يهود الخزر، وكذبة أبناء اسحق ويعقوب الكاتب والباحث احمد محمود القاسم Thursday 05-04 -2012 يهود الخزر، هم الشعوب المختلطة، الذين استوطنوا حوض نهر قزوين، في آسيا الصغرى (تركيا اليوم)، واعتنقوا الديانة اليهودية، في القرن التاسع الميلادي، حتى يكونوا بمنأى عن الصراع بين الدولة الإسلامية والبيزنطية، وينحدر من هذه الدولة، معظم اليهود (الأشكناز) أي (اليهود الغربيون)، الذين انتشروا في عموم دول أوروبة، والولايات المتحدة الأمريكية، بعد انهيار دولتهم، وإزالتها من الوجود، نتيجة للحروب في ذلك الوقت، وهؤلاء اليوم، في معظمهم، يعيشون في دولة الاحتلال الصهيونية (إسرائيل)، ويسيطرون على معظم يهود العالم.
كلمة (خزر) كلمة تركية بالأصل، تعني (التجوال والرحيل)، أي هم البدو الرحل. وهم كانوا جزءاً، من الإمبراطورية العثمانية الغربية، قبل أن تعتنق الشعوب التركية الإسلام كدين للدولة، هاجروا إلى تركيا في القرن الثاني عشر الميلادي. حصلوا على استقلالهم، وأنشئوا دولة لهم، باسم (دولة الخزر)، وكانوا يهاجمون دول المشرق، خاصة ضد الدولة البيزنطية، ووصلوا أوروبة الشرقية. هذه الشعوب، اعتنقت الديانة اليهودية، بعد اعتناق أحد ملوكها لها، فَهُمْ بذلك، لا يمًتون بأدنى صلة، لنسل اسحق ويعقوب المعروف باسم (إسرائيل)، كانت هجراتهم، تتجه من وسط آسيا إلى غربها وشرق أوروبا.
استطاع الخزر، أن يسيطروا على أراض واسعة، في حوض بحر قزوين والبحر الأسود، وطردوا شعوبها منها، وأقاموا دولة لهم قوية، وَجَدتْ لها مكانا في آسيا، وفي أجزاء من الإمبراطورية الفارسية، وابتعدت عن الهيمنة البيزنطية. بدأتْ دولة الخزر، في القرن السابع الميلادي، التفاعل مع العرب المسلمين، بشتى المجالات، والتنافس والتعاون، والتبادل الثقافي والتجاري، والحروب، والنسب والمصاهرة، حتى تحولتْ شعوبهم مع الزمن، إلى اعتناق الإسلام دينا وعقيدة وثقافة وانتماء، حيث كانوا في حالة تقارب ديني وعسكري وثقافي مع المسلمين، لكن هذه العلاقة، تبدلت، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
تَجًنب يهود الخزر، المواجهة مع العرب المسلمين في حروبهم، لإدراكهم للتفوق العربي العسكري، فتحالفوا معهم عسكريا، ضد الدول الأخرى، وهو أسلوب يهودي، استراتيجي في التفكير، وربما وجد اليهود، في التقارب الديني مع المسلمين، فرصة للتَمًيز عن الوثنيين، في معاملة المسلمين لهم، وعندما كانوا يلاحظون ضعفا أو تراجعا لدى العرب والمسلمين، فكانوا يغيرون تحالفاتهم، ويتحالفون مع الأقوى.
وقعت حروب طويلة، بين العرب والخزر، كانت نتائجها، تَصبْ لصالح العرب، فاستولوا على معظم أراضيهم، وقضوا على دولتهم، وتحول الخزر، إلى شعوب تعيش في ظل الدولة الإسلامية وكانوا يتمتعوا بقدر واسع، من الحكم الذاتي، والحريات الدينية والثقافية، وتحول معظمهم، خاصة منهم غير اليهود، إلى الإسلام. اعتنق ملك الخزر (الخاقان) الديانة اليهودية، وتبعه كثير من شعبه، في القرن السابع الميلادي، في فترة حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد، وكان الخزر، يَتَدينون بالديانات الثلاث، المسيحية والإسلامية واليهودية وكانوا يميلون إلى الديانة اليهود في معظمهم، وظلت دولتهم، تُعتبر دولة يهودية مستقلة. يهودا هاليفي الخزري في كتابه، يقول (أن ملك الخزر، تحول إلى اليهودية عام 740م، بعد رؤيا رآها). (كان المد الإسلامي في طبيعته الثقافية والعسكرية، تستحيل مقاومته)، فتحولت دولة الخزر وشعوبها، إلى جزء من الأمة الإسلامية، كما حدث مع الشعوب الأخرى. كانت دولة الخزر، تعتبر القوة الثالثة بعد الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العربية، ومع ذلك، انتهت دولتهم ووجودهم، فانتشروا في معظم دول أوروبة والولايات المتحدة. وذلك لغياب التماسك الديني والثقافي، كانت تدير الدولة، طبقة حاكمة من اليهود، مع أن هناك الكثير من المسلمين والمسيحيين والوثنيين. كانت موارد دولة الخزر تعتمد على الضرائب، ولم يكن لديها نظاما اقتصاديا إنتاجيا، ولم تكن تسيطر على الطرق والممرات والموانئ والموارد. أكثر من 80% من شعوب المسلمين بشكل عام، كانت قد تحولت إلى الإسلام، بفعل التأثير الثقافي الحضاري والتجاري للعرب كدين وثقافة.
