يا ليتنا نقترب من عالم الملائكة في شهر رمضان
الله عز وجل أنزل القرآن في شهر رمضان ونزل القرآن في ليلة القدر .. ومعلوم انه صلى الله عليه وسلم كان يتعبد او الاصدق يتحنث في غار حراء وهو لم ينزل الوحي عليه الا من بعد...
ما كملت نفسه وقويت روحه والا فكيف يقابل العالم الجسماني العالم الروحاني ولا مناسبة بينهما فلا زالت نفسه تصفو وعقله يرتقي حتى ناسب عالم الملائكة فأبتدأ بنزول القرآن ....وعالم الملائكة ليس ببعيد عنا فهو كعالم الهواء بل هو ألطف فيكون ألزم عالم من النور ..ولكننا محجوبون عنه كما حجب الجهال عن علم العلماء وحجبت الطيور والأنعام عن علم الإنسان وذلك لعدم المناسبة والمشاكلة ...
مما يعني ان العلم بلا قيمة بلا العمل.. فعالم الملائكة لا يتسنى له ان يلقننا الإلهام الجميل الا عند صفاء نفوسنا او يقترب من ذواتنا الا عندما ترتقي الذات
...واي صفاء الطف من صفاء شهر رمضان فتستعد النفس للفيض من العلم والاخلاق الجميلة كما يفاض الري من الماء... ومن خواص
ليلة القدر انها في الليل وقت التجلي والبركات .. فتكون لليلة للهداية واستيقاظ النفس
فهي ساعة قدرنا الجديدة ليقترب من عالم الحكمة...
ربما اعتقدنا فقط انها ليلة القدر لمطالب الدنيا الجسدية وما ينقص من احوالنا المادية
وغاب عنا اننا في ليالي تحمل نور الحكمة ونور الامتداد وتخرجنا من طينة التثاقل
ومن تراب تماسك نحو الغرائز او من لحم ودم يتغير كالمواسم ..
هل حقا نحس أننا ننتظر ليالي روحانية تخرجنا من ضغط وهموم العيش مهما تزينت لنا دنيانا... عروسنا التي تتقن كيف تكسب مهرها في كل يوم ...
هل حقا نحس بأننا أشخاص نبحث عن النور في عتمة الطريق ومشاغلها الكثيرة
هل نجلس في ليالي النور الرمضانية مع الذات الباحثة عن حكمة وجودها والمتاملة
لطريقها على جسر العبور والمصممة ان ترى عالم جديد تحس بقربه عالم الملائكة
بطريقة روحانية وليس جسدية فالنور العادي مجرد وجوده بقربك يجعلك تشعر بالحرارة والدفء ويسري الدم في عروقك .. فكيف بوجود ملائكي في ليلة نورانية
بقربك فما هو شعورك هل سياتي اليوم لنصفو قليلا ..فكم مضى من أعمارنا ونحن مع
الجسد طوال العام فهل ليالي رمضان ستخفف من شوائبنا وتزيل كوادرنا وتجلو همومنا وتخرجنا من ظلمات الطين ... شيء ليس بالسهل العمل به بقدر ما هو سهل ان اكتب واصف لإن الروحانية ربما بعيدة عنا لقلة ممارستنا لها مقابل قدرة على الغوص في عالم المادة فلقد اصبحنا من ذوي التماسك الطيني ..واصبحت ذراتنا اقل
في مداراتها وافلاكها او بنفس العدد .. او ان الكترون ذراتنا يعيش بنفس المدار كل يوم .. فمتى نرى اننا نقترب من عالم النور ..نعم هناك سر في رمضان ليس كله للطعام وصيام الجوارح بقدر ما هو صيام لغرائز الطين وصيام لهوى من نسبه سلالة من طين .. بل هو صيام واعتكاف لجموح ذاوتنا الامارة بالسوء وذواتنا غير المطمئنة
لإننا نحتاج للبقاء نوع من الصفاء لا يعرفه الجسد فلقد اقفل طوال العام كل البوابات فجاء شهر يذكرنا بمفاتيح بواباتنا المقفلة ...
بل تجعل قلوبنا منكسرة وأبداننا فقيرة لإن النفس عندما تصفو تسرح وتجول فيجوع
الجسد ويفتقر وينكسر ولكن الذات ترتقي بذبذبات نحو النور لإنها يوما ما كانت تعيش هذا الواقع عندما تعرف ان ابيها آدم مسكنه الاول جنة عدن حيث لا لغوولا نصب
حيث ان القرآن قال طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .. فحالة الشقاء تستنسخ بجمال
ومعاني وبيان القرآن ومن هنا كان شهر رمضان لمحو شقاء النفوس الى مرحلة شفاء وسعادة في جسر النور والعبور عند لحظات لا يصفها او يحددها الادارك البشري المحصور في الطين ...
فيا ليتنا نقترب من حقيقتنا الغائبة طوال العام في رحلة الشهر القادم علينا ونرحم
أنفسنا هذه من امنياتي لنفسي وللعالمين ...
وربما مر علي دعاء او مناجاة لمؤلف .. جعلتني اكثر تأملا :
يا الله اريتنا جمالك ورحمتك يا قدوس يا سلام اريتنا كيف شملت رحمتك المخلوقات صغار الحيوانات ولم نر عندك فارقا بين الأجنة في بطون امهاتهم من حيث شمولها بالرحمة واالطف وصغار السمك والحشرات فمنحت كلا ما يحفظ عليه حياته ويسعده في مستقره ومستودعه بلطف خفي وتدبير قوي ورحمة واسعة عامة الفيض على المخلوقات ...
الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة