نعت الأوساط الثقافية والفنية العراقية عاشق بغداد ومؤسس عمارتها، محمد مكية، حيث توفي في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن، عن عمر ناهز الـ101 عام، مخلفاً وراءه إرثاً فنياً وثقافياً كبيراً وضع من خلاله بصمته على بغداد الحديثة.ولد مكيّة في بغداد عام 1914، وأكمل فيها دراسته الأولية، ثم درس الهندسة المعمارية في جامعة ليفربول في بريطانيا. ونال درجة البكالوريوس عام 1941، وحصل على الدبلوم في التصميم المدني من الجامعة نفسها. أما الدكتوراه فقد حصل عليها عام 1946 من كلية كينغز جامعة كمبردج في بريطانيا، وكان موضوع أطروحته "تأثير المناخ في تطور العمارة في منطقة البحر المتوسط".وأسس مكية مع معماريين عراقيين أول قسم معماري في العراق في كلية الهندسة – جامعة بغداد، وأصبح رئيساً لهذا القسم منذ تأسيسه في العام 1959 و لغاية 1969.ومن أبرز تصاميمه، ما عدا تلك التي أنجزها في بغداد، والتي يقف في المقدمة منها "جامع الخلفاء"، وبيت رئيس الوزراء فاضل الجمالي، فثمة تصاميم عربية وعالمية أخرى، بينها بوابة مدينة عيسى في البحرين، والمسجد الكبير في الكويت، وجامع قابوس في عمان، ومسجد الصديق في الدوحة، ومقر الجامعة العربية في تونس، وجامع تكساس في أمريكا، وجامع روما في إيطاليا، وغيرها.ولمناسبة الاحتفال ببلوغه الـ100 عام، تم تكريمه من قبل ملكة بريطانيا إليزابيث بوسام التميز في فبراير 2014، حيث تم تسليمه الجائزة من قبل تشريفات القصر الملكي البريطاني باكنغهام برسالة خاصة بعثتها الملكة.ولاتزال وصية المعماري الراحل محفوظة في أرشيف بغداد وفي قلوب الجيل الجديد من معماريها، حيث قال في الرسالة التي بعثها إلى المحتفلين في بغداد بمرور عام على ولادته "أوصيكم ببغداد، المدن تمتلك روحها، وهي روح يمكن تلمّسها، شمها، الشعور بها، بكل مكان، بغداد عزيزة وغالية، وعندما غادرناها مضطرين قبل عشرات من السنوات عرفنا أن شيئاً من ذواتنا علق هناك على ضفاف دجلة، في الأزقة، والمقاهي، والشناشيل، والساحات".وبرحيل مكيّة تكون بغداد قد ودعت آخر شهود قيام دولتها الحديثة بعد الفترة العثمانية.
منقول-مجلة فكر