الممتدة بين عامي 1910 ـ 1918 وضع في التداول 103 صحيفة ومجلة أسبوعية أرمنية وكان في اسطنبول وحدها في العام 1910 ثماني صحف يومية وخمس عشرة مجلة من جميع الأنواع، أما فيما يتعلق بالجمعيات الخيرية والاجتماعية والعلمية والثقافية فلقد بلغ عددها المئات.
جـ مساحة الأراضي الأرمنية التي تم احتلالها
حسب اعتراف الأتراك في معاهدة لوزان وبموجب الخريطة التي رسمها الرئيس الأميركي وودرو ويلسون والتي لم تأخذ بعين الاعتبار الأراضي التي كان يشغلها الأرمن في غرب الأناضول والتي تم تحويلها إلى أرض محروقة وتم إفراغها من سكانها الأصليين فلقد بلغت الأرض المحتلة وبحسب ويلسون 150 ألف كيلو متر مربع.
د خسائر الأوابد الأثرية
استناداً إلى أبحاث المؤرخين والمنقبين فقد كان على الأرض الأرمنية التي تحتلها تركيا ما مجموعه 1639 كنيسة تعود للشعب الأرمني وكان أغلب هذه الكنائس آية في فن العمارة الأرمنية وكانت تعتبر متاحف نفيسة لكثرة ما كانت تحتوي عليه من مخطوطات وذخائر كنسية ونفائس ومتعلقات، تمت استباحتها وسرقتها بالكامل من قبل السلطات التركية وأعوانها وهي بالمجل كنوز ونفائس لا يمكن تعويضها وتعتبر خسائر أرثية وتراثية عالمية، أما ما بقي من بنيان وعمارات فلقد تم الإجهاز عليه ودمر بالديناميت، وتشير الإحصاءات إلى أن الأتراك دمروا أكثر من ألف كنيسة تدميراً كاملاً وحولوا الباقي إلى مستودعات ومخازن وإسطبلات بين العامين 1915 ـ 1922 أما الأوابد والآثار والقلاع الضخمة والأسوار والكنائس المشهورة عالمياً التي تعذر تدميرها كلياً فهي تقدم اليوم إلى السياح الأجانب على أنها نماذج من الفن المعماري التركي بنيت بيد المسيحيين الأتراك...!!! والثابت أيضاً وهو ما تعرفه البشرية جمعاء أن الأرمن شغلوا مناطق تواجدهم التاريخية (شرق وأواسط الأناضول وآراراد ومنابع دجلة والفرات) منذ 3000 سنة قبل الميلاد ومنذ أن ورثوا اورارتو التي اندثرت، ورثوها سلماً، فكان أول شعب مسالم لم يعتدي على أحد ولم يغتصب أرض أحد ولم يقتل أحد وكان ضحية الظلم والإبادة على مر التاريخ، أما جدران الأوابد والمعابد الأرمنية فهي تعرف من رفعها ونقش عليها تماثيل القديسين ورسم الصليب المقدس في ألف موضع وموضع.
إن السياسة الرسمية التركية تجاه هذه الأوابد هي التالية:
" إن كلمة أرمني يجب أن لا تدل على معنى أو مفهوم في تركيا، إن مجرد ذكر الأرمن أو الحديث عنهم ولو بمجرد الإشارة إلى أماكن مواطنهم التي كانوا يعيشون فيها وتم اقتلاعهم منها كرهاً والتحدث عن آثارهم وعماراتهم وأوابدهم وكنائسهم، يجب أن يكون من المحظورات فيجب أن يزول ذكراهم ويتلاشى، وهذا ما يحض عليه القانون والعرف التركيين وينفذه الأتراك بالحرف وعند سؤالهم من قبل جماعات من السياح الأرمن الذين يدفعون حديثاً وبالعملة الصعبة رسم زيارة أوابد أمتهم الذبيحة والمقهورة صبراً، يجيبون (لقد كانوا هنا ورحلوا ولا نعرف الأسباب)
هـ الخسائر المادية
حسب التقرير الذي أعده التجمع الوطني الأرمني في باريس عام 1919 بلغت خسائر الأرمن المادية تسعة عشر مليار فرنك فرنسي (بأسعار تلك الفترة) تلك الأسعار التي تؤدي إلى مبالغ خيالية بعد إسقاطها على أسعار اليوم هي الآتية:
1 ـ خسائر اقتصاد القرى المخربة أربعة مليارات وسبعمائة وتسعة وثلاثين مليون فرنك فرنسي.
2 ـ خسائر اقتصاد المدن التي دمرت وأحرقت بلغت ثلاث مليارات وستين مليون فرنك فرنسي.
3 ـ تعويضات للعائلات المنكوبة والمتضررة نصف مليار فرنك فرنسي.
( لا يعرف الأساس الذي تم الرجوع إليه لاحتساب هذا الحساب، خاصة وان هناك أسر تلاشت كلياً وكنى لم يعد لها وجود، ومليون ونصف شهيد تم عرضهم على السيف والمدى والخناجر والرصاص وتم إغراق الناس وإحراق بعضهم وهم أحياء، وأراض زراعية تمت مصادرتها وبيارات وكروم عنب وثروة نباتية هائلة من محاصيل وأشجار تركت وثمارها لم تجنى بعد، وحيوانات وماشية تمت سرقتها، ومنازل وأراض وأبنية يملك أصحابها صكوك ملكية نظامية موشحة بالهلال والنجمة العثمانية هذا الوشاح المرعب الذي لم يعد يعني للأرمن إلاّ الموت والترويع).
4 ـ تعويضات للعائلات المتضررة نصف مليار فرنك فرنسي.
(مع إبداء نفس التحفظ السابق... لعدم معرفة الأساس الذي تم الرجوع إليه لاحتساب هذا الحساب ـ ولا نعرف إن كان التجمع الوطني الأرمني في فرنسا والمعني بهذه الدراسة يحيط علماً بالحدود الإنسانية والجغرافية التامة لهذه الإبادة المروعة وأمكنتها المتباعدة ونتائجها المخيفة الكارثية)
5 ـ تعويضات للجرحى والمستشفيات ربع مليون فرنك فرنسي.
(مع إبداء نفس التحفظ السابق... لعدم معرفة الأساس الذي تم الرجوع إليه لاحتساب هذا الحساب ـ ولا نعرف إن كان التجمع الوطني الأرمني في فرنسا والمعني بهذه الدراسة يحيط علماً بالأعداد الصحيحة للجرحى، وهل يقصد المشافي التركية التي لم تستقبل أي جريح أرمني إلا بهدف القضاء عليه إن وصل إليها بالمصادفة، بالإضافة إلى عدم وجود مشافي في الأماكن النائية التي تمت فيها الإبادة حيث كان الجريح يترك على الأرض لينزف حتى الموت، أم أن التجمع الأرمني يقصد المشافي الفرنسية التي وصل إليها من كتبت لهم حياة جديدة واستفادوا من معجزة ربانية في زمن تندر فيه المعجزات، وهم في كل الأحوال جزء يسير من إجمالي الجرحى، وفي كل الأحوال فإن المرجع في الحالتين غير صحيح لأنه ناقص)
6 ـ ضياع ودائع التأمين والحسابات التي تخص الأرمن في المصارف التركية بعد أن أصدرت الحكومة قانون خاص يجيز الاستيلاء على أموال الأرمن يشبه قانون مصادرة بيوت وعقارات وأراضي وأملاك الغائبين، وبالتالي فلقد سرقت الحكومة كل الأموال المتعلقة بالأرمن، وهم غائبين بالطبع وفي المقابر الجماعية بفضل سيوف الأتراك والأكراد والشركس والتركمان وبفضل قلوب لا تعرف الرحمة.
أما ودائع الأرمن وصكوك التأمين في البنوك الأوروبية والأميركية فلقد بقيت حتى اللحظة معلقة.
