بسم الله الرحمن الرحيم
من مصائب ( الواتز )
التي ضاع فيها الجهلاء وبعض العلماء:
واو الثمانية
وهواياتهم في الإضافات على القرآن الكريم
كتبها: فيصل الملوحي
اولا: عندما نتكلم عن إعجاز قرآنيّ، فنحن نعني أنه أتى بتعبير حكيم أو استخدم لفظا في مكانه المتميّز أو نعمنا بتصوير بياني متميّز..
أمّا أن يتّبع سنن العرب الذين نزل بلغتهم فليس من الإعجاز القرآني. فلو قبلنا بقاعدة ( واو الثمانية ) التي قال عنها بعضهم إنها قاعدة عربية، فليس في الأمر إعجاز، وإنّما بهرونا بها لأن الناس لا يعرفونها، أو إذا صدّقنا قاعدتهم فهم وحدهم الذين عرفوهاّ!
مع الأسف هذا الأسلوب الذي لا يخدم القرآن الكريم يتبعه فريقان:
- فريق يأخذ بكل كلمة دون أن يفهم أعماقها،
- وفريق يريد أن يبهر الناس بما ينسبه إلى نفسه، كما يفعل من يستغل التفسير الإشاريّ ويقول : ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان ( ليلة القدر ظ© أحرف تكررتغ³ مرات. ظ©ثںغ³ = غ²غ· ).
ثانيا: نعم ورد هذا الرأي في القرن الرابع الهحري، أي أن قاعدة لغوية ( لا بلاغية ولا علمية ) ظهرت دون أن يفطن إليها أحد من أئمة اللغة، لا تتسرع وتقول إني أنكر أن يفطن المتأخرون إلى قاعدة لغوية لم يكتشفها السابقون، إنما المقصود أن أكثر أئمة اللغة المتأخرين أنكروها، ولم يقولوا بها، بل وحهوا لكل مثال عن ( واو الثمانية) ما يلائمه من تفسير نحوي أو بلاغي. بل أقول: هل من المعقول أن يجهل علماء اللغة السابقون أن العرب تعدّ السبعة تمام العدد، فيفصلون الثمانية يعدها بالواو، إنه قول لا بد أن يكون معروفا للصغار والكبار.
ثالثا: الأمثلة التي ذكروها:
غ± - ( الآية الخامسة من سورة التحريم : {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}
وسبب دخول الواو على الصفة الثامنة وهي : ( أبكارا ) لأن المرأة إما أن تكون بكرا أو ثيبا ولا يمكن أن تجمع بين الصفتين، والواو هنا للمغايرة بين الصفتين .
قول الله تعالى في سورة التوبة :
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَغ التوبةغ±غ±غ²}
كانت الصفات تتوالى، فلما وصلنا إلى كلمة ( ناهون ) المغايرة لـ( الآمرون )، كانت إضافة الواو، لا لأنها ( واو الثمانية ).
غ²} وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ غالزمر غ·غ±
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَغالزمر غ·غ³
لا يشير نصّا الآيتين إلى عدد أبواب الجنة و لا أبواب النار، وقد علم من قال بهذا الرأي من الحديث الشريف أن أبواب النار سبعة وأن أبواب الجنة ثمانية. إذن لم نعدد من واحد إلى سبعة أو ثمانية لنقول نحن مع قاعدة لغوية..
عُني اللغويون بالبحث عن جواب الشرط، فإن لم يجدوا اختلّ التركيب،وصار ( حاش لله ) خطأ لغويا إذا كانت ( واو الثمانية ). بل قالوا تخلّصا من هذا وابتعادا عن الهلاك بسوء الظن بالقرآن الكريم إنها زائدة ( وا لأدب مع القرآن الكريم أن نقول: صلة ).
مثل هذا : ربّنا و لك الحمد، فـ(الواو) صلة ولا مجال لعدها ( واو الثمانية ).
غ³ - سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًاغغ²غ²
ربما تردد بين المناصرين لـ( واو الثمانية )، الاستدلال بهذه الآية المفردة ولا أقول هنا خطأ أو صواب، بسبب أننا في حيرة من أمرنا، لكن دليلا واحدا – إن صحّ – لا يكفينا للوصول إلى قاعدة. فالقواعد اللغوية تستخرج من توالي تطبيقات العرب لها.
كما أنّ ابن القيّم رحمه الله عقد فصلا ممتعا يبيّن فيه فساد هذا القول ( واو الثمانية في القرآن الكريم ).
والله أعلم.