يمثل القرن العاشر الميلادي ذروة ازدهار دولة الخزر، وفي القرن الثاني عشر الميلادي، صاروا جزءا من التاريخ. كان اقتصاد دولة الخزر، الزراعي والتعديني، يكاد يسد حاجتهم، وكانت تحصل على ضريبة من القوافل التي تمر عبر أراضيها، أهم صادراتها (الفِراء)، ولم يكن لديهم خبرة بالتجارة وبالبحر، وإن رَجًحتْ مصادر أخرى، بوجود إمكانات بحرية لهم، حتى كان بحر قزوين، يعرف ببحر الخزر، لسيطرتهم عليه. وكان لهم علاقات بموانيء البحر الأسود، وعلاقات تجارية بأوروبا وبغداد والمدن الإسلامية الأخرى، وهذا يعود إلى عهد القوة والازدهار، لدولتهم، ويرجح انتهاء دولتهم، يعود لأسباب ثقافية، وجاذبية الديانة الإسلامية، وإلى السلوك السيء والقاسي للحكام اليهود نحو أبناء شعبهم، وغيرها من الأسباب.
كانت دولة روسيا إقليما، تتبع دولة الخزر، حيث كانت تمثل ضغطا متواصلا عليهم، بسبب الحلم الروسي التاريخي، في بالهيمنة والنفاذ، إلى المياه الدافئة في الجنوب. كانت دولة الخزر تتحكم بالطرق والأقاليم المجاورة لروسيا، وبالقوافل التجارية الروسية، التي كانت تستخدم نهر الفولغا أو المناطق البرية، وكانت روسيا تحتاج إلى التفاهم والتعاون مع الخزر، وبدأت تخطط للسيطرة على الأراضي والأنهار والجبال، لتؤمن تجارتها، وتحمي أحلامها الإمبراطورية.
كان العداء، بين دولة الخزر والمسلمين، أن سمحت دولة الخزر، للقوات الروسية، بالتغلغل في أراضيها ومياهها، ومرور الأسطول الروسي، المكون من خمسمائة سفينة، عبر بحر قزوين، للإغارة على مناطق المسلمين وقوافلهم، مقابل الغنائم، وكان العرض مغريا للخزر، لكنه بعد فترة، أدى إلى سيطرة عسكرية روسية حاسمة، على دولتهم، ثم إلى غزو عسكري شامل على بلادهم، ونهب مدنهم وتدميرها، كان هذا في أواخر القرن العاشر الميلادي.
أعاد الخزر تحالفاتهم من جديد مع المسلمين، فساعدهم (الخوارزميون) في دحر الروس، ولكنهم وقعوا تحت تأثير ثقافة الإسلام، ومدًهُ الواسع، فتحولوا إلى الإسلام، وصارت الخزر إقليما إسلاميا، وكان مصير الخزر، مثل مصير المغول والتتار، الذين ظهروا فجأة، قوة عسكرية اجتاحت العالم الإسلامي، وأنشئوا دولا قوية منيعة، ثم تهاوتْ بسرعة، دون مواجهة عسكرية، وتحولت، إلى جزء من دول العالم الإسلامي.
بقيت دولة الخزر بعد القرن العاشر، حوالي مائتي عام، وبقي الكثير من مواطنيها على يهوديتهم. ظهرت في القرن الثاني عشر الميلادي، حركات يهودية، تحاول إعادة تجميع اليهود وتهجيرهم إلى الأرض الفلسطينية المقدسة، وتحقيق الرؤية اليهودية القديمة، بإقامة دولتهم المزعومة، على الأرض الفلسطينية، حسب اعتقادهم، بأنها هي الأرض التي وعدهم بها ربهم (يهوه)، لسيدنا إبراهيم ولنسله من بعده، أي نسل أبنائه (اسحق ويعقوب).