ويجري اليوم تآلف وحملات اعتراف عالمية بالإبادة ومفاعيلها وآثارها الجرمية المستمرة التي لم تتوقف حتى الآن، واقترح من هذا الموضع تشكيل لجنة دولية متحدة تحت رعاية الأمم المتحدة تمثل الدول والشعوب المتضررة لتشد أزر بعضها بعضاً، ولتطالب بالحقوق الضائعة والتعويضات واسترجاع هذه الحقوق السليبة، و تتألف من الدول والشعوب التي دفعت هذا الثمن الفادح في سني الغفلة عندما كان المجتمع الدولي يصغي إلى مصائب هذه الأمم بأذنين الأولى من طين والثانية من عجين!!!
والدول والشعوب المقصودة هي هذه التي دفعت الأثمان الفادحة أدناه عندما شاء القدر أن تفقد استقلالها الوطني وتعيش العبودية وهي خنيعة وذليلة في ظل الدولة العثمانية،حسب التسميات والأزمنة المتعلقة المرفقة:
في العام 1822 يونان 50000 قتيل
في العام 1850 أرمن وآشوريين 12000 قتيل
في العام 1860 لبنانيين وسوريين 11000 قتيل
في العام 1876 بلغار 15000 قتيل
بين العامين 1877 ـ 1875 أرمن 6000 قتيل
في العام 1892 أكراد ويزيديين 8000 قتيل
بين العامين 1894 ـ 1896 أرمن 500000 قتيل
بين العامين 1896 ـ 1897 يونان كريتيين 55000 قتيل
في العام 1909 أرمن 30000 قتيل
بين العامين 1915 ـ 1916 أرمن 1500000 قتيل
بين العامين 1917 ـ 1923 أرمن 400000 قتيل
في العام 1922 يونان 50000 قتيل
بين العامين 1894 ـ 1924 آشوريين 450000 قتيل
بين العامين 1914 ـ 1918 شرق الوطن العربي ـ بلاد الشام ـ عرب ـ 500000 قتيل
(النتائج المباشرة للثورة العربية الكبرى ومحاولات قمعها والبطش بالثائرين العرب وبالمدنيين العزّل عن طريق مداهمة المدن والقرى وسرقة الأغلال والمحاصيل والحيوانات والماشية خدمة للمعركة، ونتائج الحرب العبثية الكارثية التي تنطح لها الغر جمال باشا السفاح عندما جيّش الجيوش لمقارعة الانكليز فيما يعرف بمعركة ترعة السويس، وذهب لمقاتلة جيوش تفصلها عنه موانع مائية لا يستهان بها دون أن يمتلك وسائط عبور، في الوقت الذي كانت جيوشه تشكي نقص التموين والإمداد والمياه الصالحة للشرب فهلك الجيش من الجوع والعطش وبدون حرب تذكر!!!)
وبعد هذا العرض الذي تعرفه ويعرفه مستشاروك أكثر منا يا سيادة الرئيس اوباما، لدينا سؤال مشروع وهو: كيف يمكننا أن نصدق يا سيادة الرئيس أنك تسعى لترسيخ أسس الديمقراطية في أميركا و العالم ككل، استجابة للقسم الرئاسي الذي يلزمك بما يلزمك، وأنت تبتعد في كل خطاباتك التي تتعلق بالقضية الأرمنية أو التي تشير إليها حتى ولو من بعيد، تبتعد عن وصف جريمة الإبادة الكبرى التي ارتكبت بحق شعبي المسالم بمسماها الحقيقي وهو (الإبادة)؟
ساعدنا يا سيادة الرئيس لنصدّق ... لأن الوقت لم يفت فهو لم يزل بمتناول يديك السمراوتين خاصة وان هناك الملايين من الأيادي السمر وفي ظل القهر والعبودية أشادت مجد أميركا الحالية ووضعتها وشعبها في طريق الديمقراطية التي يفترض أن سيادتك وشعبك من خلفك من أكبر حماتها.
المرجعين الوحيدين: 1ـ ذاكرة الكاتب 2 ـ كتاب المجازر الأرمنية للمؤلف البروفيسور الكسندر كشيشيان
الأحد 2011-04-17
13:09:15