عام 1195 للميـلاد ... المسلمون بقيـادة سلطان الموحديـن أبـو يوسـف يعقـوب المنصـور ... يسحقون تحالـف القـوى النصرانيـة بقيـادة ملك قشتـالة ألفـونسو الثامـن ... و ذلك بالقـرب من مدينـة ثويداد ريـال الإسبانية ... في معركـة الأرك التاريخية .. و التي يلقبها المؤرخون الغربيون بكارثـة الأرك ..
كان للسلطان أبو يوسف مقري إقامة ... حيث كان يقيم في إشبيلية الأندلسية ليرتب أمور الأندلس .. و في مراكش المغربية ليرتب أمور المغرب ... و بينما كان السلطان في تدبير شؤون المغرب ... اجتاح ألفونسو الثامن بجيشه أراضي الأندلس الجنوبية و عاث فيها فساداً و تخريباً و أرسل يتوعد السلطان بالعبور إليه في المغرب ... فأمسك السلطان أبو يوسف كتاب ألفونسو و كتب على ظهره الآية الكريمة :
( إرجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) .. و كتب له (الجواب ما ترى لا ما تسمع)
أعلن السلطان أبو يوسف الجهاد و أرسل يحشد في كل أنحاء المغرب ... و استنفر الناس من كل الأقطار تلبية لدعوته و أذاع استفزاز ألفونسو للمسلمين ليلهب في صدوره الحمية للإسلام .. حتى اجتمع إليه جيش عظيم .. جاز به البحر و عبر إلى إشبيلية و نزل فيها ليرتب أمور الحرب و يعد العدة لمواجهة الجيش الصليبي ..
اتجه الجيشان للقاء حيث استقر بهما الأمر قرب حصن الأرك ...
و في مثل هذا اليوم تماماً من سنة 1195 .. الموافق للخامس من شعبان 591 للهجرة ... التحم الجيشان في معركة مهولة .. مالت كفتها للمسلمين أخيراً .. و سحق الجيش القشتالي بالكامل .. حيث يقول ابن خلدون أن عدد القتلى القشتاليين بلغ ثلاثين ألفاً ... و نجا ألفونسو بأعجوبة ... يقول المقري في نفح الطيب : " و نجا ألفنش (ألفونسو) ملك النصارى إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه و لحيته، و نكس صليبه، و آلى أن لا ينام على فراش، و لا يقرب النساء، و لا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذ بالثأر " .. ( و قد فعل ذلك حقاً حين انتصر على المسلمين في معركة العقاب الكارثية بعد 17 عاماً .. تابع قصتها في التعليق الأول ) ...
افتتح المسلمون بعد النصر حصن الأرك و تساقطت عدة مدن بأيديهم حتى حاصر أبو يوسف طليلطة عاصمة القشتاليين و كادت أن تسقط بيده إلا أنه رفع الحصار و وافق على طلب الهدنة من ألفونسو و عاد إلى المغرب ليلقب بالمنصـور بالله