هل يهود الخزر، (كما هو واضح من السرد السابق) المهم، يمتون بصلة، لنسل اسحق ويعقوب، أولاد سيدنا إبراهيم!!!!!!!! المؤكدْ أن يهود الخزر، لم يكونوا عرقا واحدا، أو ينتمون إلى قبيلة معينة، ولكنهم عبارة تجمع سياسي وعسكري، من شعوب وقبائل مختلفة، ولا توجد أدلة على نسبهم، بأنهم يهود، لهم صلة ما، مع نسل اسحق ويعقوب، فمن المؤكد، أنهم ليسوا من نسل يعقوب بالمطلق، والمعروف أن اليهود الصهاينة، بدولة الاحتلال (إسرائيل) يعملوا جاهدين، لتهجير كل يهود العالم، إلى دولة الاحتلال الصهيونية (إسرائيل)، باعتبارهم، هم، أبناء ونسل اسحق ويعقوب، وهؤلاء الأبناء، منحهم الرب (يهوه)، من خلال والدهم (إبراهيم)، الأراضي الفلسطينية، ولنسلهم من بعدهم.
عندما وصل نبيهم (موسى) بعد خروجهم من التيه، أربعين عاما في صحراء سيناء، إلى جنوب فلسطين، وطلب منهم دخول الأراضي الفلسطينية، التي وعدهم ربهم (يهوه) بدخولها، فعصواْ نبيهم وربهم، وقالوا لهلا، لا نستطيع دخولها، فإن فيها قوما جبارين، فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون).
انتشار اليهود الصهاينة، في دول أوروبة والولايات المتحدة، بعد انهيار دولتهم (دولة الخزر)، فَتحَ المجال، للحركات والتنظيمات اليهودية، لتطوير التواصل اليهودي عبر العالم، لأجل تجميع أنفسهم في الأراضي الفلسطينية، وإنشاء كيان لهم بديل، عن دولة الخزر، التي جمعتهم وعاشوا فيها، بزعامة يهودية، لكنها تلاشتْ عبر التاريخ، وعلى ضوء ذلك، تََشتًتَ اليهود، وانتشروا في كافة دول العالم.
جاء صعود دولة السلاجقة، في القرن الحادي عشر الميلادي، ثم الدولة التركية العثمانية التي هي امتداد لها، وقد دخلت هذه الدولة في حرب مع دولة الخزر، التي كانت دولتهم، مازالتْ قائمة، على ضفاف نهر الفولغا، وفي أنحاء من بحر قزوين.
لكن يهود الخزر، تحولوا سريعا، إلى جزء من الدولة السلجوقية والتركية لاحقا، وانتشروا واستوطنوا، دولاً مثل المجر وهنغاريا وبولندا، وأنحاء واسعة من أوروبا الشرقية ووسطها، مستفيدين من التوسع التركي العثماني.
شعوب الخزر، لم يكونوا عرقا واحدا، أو ينتمون إلى قبيلة واحدة، (كما ذكر سابقا)، بل كانوا عبارة عن تجمع سياسي وعسكري، من الشعوب والقبائل المختلفة، والديانة اليهودية، هي التي كانت تجمع بين قادتهم وحكامهم، والنخبه الحاكمة، فيهود الخزر، ينتمون إلى أعراق وشعوب وقبائل متعددة.
يغلب على الدراسات التاريخية، أن تُعزي يهود (الأشكناز) إلى يهود الخزر، ولكن قد يكون أيضا الكثير من اليهود الأشكناز، من الأوروبيين الأصليين، وليس فقط من يهود دولة الخزر، فالمعلومات والمصادر التاريخية المتوفرة، لا تكفي لتأكيد حصر انتساب اليهود الأشكناز إلى يهود الخزر، ولكن المؤكد أنهم ليسوا من نسل بني إسرائيل، أي ليسوا أبناء ونسل اسحق ويعقوب، كما يدعون، فيهود دولة الاحتلال، في معظمهم، بنتسبون في أصلهم وفصلهم إلى يهود الخزر. وهؤلاء، أمهاتهن لسْنَ بيهوديات، على أساس التعريف الذي يقول، بأن اليهودي، هو من كانت أمه يهودية، فإذا كان ربهم (يهوه) يقول لهم، بأن الأراضي الفلسطينية، قد منحها لسيدنا إبراهيم ولأبنائه ونسلهم من بعده، بهذا يكون، يهود الخزر ونسلهم و أنسابهم، ليسوا هم، الذين ينطبق عليهم الوعد الإلهي، وهذا هو مربط الفرس.
ملاحظة: تم الاستعانة بعرض د. إبراهيم غرايبة، دراسة لكتاب تاريخ يهود الخزر، من تأليف د. م.دنلوب،
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=25846