أمّي التي تشبه كل الأمّهات..
عدنان كنفاني
تراتيل سحرٍ رسمت ألوانها على وجنتيّ، فعلّمتني كيف أستنبت ابتسامة من قاع ألم.
أحبكِ.. ويوم افترقنا، غاب عني من يحبني على وساعة هذا العالم.
... أحبكِ.. فأنت المحيط، كم غيّب تحت سكونه جنون مداراتي، وكم ضخّ في رئتيّ أكسير الحياة كلما شارفتُ على الاختناق.. وكم مخر مركبي عبابه، وأوصلني الشراع إلى شواطئ الأمان.
كنتُ.. ألاقيك في النور كلما أطلّ فجر، يدك تمسكني في وسط الأنفاق فأخرج على متنها إلى قدري.
أحبك.. ثدياً ما زال طعم حبيبات الحليب يعصر شوقي، وأصابعك الراجفة على بريق شقوتي تهدهد التعب عني، وبرائق فرحك تستقبل نجاحاتي الصغيرة.
ثم.. غاب عني من يحبني، فضيّعتني متاهات الحياة.!
بحثت.. بحثت، فلم أجدك إلا في سكون رخامة
كيف تجرأتْ وأطبقت عليك.؟
أحبكِ.. وأرى وجهك في وجوه من يودعن في كل يوم توائم أثدائهن، وأقف صغيراً.. صغيراً جداً أمام هرم شامخ على قمّته كلمة أمّ..
وهي تنزف حزناً، تشتاق إلى رديف جديد، ويوم جديد، ونزف جديد.
إليك أمي.. تختصرين كل نساء وطني في دمعتك المحبوسة وراء ألف دائرة حب..
أقول لكِ.. لهن.. كل سنة وكل يوم وأنتن الخير.. وبخير.
ـ