إخوتي وأخواتي المؤمنين المقدمين على القرب أكثر من الله في رمضان
فكيف نستقبل هذا الشهر ؟.
رمضان قرين القرآن والصيام والقيام والصدقة والإحسان والتوبة ، فلننظر إلى تعاملنا فيه مع
القرآن الكريم .!!
يتبارى بعض الناس في عدد مرات تلاوة القرآن الكريم وختمه في هذا الشهر الفضيل ،
ثم تجد المصاحف الشريفة بقية العام ، في منازلهم أو مكاتبهم ، يعلوها التراب ،
أو حتى وضع فوقها كتبا أخرى فأخفتها ،( والقرآن الكريم لايعلو عليه شيء )وربما لاتمتد إليها الأيدي أو ترفعها الأرواح إلى الأعين
للتأمل في آياتها الكريمة ، ومواعظها الجليلة ، إلا عند
أوقات الشدة والضيق والمصائب والابتلاء بالموت أو المرض .
فتسمع أحدهم يقول بعد رمضان :
( الحمد لله لقد وفقت في ختم القرآن ثلاث مرات )
وآخر يرد عليه: (وأنا بفضل الله قرأته خمس مرات ) !!
بيما إحدي السيدات تقول :
شغلني تجهيز مائدة الإفطار طوال رمضان لأنني ليس لي بنات ،
ولكن والحمد الله قرأته مرة واحدة في الشهر أثناء صلاة زوجي التروايح بالمسجد
وعندما يعود ، يصلي بي العشاء وأصلي أنا القيام بمفردي.
هذه نماذج من حياتنا .
هل قال أحد منهم: لقد تأملت آيات سورة كذا من القرآن الكريم ؟
، وتعلمت منها كذا من الأخلاق ، أو الأحكام ، أو المعاملات ؟!!
هل تأمل أحدنا القصص القرآني العظيم وما يهدف إليه من مواعظ وعبر للإنسان.؟
المهم يا أحبابي في تلاوة القرآن الكريم ومحبته؛
أن نتلوه بتدبر وتأنٍ وتفكر ،( لا قراءة رواية أو قصيدة شعر ) وننظر إلى آيات التبشير وآيات النذير ،والوعيد ، وأوامره ونواهيه ،
ولماذا نزلت تلك الآية مثلا ؟،
وما الموقف الذي نزلت فيه ؟،
وأن تخشع قلوبنا مع نطق كل حرف من كلام المولى جل وعلا ،
فنرى أرواحنا تهتز فرحا ورغبة بذكر آيات الجنة ، وما فيها من نعيم ،
وتذرف أعيننا دمعا حين نسمع عن عذاب الله وبطشه ولهيب ناره ، وزفيرها
وهي تقول ( هل من مزيد ) ؟
المهم أن نتأمل الكون وقدرة الله على إبداعه وخلقه من العدم أو لا شيء !!
السماء بلا عمد ،
والأرض الممتدة المكورة كالدحية ( البيضة )
(والأرض بعد ذلك دحاها ، أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها )
نتأمل العوالم الأخرى غير عالم البشر
فكلها ( أمم أمثالكم ) في البحار والمحيطات ، تسبح بحمد الله
حتى الرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته
و الطيور والحيوانات ، والحشرات والنباتات ، في الهضاب والتلال والجبال والغابات ........... إلخ
( ما فرطنا في الكتاب من شيء )
سبحان الله .
قد تأخذني آية واحدة في الأحكام
( كآية كتابة الدَّيْن في سورة البقرة )
( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه .......الآية)282
فأتفكر كيف يحفظ الله حقوق البشر في تعاملاتهم ؟
وكيف يدعونا إلى التعليم ومعرفة الكتابة ؟، وإلى الشهادة بالعدل ، وحفظ الأمانات ، وكيفية استردادها ؟.
فأقضي ليلة كاملة في البحث والتنقيب وأستعيدها مرات لأحفظها وأتعامل بها.
المهم أخواتي وإخوتي الكرام أن نظل دائما مع القرآن ، في رمضان وفي غير رمضان !!
كان الصحابة رضوان الله عليهم ينتظرون رمضان ستة أشهر
ويودعونه بخمسة أشهر راجين لقاء الله فيه للعبادة والطاعة وفعل الخيرات لنيل ثوابه الجزيل
فالقرآن الكريم دستور حياتنا ، وربيع قلوبنا ، ونور أبصارنا ، وجلاء همومنا وغمومنا ، ومفرج كروبنا ،ودليلنا على الصراط يوم القيامة .
لاتهجروا القرآن بعد رمضان !!،
وتأملوا في آياته وتعلموا منها ما يرقى بكم وينفعكم في دنياكم وأخراكم ،
إن حفظه ينير القلب في الدنيا بالهداية الربانية والمعرفة البلاغية بأفضل لغة تعرفها البرية ؛اللغة العربية الفصحى
لغةُ إلهِ السماوات والأرض ، التي تكلَّمَ بها وتَكفَّلَ بحفظِها .
وهو ينير القبر عند الموت، ويهدي صاحبه إلى البر، ويوصل إلى التقوى ،وهذا غاية إيمان المؤمن.
العملية ليست مباراة في القراءة ، وعدد مرات ختمه ، يكفي مرة واحدة بتأمل
فقد تكون أفضل من عشر مرات بلا تدبر وتفكر ، واعتبار وموعظة .
وفقنا الله إلى معرفة كتابه ، وحسن تلاوته ، والعمل بما فيه.
كل عام أنتم بألف خير وبلغنا الله رمضان في كل الأمة الإسلامية وقد عرفت ربها
واستعادت حقها من أعدائها وعاشت في سلام وأمن ومحبة ورخاء.
وفقكم الله