الحب بوصفه موضوعاً نفسياً فلسفياً في كتاب «ما وراء علم النفس» للدكتور الراحل فاخر عاقل الأربعاء, 17 شباط 2010 23:01 توفي الدكتور فاخر عاقل، الحائز على وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، يوم 29 / 1 / 2010 في "دار السعادة للمسنين" بحلب، وقد مكث فيها زمناً طويلاً، يتواصل مع العالم الخارجي من خلال الراديو والتلفزيون والإنترنت. وبين الحين والآخر كان يزوره بعض الأصدقاء القدامى والتلاميذ والإعلاميين، الذين يأتون ليجروا معه حوارات مطوّلة للصحف والمجلات.
يجيد د. عاقل العربية والإنكليزية والفرنسية، وله سبعة وعشرون كتاباً من تأليفه، منها قاموسان لعلم النفس، أحدهما للطلبة والآخر للمتخصصين، وثلاثة كتب مترجمة.
ولد فاخر عاقل سنة 1918 في قرية جبلية صغيرة تدعى "كفرتخاريم" من الأقضية الغربية لولاية حلب (محافظة إدلب حالياً)، وكان أبوه فقيراً يعمل بصفة مدير للمال في أقضية حلب.
وأسرة "عاقل" هي أسرة علم وثقافة، فمنها الدكتور نبيه عاقل أستاذ التاريخ المتميز، والدكتور محمد عادل عاقل العالم الاقتصادي، مؤسس كلية العلوم الاقتصادية بجامعة حلب سنة 1971 وواضع مناهجها.
تلقى فاخر عاقل دراسته المتوسطة والثانوية بين عامي 1932 و1936 في تجهيز حلب، التي عرفت فيما بعد باسم "ثانوية المأمون".
حصل على البكالوريوس والماجستير باختصاص علم النفس من الجامعة الأمريكية في بيروت، وأما الدكتوراه فقد حصل عليها من الكلية الجامعية بلندن.
عمل رئيساً لقسم علم النفس في جامعة دمشق، وخبيراً لمنظمة اليونسكو لمدة ثماني سنوات، ودرَّس في الجامعة الأردنية وجامعة الكويت.
إن الكتاب الذي نحن بصدده الآن يحمل عنوان "ما وراء علم النفس"، وهو صادر عن وزارة الثقافة بدمشق سنة 2007، ويقع في 112 صفحة من القطع المتوسط، يهديه إلى والديه اللذين ربياه وأعطياه. والإهداء بحدّ ذاته يرينا إيلاءه للمسألة التربوية اهتماماً كبيراً.
ينقسم الكتاب إلى قسمين، الأول يضم مقالات نظرية اقتبسها من علم النفس، والثاني مقالات تهم الإنسان العربي المعاصر ويسميها "تحصيل حاصل".
ويتحدث في هذا الكتاب عن الحب، بوصفه موضوعاً نفسياً فلسفياً، ويشير إلى تجارب أجريت على غرائز الحيوانات، يستطيع من يقرؤها أن يتوصل إلى فكرة منطقية مفادها: أن حب الأم لولدها، مثلاًً، أقوى من غريزة الجنس "الليبيدو" التي تحدث عنها فرويد. ويؤكد، من جهة أخرى، أن "فرويد" لم يكن أولَ مَن قال بالغريزة الجنسية، وليس أول من شرح مفهوم اللاشعور، بل سبقه إلى ذلك أستاذه "شاركو".
ويفرد د. عاقل بحثاً خاصاً للعقل والإرادة، ويستغرب أن يفصل البعض بينهما، وكأنهما قوتان مستقلتان عن بعضهما. ويشير إلى أن الجملة العصبية للإنسان بالغة التعقيد، وهي أكثر تطوراً من الكومبيوتر نفسه، والإنسان حينما يتعلم النطق يكون أذكى الكائنات قاطبة. والمثال على ذلك أن عالماً أمريكياً وزوجته ولد لهما صبي في لحظة ولادة القردة، وقد راقبا القرد الصغير المجايل للصبي فوجداه يتطور بسرعة تسبق سرعة تطور الصبي، ولكن الصبي بمجرد ما تعلم النطق تفوق على القرد تفوقاً كبيراً.
ويضم الكتاب أبحاثاً عن قوة الشخصية، ومستوى الطموح، والذاكرة، وحب العمل، والفروق بين الرجل والمرأة، والزواج السعيد، والأسرة بوصفها الخلية الأولى للمجتمع، وعليها تقوم حضارات الشعوب.. وحينما يتطرق إلى الأحلام، يشرح العلاقة بين الشعور واللاشعور، وإن كان "ابن سيرين" الذي أخذ تفسيره للأحلام عن اليونانيين يقول بأن الأحلام عبارة عن إشارات تدل على وقائع،.. بمعنى أن رؤية الذهب في المنام تعني كذا، ورؤية الثعبان تعني كذا.. فإن تفسير"ابن سيرين" هذا خاطىء، والصحيح أن أماً لديها ولد غائب قد ترى في المنام ساعي البريد يوصل إليها رسالة منه، هذه الأم نفسها لها أحلام تخيب وأحلام تصيب، والخائبة أكثر من الصائبة، وظاهرة التخاطر لا تصيب دائماً مهما كان الشخصان موضوع التجربة متحابين أو متعاشقين.
وثمة فصل عن التخلف، والوراثة، وهنا يرينا "د. عاقل" كيف تنقلب المفاهيم الخاطئة لعلم الوراثة في البيئة الشعبية إلى قناعات متخلفة، كقناعة الرجل الشرقي بأن سبب ولادة المرأة للبنات هو المرأة نفسها، بينما القوانين التي اكتشفها القس النمساوي "جريجوري مندل" في القرن التاسع عشر تؤكد أن تحديد جنس الجنين يعود إلى مورثات الرجل، ولا علاقة للمرأة البتة بهذا الأمر. وأما مورثات الذكاء فيأخذها الوليد عن الأب والأم كليهما. ومن الإحصائيات الطريفة في هذا المجال أن نصف سكان الكرة الأرضية متوسطو الذكاء، والربع أذكياء، والربع أغبياء.
خطيب بدلةhttp://www.albaathmedia.sy/index.php...-11&Itemid=174