شهب البرشاويات تغزو سماء الأرض هذه الأيام
المهندس أمجد قاسم *
مدونة آفاق علمية http://amjad68.jeeran.com
تعد شهب البرشاويات أحد أهم الظواهر السماوية التي تشهدها سماء الكرة الأرضية سنويا، خلال الفترة من 17 تموز ولغاية 24 آب من كل عام، والتي تنجم عن مرور الكرة الأرضية في كل عام من نفس المنطقة التي مر فيها المذنب سويفت تتل وخلف كميات هائلة من الغبار والأجسام الدقيقة، وهذا المذنب يتم دورته حول الشمس كل 130 سنة، وكان آخر مرة زار بها الشمس في عام 1992.
وتعرف الشهب بأنها عبارة عن حبيبات التراب التي تدخل الغلاف الجوي للأرض بسرعة من 11 إلى 72 كم / ث، ويبلغ قطر تلك الحبيبات من 1 ملم إلى 2 سم، ولدى اختراقها للغلاف الجوي للأرض، تحترق وتنصهر وينتج عن ذلك ضوء ساطع لحظي وخيط طويل من الدخان، ويمكن رؤية الشهاب عندما يكون على ارتفاع 100 كم تقريبا عن سطح الأرض.
ويتفاوت عدد الشهب التي تخترق الغلاف الجوي للأرض يوميا، لكن يبلغ عددها في المتوسط مائة مليون، وغالبية تلك الشهب لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، كذلك يتفاوت لون الضوء الناجم عن تلك الشهب، فإذا كان يغلب على تركيب ذرات الغبار عنصر الصوديوم، فإن الشهاب يصبح لونه برتقالي مصفر، أما إذا احتوئه على المغنيسيوم، فإن اللون الناتج يكون الأزرق المخضر، أما عند احتواء ذرات الغبار على نسبة كبيرة من الحديد، فإن لون الشهاب يكون أصفر، أما ذرات السيلكون فيكون لونها عند الاحتراق احمر، وذرات الكالسيوم تعطي اللون البنفسجي عند احتراقها.
هذه الشهب والتي تتكون أساسا من الغبار والتراب، تحترق ذراتها بالكامل في الغلاف الجوي، أما عندما تكون أحجامها اكبر، وهي في هذه الحالة تكون هائمة في الفضاء ومن مخلفات الانفجار العظيم أو أنها انفصلت من بعض المذنبات على شكل صخور أو تشكلت بسبب تصادم بعض الأجرام السماوية الكبيرة أو فلتت من حزام الكويكبات، فإن بعض أجزائها تصل إلى سطح الأرض ولا تحترق، وفي هذه الحالة يطلق عليها اسم نيزك، والتي قد تخلف أضرارا على سطح الأرض وفوهات متفاوتة الأحجام.
مذنبات وشهب
يحتوي الفضاء الخارجي على أعداد هائلة من الأجرام السماوية الصغيرة السابحة في الفضاء والتي تتراوح أقطارها من 5 إلى 25 كم وتتخذ لنفسها مدارات بيضاوية حول الشمس.
هذه الأجرام السماوية يطلق عليها اسم المذنبات، وتتفاوت مدة دورانها حول الشمس، من بضعة سنوات إلى عدة ألاف من السنين، ولدى اقتراب تلك المذنبات من الشمس، وارتفاع درجة حرارتها، فإن قسما من غلافها الخارجي يتبخر، والذي يحتوي على الماء المتجمد وحبيبات التراب، مما يؤدي إلى نشوء ذيل طويل من تلك المواد خلفها، وتكون سحابة من الذرات والدقائق الصغيرة التي تغطي مساحة شاسعة في الفضاء الخارجي، وإذا صادف مرور الأرض من خلال تلك السحابة، تنجذب تلك الدقائق الصغيرة نحو الأرض وتخترق الغلاف الجوي، وتنصهر بسبب احتكاكها بذرات الهواء، مما يؤدي إلى توليد ضوء ساطع لحظي في السماء يعرف بالشهاب.
هذه الشهب، تقسم إلى مجموعتين رئيسيتين، الشهب المفردة وهي التي نراها في السماء في بعض الليالي وبشكل مبعثر، أما القسم الثاني، فتسمى بزخات الشهب، وهي ناتجة عن مرور الأرض داخل مخلفات أحد المذنبات تم ذكره سابقا.
لقد أطلق القدماء على الشهب المتكونة حاليا اسم البروشاويات بسبب وجود نقطة الإشعاع بين نجوم مجموعة برشاوس، وقد أطلق العرب عليها اسم حامل رأس الغول، وتلك المجموعة النجمية هي عبارة عن تجمع لعدد كبير من النجوم، وقد تكرر سقوط تلك الشهب، شهب البرشاويات، على الأرض منذ القدم، وأصبح معروفا أن تلك الشهب تغزو كوكب الأرض وتنير سمائنا خلال الفترة من 17 يوليو (تموز) إلى 24 أغسطس ( آب ) من كل عام.