الشهوات والثوابت من منظور قرآني:
قال عز من قائل، في كتابه الكريم ونهجه القويم:
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب(14) قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين أتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهارخالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد(15).سورة آل عمران
صدق الله العلي العظيم.
الدين الإسلامي دين واقعي بكل مافي كلمة واقع من معنى، ولا يكتب هذا الكلام شيخ طاعن في السن قابع في قرية نائية من قرى أفغانستان أو خرابستان، ويعيش خزعبلات روي عن أبي حذيفة، بل مثقف منفتح يعيش قمة الحضارة والمدنية، وهويشاهد العشرات من الكتاب والعلماء والمثقفين الغربيين من يقبلون على إعتناق الدين الإسلامي كل سنة وبإعداد ملحوظة، ويكاديجزم بإنهم أفضل بكثير ممن شب وترعرع مسلما.
ومن واقعية هذا الدين الخالدهو تعامله الواقعي الإنساني مع البشر، بعكس المثاليات التي تطرحها الكنيسة المسيحية والتي تناقض مجموع السلوك البشري وماجبل عليه. أو العنصريات البغيضة مثل شعب الله المختار التي تروج لهاو تستثمرها اليهودية، في جمع شتاتها من كل أنحاء العالم لتسكنه في عقر دارنافلسطين المغصوبة.
الإنسان بطبعه مجبول على الميل إلى الجمال ومتعلقاته. فمن وجه صبيح آسر إلى روض أخضر ساحرمحفوف بشجر سامق ونميرماء دافق إلى صوت عذب يشدوبه هزارباشق.
وأيضا جبل الإنسان على حب الزعامة والسيطرة وحب التملك والثراء والغنى وإلى آخره من المغريات التي شغلت بال الإنسان في مشواره الطويل إثناء حياته الدنيوية.
هذاالميل الذي أوجده الخالق جل وعلا في الإنسان كان مصدرا للإغراء والفتنة وبابا من أبواب المخاطرالتي تحدق به بمستقبله.
جاءت الرسالة للتعامل مع ماجبل عليه البشربواقعية وعدالة موجدة ومحققة نوعامن التوازن الذي يحتاجه البشرليعيش إجتماعيامنصفا موادعالبني جنسه.
الرسالة مذكرة لبني البشر، بإن المغريات التي جبلتم عليها هناك ماهو أفضل وأبقى لكم منها وهي ماضمنه لكم الباري عزوجل في غالم الغيب فإذا كانت مغرية الجنس هي أقوى مغرية دنيوية جبل عليها البشرفهي بلا شك الأقل أهمية وجدوى في الدار الآخرة.
ثواب الآخرة يبدأ بالجنات التي تجري من تحتها الإنهار إلى الأزواج المطهرة(قارنها بشهوة النساء في دار الدنيا) والإزواج المطهرة التي لم تمس بعكس نساء الدنياالتي تنتقل من شخص لآخر، لتنتهي بأقوى ثواب وجزاء تتوقه له النفس المؤمنة وهورضوان الله الذي مابعده جزاء، وإحسان مابعده إحسان، وفوز مابعده فوز.
إن من يعش في عالم المعنويات ويقارنه بعالم الحيوانيات يلمس كم هو العطاء الذي هو فيه والذي يأخذ بمجامع فكر الإنسان وكيانه فكلماأرتفعت معنويات الإنسان كلما إزداد ولعا وحبا لما رفع معنوياته!! بعكس عطاء الحيوانيات فبعد كل نشوة دنيوية، تنتاب المنتشي حالة من التراجع والقرف! وبإمكان الفرد ملاحظة ذلك في من يقبل على الطعام اللذيذ بشهية لحد الشبع فيحس بعدها بالضيق من الشبع أو من يقارن ذلك في بقية الملذات.
وعندما يحس الإنسان بماجبل عليه من شهوات زائلة ومغريات خاملة ويقارن بماوعد به من نعيم دائم وفوز حالم تتصاغرفي عينه كل مغريات الدنياويتجه للمعنويات الأخروية للأستزادة منهاأكثر وأكثر فيعم خيره الجيمع آملا الفوز برضاء الله تعالي والذي مابعده فوز.
فصدق قول عز من قائل: سنريهم آياتنا في الإفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك إنه على كل شئ شهيد. آية 53 سورة فصلت.