حظ يفلق الصخر
عندما خرج من دورة المياه في صباح باكر من أيام كانون الثاني/يناير، لاحظ أن المدفئة النفطية التي أشعلتها زوجته لأطفالها النيام، وذهبت لتعد لهم طعام الإفطار قبل إيقاظهم، قد ارتفع لهيبها وتصاعد الدخان منها واقترب تهديدها ليلتهم الفراش الذي ينام تحته أطفاله، فلم يكن أمامه إلا أن يحملها ويرميها بقدر ما استطاع في الممر الذي يواجه باب غرفة أطفاله.
في تلك الأثناء هُرعت زوجته من المطبخ، وكانت ترتدي ملابس نوم (نايلون) فارتطمت المدفئة بها والتهمتها النيران. سارع الى لفها بأحد أغطية منام أطفاله، ولكن بعد أن نالت النار من بعض أطراف جسدها.
حملها في الصباح الباكر الى مستشفى في مدينة (إربد) وفي طريقه هناك، كانت إشارة ضوئية على تقاطع (حوارة) وكون الطرق خالية في الصباح الباكر، ومدى الرؤية يكشف له الطرق من أربع اتجاهات، شجعه ذلك لقطع الإشارة الحمراء. ولم ينتبه أن وراءه سيارة (فولكس فاجن) يقودها رائد بالشرطة ذاهب الى دوامه فاستوقفه بعد الإشارة وحرر له مخالفة ب (53) دينار!
تساقطت الثلوج، فركب سيارته لإحضار أخته التي كانت تقيم بالزرقاء، لكي تعتني بأطفاله الذين يحتاجون لعناية أمهم النازلة في المستشفى. وأثناء عودته من منطقة (الضليل) انهمرت أمطار غزيرة، انطفأ محرك السيارة التي يقودها بفعل (طرشقة) الماء.
أحب أحد سائقي سيارات الشحن الذاهبين الى العراق أن يقدم له خدمة فعرض عليه أن يسحبه لينقله خارج المخاضة المائية، لكن سائق الشاحنة نسي أنه يسحب وراءه شيئا، فلم ينتبه إلا قبل الحدود العراقية بأربعين كيلومتر، عندما استوقفته نقطة تفتيش.
كان أطفاله يعوضون غياب أمهم ب (عنزة شامية) كانت على وشك الولادة. في منتصف تلك الليلة أراد أن يتفقد حال العنزة، فوجدها ميتة. حاول أن يخفيها، فسحبها فوق الثلج المتراكم بعيدا عن منزله الذي يقع جنوب مدينة (الرمثا)، وفك الحبل الذي ربط العنزة به، فوجد حمارا واقفا هناك، فخطر على باله أن يركب الحمار ويعود لبيته. وعندما امتطاه وقع الحمار به (وكان ميتا) فواجهته صعوبة بالغة في إخراج ساقه من تحت الحمار.
كان يعمل سائقا لسيارة نصف شاحنة لنقل الأعلاف، وكانت سرعة قيادته لا تزيد عن 50كم في أحسن الأحوال، ومع ذلك ارتطمت سيارته بسيارة صغيرة بها خمس ركاب، فماتوا جميعا، عدا واحدة من النساء شهدت بعد أن قامت من غيبوبتها التي استمرت 4 شهور أن من كان يقود سيارتهم مات فجأة فارتطم بسيارة العلف!
أما صاحبنا فقد ذاكرته، وبعد أن استعادها روى لنا ما رويته لكم.