الْلِقَاءُ المُنْتَظَرِ
قصة للناشئة
أيمن خالد دراوشة
الدوحة – قطر
***********************************
كَانَتِ الْغَابَةُ الْكَبيرَةُ تَحْيَا في حِالِةٍ مِنَ الْهَلَع ِ وَالْخَوْفِ ، فَقَدْ انْقَسَمَتْ إِلَى طَائِفَتَيْنِ ، طَائِفَةٌ تُؤَيِّدُ الأَسَدَ مَلِكَ الْغَابَةِ ، وَطَائِفَةٌ تُؤَيِّدُ الْفِيلَ الْعَظيِم ِ.
وَبِدَايَةُ الْقِصَّةِ كَانَتْ عِنْدَمَا سَأَلَ صَغُيرٌ مِنَ الْفِئْرَانِ أُمَّهُ أَمَامَ جَمْع ٍ عَظِيم ٍمِنْ حَيْوَانَاتِ الْغَابَةِ ، وَبِصَوتٍ عَالٍ : مَنْ الأقْوَى يَا أُمِّي الأَسَدُ أَمِ الْفِيلُ ؟ فَأَجَابَتْهُ أُمُّهُ - وَقَدْ بَدَا عَلَيْهَا الْقلقُ وَالتَّوَتُّرُ- الأسَدُ أَقْوَى يَا بُنَي وَإِلاَّ لِمَاذَا أَطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكُ الْغَابَةُ ؟!
إِلاَّ أنَّ الْفَأْرَ الصَّغيرُ وَقَفَ مُنْدَهِشاً وَتَسَاءَلَ مَرَّةً أُخْرَى ، لَكِنْ الْفِيلُ أَضْخَمُ مِنَ الأَسَدِ وَصَوْتُهُ مُرْعِبٌ ، أَلَيْسَ هُوَ الأَقْوَى يَا أُمِّي ؟! صَمَتَتْ الْفَأْرَةُ الأُمُّ انْدِهَاشًا مِنَ السُّؤَالِ وَلَمْ تُجِبْ وَلَدَهَا الْفَأرَ الصَّغِيرِ.
فَجْأَةً صَرَخَ الْفِيلُ الْعَظِيمُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ :
أَنَا الْفِيلُ الْعَظِيمُ أَقْوَى مِنَ الأَسَدِ ، وَقَدْ آنَ الأَوَانِ لاخْتِيَارِ مِلِكاً جِدِيداُ بَعْدَ أَنْ وَلَّى زَمَنُ الأَسَدِ...
لََكِنْ الأَسَدُ غَضِبَ غَضَباً شَدِيداً عِنْدَمَا سَمِعَ قَوْلَ الْفيلِ الْعَظِيمِ ، وَشَعَرَ بالإِهَانَةِ ، وَزَمْجَرَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : بَلْ أَنَا الأَقْوَى ، وَلَنْ تَجْرُؤُ أَنْتَ وَلا غَيْرُكَ عَلَى مُنَازَلَتِي وَقِتَالِي أَمَامَ جَمِيعِ الْحَيْوَانَـاتِ ، صَاحَ الْفِيلُ الْعَظِيمُ قَائِلاً : أَنَا مَنْ سَيَتَحَدَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُتَعَجْرِفُ الْهَزِيلُ ، اخْتَرْ زَمَانَاً وَمَكَاناً مُنَاسِبَيْنِ لِلْقِتَالِ وَإِنَّ غَداً لِنَاظِرِهِ قَرِيبٌ.
هُنَا سَكَتَتْ الْحَيْوَانَاتُ لِتَتَّفِقَ عَلَى تَحْديدِ مَوْعِدِ قِتَالِ الْفِيلِ وَالأَسَدِ أَمَـامَ جَمِيع ِ الْحَيْوَانَاتِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ ، وَالْفَائِزُ مِنَ الْقِتَالِ الْعَادِلِ سَيَنَالُ رُتْبَةَ مَلِكُ الْغَابَةِ بِكِلِّ جَدَارَةٍ.
الْمَكَانُ : قُرْبَ بُحَيْرَةِ الْبجَع ِ.
الزَّمَان : السَّاعَةُ الرَّابِعَةُ عَصْراً.
الْيَوْم : السَّبْتُ الْقَادِمُ.
وَمَرَّتِ الأَيَّامُ وَمَلِكُ الْغَابَةِ مَـــا زَالَ يُمَاطِلُ مَوْعِدَ الْلِقَاءِ ، بِحُجَج ٍ كَثِيرَةٍ ، فَتَارَةً انْشِغَالهُ بِأُمُورِ الْغَابَةِ ، وَتَارَةً أُخْرَى بِسَبِبِ الْمَرَضِ !! وَهَكَذَا فَمَا زَالَتْ حَيْوَانَاتُ الْغَابَةِ بانْتِظَارِ لقاء الْقُوَّتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ وَالَّذِي لَمْ يَحْدُثْ لِغَايَةِ الآنِ !!
الشَّيْءُ الْغَرِيبُ أَنَّ بَعْضَ الْحَيْوَانَاتِ أَقْسَمُوا أَنَّهُمْ رَأوا الْفِيلَ وَالأَسَدَ يَتَنَزَّهَانِ مَعاً بَعِيداً عَنِ الْغَابَةِ !! أَمَّا الْبَعْضُ الآخَرُ فَأَقْسَمُوا أَنَّهُمْ رَأوا الْفِيلَ وَالأَسَدَ يَتَزَاوَرَانِ خِلْسَةً مِنَ الْلَيْلِ ... وَلِغَايَةِ الآنِ مَا تَزَالُ الْغَابَةُ مُنْقَسِمَةً إِلى جَمَاعَتَيْنِ ، وَكِلاهُمَا يَنْتَظِرُ قِتَالَ الأَسَدِ وَالْفِيلِ ، وَلا نَدْرِي كَمْ يَطُولُ انْتِظَارُهُمَا ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
معاني المفردات :
برز : ظهر بوضوح. مندهشاً : مستغرباً.
آنَ الأوان : حان الوقت. زمجر : أطلق صوتاً مرتفعاً.
منازلتي : قتالي. المتعجرف : المتكبِّر.