مكابدات على شاطئ غزة
الشاعر عبد الكريم عبد الرحيم
قمرٌ غزَّةُ لا كانتْ دموعٌ
تعقدُ الحزنَ بعينيكِ وقارا
كنتِ حربي، وأبو جهلٍ حفيدُ
العارِ يزدادُ على المعبرِ عارا
ملّنا القيدُ . . فلا كانت عبيدٌ
في عباءات عداها تتوارى
تولمُ القاتلَ لا يندى جبينٌ
ودما الأطفالِ تستصرخ ثارا
واحذري الفتنةَ ماتتْ ثمَّ ماتتْ
إنما المرجفُ يزكيها أُوارا
كم هُزمْنا وحزيرانُ على المشهدِ
حتّى . . عافَنا الذلُّ انكسارا
ضاقتِ الأرضُ، فأشعلتِ رجالاً
وهوى المعبرُ سجناً وجدارا
ومشى النيلُ حبيباً شفّهُ الوجْــــــ
ــــدُ، يغذُّ الماءَ شوقاً واصطبارا
وأبو الهولِ، ولو كان من الصخْـــــ
ـــرِ، مشى يلقى فلسطينَ وزارا
أنتِ يا غزةُ كفّارةُ مَنْ هانَ
ولمْ يسقِ دمَ الصبح الصحارى
أوقفي قافلةَ الموتِ، هبيني
"سورة الفتحِ" فقدْ ضقتُ انتظارا
أمطري الحبَّ فلا المشهدُ يبقى
أ مطري . . نُسقطْ بأيدينا الحصارا
* * * * * * * * * *
قمرٌ غزةُ . . والحربُ دمائي
عانقينا يزهرِ القادمُ غارا
كيفَ ضمَّدتِ جراحاً، باخضرارِ
الأرضِ فيها، وتجمَّعْتِ ديارا؟
لشهيدٍ وأسير ٍبنقاء الـــــــــــ
ـــروحِ وسَّدْتِ مصابيحَ ونارا
و شريدٍ ضمَّهُ مرجُ زهورٍ
بدمٍ خطَّ فلسطينَ خيارا
إنهم قافلةُ الصبحِ، فمَنْ يوقدُ
قلبي حينما عادوا كبارا
من بني هاشمَ روّادُ حياة
صمتَ الموتُ، فشالوهُ إزارا
جسد الشمس صباحٌ عربيٌّ
قدرٌ هزَّ الكيان المستعارا
يقرأ التاريخ أحلامَ رجالٍ
جعلوا الأرضَ أمانيِّاً وثارا
وبدوْا في موكب العودةِ شعباً
شامخَ الدمِّ صهيلاً مستثارا
ليسَ في الأخدودِ ما راموا ولكنْ
قلَّبتْهُمْ مقلُ النورِ العذارى
ودنتْ غزَّةُ أمّاً وبكى الـــــــ
ــــرملُ على شاطئها الأهلَ ومارا
فَعَلَتْ هاماتُنا بالرجلِ الأمـّـــ
ــةِ حتى دمعنا صار انتصارا
ورفعناه شهيداً ، كيف نؤويه
قلوباً؟ وهوَ يؤوينا مزارا
اقرئي "يسين" ما كنتِ ذلولاً
وهجَ الحربِ وما كنتِ غبارا
علّمينا أنَّ في كفيكِ – مازال -
حجاراً . . وبعينيكِ منارا
ليسَ في التوراةِ ما يوقدُ شمساً
إنَّ في قبضةِ موتانا النهارا
صحف الحقِّ وعشّاقٌ . .قناديلُ
كأنَّ النور سوَّاها ديارا
من فلسطينَ نشرنا الحبَّ أشعاراً
وباركنا على الحبِّ المسارا
* * * * * * * * *
قمرٌ غزةُ . . لا أبكي . .ولكنْ
غضب القسّام في عينيَّ ثارا
من ركامٍ أطلعتكِ النارُ شمساً
ثمَّ أُعْليتِ شهيداً، وترجّلْتِ حضارةْ
أوقفتْني فتيةٌ تقرأ في ماءِ
المعاني ما حسبناه انكسارا!
تبتدي من جمل الغارِ التهجي
وتصوغ الفجرَ من صبرٍ دثارا